الإثنين - 07 يوليو 2025 - الساعة 08:40 م
يمثّل السابع من يوليو من كل عام، يومًا محفورًا في ذاكرة الجنوبيين، ليس باعتباره مجرد تاريخ، بل كصفحة مفصلية تحكي قصة شعب انتفض من رماد الهزيمة ليصنع فجرًا جديدًا من الحرية والإباء. ففي مثل هذا اليوم من عام 1994، تعرضت أرض الجنوب لاحتلال غاشم فرضته آلة الحرب الشمالية، التي انقلبت على اتفاق الوحدة الذي كان من المفترض أن يجمع الشمل في 22 مايو 1990. يومها، لم تتردد منظومة صنعاء في تجنيد كل قواها العسكرية والأمنية، بل وتحالفت مع جماعات متطرفة لخوض حرب غير متكافئة ضد شعب الجنوب الذي كان يطمح لوحدة حقيقية مبنية على الشراكة والعدل.
كانت نتائج ما بعد 7 يوليو 1994 وخيمة ومؤلمة. فالتسريح التعسفي للآلاف من أبناء الجنوب من الأجهزة العسكرية والمدنية، ونهب المؤسسات الحكومية، خلّف عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل، وأشعل شرارة الرفض والمقاومة في النفوس. هذه الأخطاء الفادحة من قبل نظام صنعاء، الذي تعامل مع الجنوبيين برؤية قاصرة، بعثت روح النضال من جديد.
توالت محطات الرفض الجنوبي، من موج إلى حتم، مرورًا باللجان الشعبية عام 1998، وصولًا إلى "تاج" الذي شكل إحدى أبرز محطات رفض الاحتلال. لكن اللحظة الفارقة التي سرّعت من وتيرة الانفجار الجنوبي كانت مع انطلاق ملتقيات التصالح والتسامح الجنوبي من جمعية ردفان عام 2006، على يد نخبة من أبناء الجنوب. هذه الملتقيات أسست لأرضية صلبة، دفعت بالنضال الوطني التحرري الجنوبي نحو خطوات أكثر تقدمًا وتنظيمًا.
كانت ثمرة هذه الجهود واضحة جلية في صباح السابع من يوليو 2007، عندما شهد الجنوب حشدًا جماهيريًا غير مسبوق، نظمته جمعية المتقاعدين العسكريين والمسرحين قسرًا، بالتعاون مع كيانات نضالية جنوبية أخرى. يومها، أُعلن عن **ميلاد الحراك السلمي الجنوبي**. هذا الحراك الذي ترسخت قناعاته يومًا بعد يوم بأن الجنوبيين يمتلكون تاريخًا وهوية حاول الاحتلال طمسهما بالقوة.
تطورت الشعارات تدريجيًا، فبعد أن كانت تطالب بإصلاحات، تحولت إلى مطالبات صريحة بـ**استعادة الدولة الجنوبية**. وبسرعة البرق، انتشر الحراك كالنار في الهشيم في كل أرجاء الجنوب، مثيرًا قلقًا وصداعًا لمنظومة حكم صنعاء التي واجهته بالقمع والقتل، وزجّت بالمئات في المعتقلات. إلا أن هذه الإجراءات لم تزد الحراك إلا قوة وصلابة واستمرارية.
جاء الغزو الثاني للجنوب عام 2015 على يد مليشيا الحوثي وحلفائها، في وقت كان فيه الحراك قد أوصل شعب الجنوب إلى مرحلة متقدمة ومفصلية من التنظيم وخلق واقع مقاوم. هذا الواقع المقاوم هو ما قاد إلى **الانتصار ودحر المحتل** من عدن وأغلب المحافظات الجنوبية، ليُثبت للعالم أن إرادة الشعوب لا تُقهر.
إن السابع من يوليو 2025، يجدنا اليوم أكثر إيمانًا بأن هذه الأرض، التي سالت عليها دماء الأجداد والشهداء، ستظل شامخة حرة. إنه يوم تجديد العهد على مواصلة المسيرة، حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا في الحرية والسيادة، وإقامة دولته المستقلة بكامل سيادتها.