كتابات وآراء


الثلاثاء - 12 أغسطس 2025 - الساعة 09:42 م

كُتب بواسطة : د.مريم العفيف - ارشيف الكاتب



يحتفل العالم في الثاني عشر من أغسطس من كل عام بـ اليوم العالمي للشباب، مناسبة اعتمدتها الأمم المتحدة منذ عام 1999 لتسليط الضوء على قضايا الشباب ودورهم المحوري في صناعة الحاضر والمستقبل. هذا اليوم ليس مجرد احتفال رمزي، بل فرصة لتقييم واقع هذه الفئة العمرية الهامة، ورسم ملامح السياسات التي تتيح لها المشاركة الفاعلة في التنمية وبناء المجتمعات.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية الانتقال من مجرّد تمثيل الشباب في المبادرات والمناصب، إلى تمكينهم الحقيقي من خلال آليات واضحة تعتمد على معايير الكفاءة والمفاضلة. هذه المعايير، المعتمدة عالميًا ودوليًا، تضمن أن تكون الفرص متكافئة، وأن يُختار الأكفأ والأقدر على الإسهام في تحقيق الأهداف الوطنية، مما يحوّل المشاركة الشبابية من كونها رمزية إلى كونها قوة إنتاجية مؤثرة ومستدامة.


---

الشباب: القوة التي لا تنضب

يمثّل الشباب اليوم النسبة الأكبر من سكان العديد من الدول النامية، ما يجعلهم الثروة الحقيقية ورأس المال البشري الأهم. فهم يتمتعون بالحيوية، والقدرة على الابتكار، والمرونة في التكيّف مع التغيّرات. ومع توفير التعليم الجيد، وفرص التدريب، والتمكين الاقتصادي المبني على الكفاءة، يصبحون المحرّك الأساسي لعجلة التنمية.


---

تحديات على الطريق

رغم الإمكانات الكبيرة، يواجه الشباب في كثير من البلدان — ومنها دولنا العربية — تحديات متشابكة، أبرزها:

ارتفاع معدلات البطالة.

ضعف فرص التدريب المهني.

الهجرة القسرية أو الاقتصادية.

تأثير النزاعات وعدم الاستقرار السياسي على أمنهم ومستقبلهم.


هذه التحديات تجعل الحاجة ماسة لبرامج متخصصة تعالج الجذور، مع اعتماد مبدأ المنافسة العادلة لاختيار الشباب الأنسب لقيادة هذه البرامج وتنفيذها.


---

التمكين.. من الشعار إلى التطبيق

التمكين الحقيقي لا يتحقق بالخطابات وحدها، بل بخلق بيئة تدعم مشاركة الشباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية على أساس الكفاءة والجدارة. ويشمل ذلك:

توفير فرص تعليم وتدريب مرتبطة مباشرة باحتياجات سوق العمل.

دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة مع إعطاء الأولوية للأفكار الأكثر جدوى.

إشراك الشباب في صناعة القرار عبر المجالس والهيئات الاستشارية، باختيار من يملكون الخبرة والقدرة على التأثير.

تعزيز دور المرأة الشابة وتمكينها وفق معايير مهنية متساوية مع الرجل.



---

الشباب والتنمية المستدامة

أهداف التنمية المستدامة (SDGs) للعام 2030 لن تتحقق دون مساهمة حقيقية من الشباب. فالمشروعات المبتكرة في مجالات الاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، والعمل التطوعي، تحتاج إلى طاقات شابة مختارة بعناية، بحيث يتم تعظيم العائد من كل فرصة متاحة.


---

رسالة اليوم العالمي للشباب

إن هذه المناسبة تذكير بأن مستقبل أوطاننا مرهون بقدرتنا على تحويل طاقات الشباب إلى إنجازات ملموسة. وهذا لن يتحقق إلا إذا ربطنا التمكين بالكفاءة والمفاضلة، لضمان أن من يمثل الشباب ويدير مواردهم هم الأكفأ والأقدر على صناعة الغد. فالاحتفاء الحقيقي بهم هو في منحهم الأدوات والفرص التي تمكّنهم من تحويل أحلامهم إلى واقع، لتظل أمتنا نابضة بالحياة وقادرة على المنافسة في عالم سريع التغيّر.