الرئيس الزُبيدي يلتقي نائب رئيس الوزراء الروسي لبحث تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجنوب وروسيا.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يصل موسكو ويلتقي وزير خارجية روسيا الاتحادية

الكثيري يبحث مع وفد المبعوث الأممي مستجدات العملية السياسية وجهود إحلال السلام في بلادنا.. انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الثلاثاء - 28 أكتوبر 2025 - الساعة 05:20 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / تقرير: مريم بارحمة

يعدُّ منفذ الوديعة البري الرابط بين حضرموت والمملكة العربية السعودية واحدًا من أهم المنافذ التجارية والاقتصادية في الجنوب فهو شريانًا استراتيجيًا للحركة التجارية، لكنه تحوّل خلال السنوات الماضية إلى بؤرة نفوذ وفساد واحتلال اقتصادي تمارس من خلالها قوى الشمال، وعلى رأسها المدعو هاشم الأحمر هيمنتها غير المشروعة على مقدرات حضرموت والجنوب. وهو أحد القيادات العسكرية الشمالية الموالية لحزب الإصلاح (جناح الإخوان المسلمين في اليمن)، سيطرة فعلية على منفذ الوديعة التجاري من خلال شبكات عسكرية وإدارية تدين له بالولاء.
هذا الواقع أثار غضبًا حضرميًا وجنوبيًا واسعًا، تُرجم في مطالبات علنية بتسليم إدارة المنفذ إلى أبناء حضرموت باعتباره حقًا سياديًا أصيلًا، ضمن مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية العادلة التي تقودها المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي.



 سيطرة غير شرعية أم واقع أمني مؤقت؟

من ناحية الشكل، يقدم المتنفذون في مأرب وصنعاء رواية الضرورة الأمنية أو الحلول المؤقتة؛ لتبرير وجودهم في مواقع حسّاسة مثل الوديعة. لكن من ناحية المضمون والنتائج، تتحول هذه التبريرات إلى شرعنة فعلية لنهب الموارد وإدارة اقتصادات إقليمية لمصلحة شبكات نفوذ. سيطرة هاشم الأحمر على الوديعة ليست مجرد حضور فردي؛ إنها نموذج حكم موازٍ يمارس وظائف سيادية — تحصيل رسوم، تنظيم حركة البضائع، فرض إتاوات، وتوجيه الموارد بعيدًا عن أصحاب الأرض. 
هذه الظاهرة تعبّر عن فشل جزئي في آليات الرقابة الوطنية والدولية على المنافذ الحدودية، وعن مدى هشاشة الوضع القانوني المؤسسي داخل بنية الدولة اليمنية الممزقة. لذلك، لا يجوز قراءتها كـ�استثناء� بل كأحد وجوه أزمة أعمق في التوزيع الجغرافي للسلطة والثروة.


-حضرموت تطالب بحقها السيادي

المنطق القانوني والسياسي للمطالبة الحضرمية بسيطرة محلية على الوديعة يتأسس على ثلاثة عناصر رئيسية:
- المبدأ الإقليمي للسيادة الاقتصادية: الموارد والمنافذ التي تقع ضمن الإقليم الإداري يجب أن تُدار لصالح سكانه، خصوصًا عندما تكون العوائد بالغة التأثير على الخدمات المحلية والتنمية.
- الشرعية الشعبية والتخفيض من الاحتكاكات: إدارة محلية تقلل الاحتكاكات بين السكان وقوات خارجية، وتضمن تمثيلًا للمجتمع المحلي في آليات توزيع المنافع.
- الكفاءة الأمنية والاقتصادية: أبناء حضرموت يمتلكون معرفة محلية وقدرة تنظيمية وربطًا مجتمعيًا يسهّل تأمين المنفذ وإدارته بشفافية أكبر من شبكات الزبونية المرتبطة بمراكز نفوذ خارجية.



إضافة إلى ذلك، فإن الحق في إدارة المنافذ السيادية يأتي كمسألة استقرار طويل الأمد: إذ إن غياب الإدارة المحلية يحوّل المنفذ إلى ساحة تناحر تؤثر على الأمن الاقتصادي والانسجام الاجتماعي.
القيادات الحضرمية ترى أن استمرار سيطرة قوى النفوذ الشمالية على المنفذ إهانة لسيادة حضرموت ولإرادة أبنائها، خصوصًا أن تلك السيطرة لم تجلب سوى النهب والإقصاء والتهميش.
ويؤكد ناشطون أن حضرموت تمتلك من الكفاءات والخبرات الأمنية والإدارية ما يؤهلها لإدارة منفذها بكفاءة وشفافية، بعيدًا عن شبكات الفساد التي تديره اليوم.



-قوى النفوذ الشمالية.. أدوات الهيمنة وأهدافها

تحولت السيطرة على الوديعة لصالح قوى وفق مصالح متعددة: تمويل شبكات مسلحة، التحكم في خطوط الإمداد، والاستفادة من عوائد تجارية غير خاضعة للمساءلة. أدوات هذه القوى تتراوح بين: الوجود العسكري شبه الرسمي عبر تشكيلات موالية لأفراد محددين. والتحكم الإداري والجمركي عبر وكلاء ومحسوبيات. والتحالفات مع شبكات تهريب تضمن أرباحًا متكررة وتنتج منظومة اقتصادية موازية. إن الهدف الاستراتيجي ليس مجرد مصادرة ربح اقتصادي، بل إدماج حضرموت في شبكة نفوذ تهدف لعزلها عن المشروع الجنوبي، وقطعها عن أي بنية دولة جنوبية محتملة.



-التبعات الأمنية والاقتصادية على الجنوب وحضرموت

منطق اقتصادي بسيط: تحويل عوائد المنفذ إلى جيوب شبكات نفوذ يعني حرمان موارد قد تكون مخصصة للاستثمار في البنية التحتية، الصحة، التعليم، والأمن المحلي. أما على المستوى الأمني، فوجود قوى مسيطرة على منفذ حدودي يزيد من احتمالات تهريب أسلحة وتمويل جماعات متطرفة، وهو ما رصدته الأحداث الميدانية في نطاق وادي حضرموت.
النتيجة: إضعاف قدرة المؤسسات المحلية على توفير الأمن، وإطالة عمر الفوضى التي تخدم مصالح قوى خارجية، وتوليد بيئة يزداد فيها الإحباط الشعبي وميل الشباب إلى الدخول تحت عباءة من يقدم مصدر دخل أو حماية.



-الاغتيال المستهدف كإظهارٍ لعمق الأزمة

محاولة اغتيال الناشط الحضرمـي عامر بن حبيش الصيعري ليست حادثة عابرة؛ بل إشارة واضحة إلى درجة التصعيد التي تصل إليها شبكات النفوذ حين تواجه حراكًا سلميًا للمطالبة بالحقوق. فالاغتيال السياسي هنا يُستخدم كأداة ردع لتخويف المجتمع المدني، لإضعاف طاقاته القيادية، ولإرسال رسالة مفادها أن المطالب السيادية ستقابل بالعنف إن استمرّت.
هذه الحالة تؤكد ضرورة حماية النشطاء وتوسيع الرادع الدولي والإقليمي ضد قمع الأصوات المحلية المطالبة بالإصلاح وإعادة السيادة.



-حضرموت القلب النابض للجنوب

إن حضرموت جزء أصيل من الجنوب، وهي الركيزة الاقتصادية والثقافية التي لا يمكن لأي مشروع وطني جنوبي أن يكتمل دونها.
لقد عبّر أبناء حضرموت مرارًا عن تمسكهم بخيار الدولة الفيدرالية الجنوبية، باعتبارها الضمانة الحقيقية لإدارة عادلة للموارد وتوزيع السلطة والثروة على أسس وطنية لا قبلية ولا حزبية.
وبينما تحاول قوى الشمال تشويه الوعي الحضرمي وإقناعه بالانعزال أو الخصوصية المفصولة، فإن الواقع والتاريخ والجغرافيا يؤكدون أن حضرموت لن تكون إلا في صف الجنوب، وأن مشاركتها الفاعلة في رسم مستقبل الدولة الجنوبية هو خيار وطني واستراتيجي.



-الدور الحاسم للمجلس الانتقالي الجنوبي

المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي يلعب دورًا مزدوجًا: سياسيًا يتمثل في إسناد مطالب حضرموت وإعلان تأييد استعادة الإدارة المحلية للمنافذ؛ وميدانيًا عبر دعم ترتيبات أمنية محلية قادرة على ملء الفراغ. هذا الدور ليس مجرد تقاطع مصالح؛ بل يتسق مع مشروع أوسع لإقامة دولة فيدرالية جنوبية تضمن الحكم الذاتي والعدالة في توزيع الموارد.
تعزيز موقف الانتقالي يتطلب تحويل الدعم البياني إلى خارطة طريق مؤسسية: تفاهمات إقليمية، آليات إشراف دولي، ونظام رقابي شفاف على عوائد المنافذ.



-التضليل الإعلامي وآليات تبرير الهيمنة

تستخدم وسائل إعلامية موالية لسردية النفوذ عدة تقنيات تضليلية منها: تصوير المطالبة المحلية بأنها مناطقية أو محاولة لتفتيت النسيج الوطني، أو تصوير وجود القوات الشمالية كحلٍ لأزمة أمنية. تفكيك هذه السردية يستلزم: نشر بيانات مالية وتقارير عن عوائد المنفذ ومصيرها. وتوثيق انتهاكات حقوق السكان وعمليات النهب. وإبراز نماذج إدارة محلية ناجحة في سياقات مشابهة. فالهدف هو تحويل وعي المجتمع المحلي والإقليمي من ردات فعل إلى فهم مؤسسي لحقوق السيادة. وهناك خيارات استراتيجية منها: بناء نموذج بديل لإدارة المنفذ. بينما التوصية المركزية تقوم على ثلاثة مسارات موازية ومتزامنة:
-إدارة انتقالية محلية بإشراف دولي: تشكيل مجلس إدارة يتألف من ممثلين حضرميين، خبراء جمركيين، ممثلين للمجتمع المدني، مع إشراف مؤقت للتحالف العربي أو جهة دولية محايدة لضمان النزاهة والشفافية.
-آلية رقابية مالية: فتح حسابات شاملة لعوائد المنفذ تُدار بشفافية وتُخضع لتقارير دورية تُعرض على جهات رقابية محلية وإقليمية.
-إعادة هيكلة أمنية بعيدة عن الأحادية: تشكيل قوة أمنية محلية تحت إشراف مدني حضرمي، مع ترتيبات تعاون استخباري مع شركاء إقليميين لمكافحة التهريب والإرهاب.
هذه الخطوات تتيح تجاوز الخطاب الشعاراتي وتقديم حلول عملية تقلل المخاطر وتؤمن الانتقال المؤسسي.


-حماية حضرموت حماية للجنوب بأسره

قضية الوديعة هي حجر زاوية لفهم أوسع لصراع السيطرة على الجنوب: بين مشروع سيطرة مركزية هشة قائم على شبكات نفوذ، ومشروع تحرري مؤسساتي يسعى لإرساء سيادة محلية عادلة. استعادة إدارة الوديعة لصالح أبناء حضرموت لا تعني عزلًا أو انفصالًا بمعناه السلبي، بل هي خطوة ضرورية نحو إرساء قواعد حكم رشيد يسهم في تقوية الدولة الفيدرالية الجنوبية المنشودة.

في نهاية المطاف، حماية مصالح حضرموت تعني حماية مصالح كل الجنوب اقتصاديًا، أمنيًا وسياسيًا، ومن ثم فإن دعم المجلس الانتقالي ومكونات المجتمع الحضرمي لتثبيت إدارة محلية شفافة للمنافذ ليس مطلبًا مناطقيًا ضيقًا، بل استثمار في استقرار المنطقة بأسرها.


-رفض أي وصاية خارجية على حضرموت

في خضم هذه الأحداث، برز موقف واضح من القوى الحضرمية والمجلس الانتقالي الجنوبي على السواء، رافض لأي وصاية خارجية على حضرموت، سواء أتت من صنعاء اليمنية أو من أي جهة تحاول مصادرة القرار الحضرمي.
حضرموت ليست تابعة لأحد، وهي اليوم أكثر وعيًا وإصرارًا على أن يكون قرارها نابعًا من إرادة أبنائها لا من حسابات قوى النفوذ أو مراكز القرار الفاسدة في مأرب وصنعاء.


-استعادة السيادة وبناء المستقبل

قضية منفذ الوديعة لم تعد مجرد صراع إداري، بل أصبحت رمزًا لمعركة السيادة والتحرر من الهيمنة اليمنية.
لقد آن الأوان أن يُرفع الغطاء عن شبكات الفساد والإرهاب التي تنهب خيرات حضرموت، وأن يُسلَّم المنفذ لأبناء المحافظة في إطار مشروع الدولة الفيدرالية الجنوبية التي تؤمن بالعدالة والمواطنة المتساوية.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي ومعه كل أبناء الجنوب، يقفون اليوم صفًا واحدًا مع حضرموت، مؤمنين أن تحرير منفذ الوديعة هو خطوة على طريق استعادة الجنوب الكامل، وبناء مستقبلٍ تسوده السيادة والكرامة والعدالة.