الرئيس الزُبيدي: إجراءات حضرموت والمهرة لتأمين الجنوب والوجهة نحو صنعاء.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يطّلع على جهود تطبيع الأوضاع وتثبيت دعائم الاستقرار بالمهرة وسقطرى



كتابات وآراء


الجمعة - 19 ديسمبر 2025 - الساعة 10:54 م

كُتب بواسطة : أحمد عبداللاه - ارشيف الكاتب




مرَّ أهل الجنوب بظروف استثنائية، بالغة القسوة، وغير مسبوقة في التاريخ، ومع ذلك ظل الأمل حاضراً، بوصفه وعياً حتمياً بالبقاء، إذ إن فقدانه في المسائل المصيرية ليس خياراً.

معركة الجنوب ليست صراعاً على سلطة مع تيارات وأحزاب ونخب، ولا نسخة متأخرة من حروب التحرر الوطني في منتصف القرن الماضي، لأن الجبهات تغيّرت، والمعارك تبدّلت، وكذلك الخطاب والإعلام والسرديات.

أما حجمُ التضليل، فلا شبيه له في التاريخ القديم ولا الحديث. تضليل تصدّرته أذرع إعلامية خارجية وداخلية، في مقدّمتها إعلام تنظيمات الإسلام السياسي، بحلقاتها الممتدة بين الشرق والغرب، و من دول ما وراء النهر إلى دول ما أمام البحر، ومن بلاد الطربوش العثماني إلى أرض العمامة الفارسية، ومن جبل الباروك إلى قمم النبي شعيب.

"وكلُّ حزب بما لديهم" يعيش اضطرابات ما بعد الصدمة، عداك عن بعض إخوتنا النخبويين وغيرهم في الشمال المرابط، والشمال المهاجر.

الجميع طوّقوا معاصمهم بالسوار الإلكتروني ذاته، وتوحّدوا أسراباً من الجوارح باتجاه الجنوب، دون استدلال مغناطيسي للوجهة، وإنما وفق خرائط المسارات التي ترسمها غرف الكونترول.

ضجيج إعلامي عابر للحدود والدول، ومحاولات إغراق بمعلومات مضللة. اخترعوا سيناريوهات، ورسموا فزّاعات أمام الإقليم، وحشروا كل قضايا الشرق الأوسط: الصراع العربي–الإسرائيلي، والتطبيع، وسائر الأوجاع المفتوحة.

وربطوا قضية الجنوب بكل ما يثير ألم الشارع العربي، ليؤكدوا أنه من غير بقاء الجنوب تحت الهيمنة بإسم الوحدة القسرية، فإن الشرق الأوسط، بممراته ومصالحه، سيذهب إلى حيث ألقت رحلها…

وكأن الحوثي وتنظيم الإخوان، فرع اليمن، هم من يحرسون حدود هذا الشرق وأبوابه!

وهكذا تُساق يومياً ألف حكاية وحكاية مما يعدون، بانتظار أن تصدقهم نخب العرب، وكأنهم يخاطبون جماعات من قبائل الأمازون!

ذلك كلّه ما يجعل صمود الجنوبيين أسطورياً، في حرب متعددة الجبهات، تتجاوز القوالب الجاهزة التي صاغتها القواميس السياسية الكلاسيكية، وتتمرّد على تصنيفات أطراف الصراعات المعروفة في المنطقة وخارجها.

كيف استطاع الجنوب، رغم كل ذلك، أن يصمد وأن ينهض؟ وكيف واجه، وما يزال، واحدةً من أعقد الحروب الحديثة، وأكثر الآلات الإعلامية شراسةً وتأثيراً في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر؟

إنه سؤال يحتاج إلى عقول فلاسفة، وبصيرة مؤرخين، وتحليل علماء نفس، لفهم ديناميات الصمود، وكيف يشتدّ معنى الهوية حين تُحاصَر، ويغدو الدفاع عنها مسألة وجودية.

الجنوب اليوم هو أكثر شعب يحمل ذاكرة دولته ويُحصن هويته، لأنه خلال زمن الوحدة تعرّف إلى قيمة هذه المعاني على نحوٍ لم يكن ليتعلّمه منذ أن وجد على هذه الأرض.

الأمل يكبر في كل لحظة… ولا يتوقف عند استعادة الدولة.

أحمــــــــدعبداللاه