الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يطّلع على جهود تطبيع الأوضاع وتثبيت دعائم الاستقرار بالمهرة وسقطرى

الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل في وزارة الإدارة المحلية بالعاصمة عدن..انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بجامعة عدن ويؤكد دعمه لتطوير العملية التعليمية.. انفوجرافيك



كتابات وآراء


الخميس - 18 ديسمبر 2025 - الساعة 01:48 م

كُتب بواسطة : مريم بارحمة - ارشيف الكاتب


يفرض واقع التحولات السياسية والميدانية في الجنوب نفسه اليوم كحقيقة لا يمكن تجاوزها، بعد أن دخلت قضية شعب الجنوب مرحلة الحسم التاريخي التي تحسم معها مسارات الصراع وتغلق أبواب العودة إلى الوراء. فقد تكرّس مسار وطني جديد يؤكد أن استعادة القرار الجنوبي لم تعد محطة مؤقتة، بل أساسًا سياسيًا راسخًا يقود شعب الجنوب نحو تقرير مصيره واستعادة دولته كاملة السيادة.

ويعكس ما تحقق خلال السنوات الماضية مسارًا تراكميًا من النضال والتضحيات، لا يمكن اختزاله في ظرف طارئ أو لحظة انفعال سياسي. فقد انتقل الجنوب من موقع التهميش والإقصاء إلى موقع الفعل والتأثير، مستندًا إلى إرادة شعبية واسعة وواقع سياسي وأمني أعاد صياغة موازين القوة، وفرض نفسه كمعادلة يصعب القفز عليها أو الالتفاف حولها.

وتُعد استعادة القرار الجنوبي جوهر هذا التحول العميق، إذ باتت قضية شعب الجنوب تُدار من داخلها، لا من خارجها، وتُعبَّر عنها بإرادة سياسية واضحة، لا عبر حلول مجتزأة أو تسويات مؤقتة أثبتت التجربة عجزها عن تحقيق الاستقرار أو العدالة. لقد أصبح الجنوب حاضرًا بقراره، وبقدرته على حماية مكتسباته، وبصوت سياسي يعكس تطلعات شعبه دون وصاية أو إملاءات.

في المقابل، يبرز التراجع عن الخطوات التي تم إنجازها كأخطر التحديات التي قد تواجه قضية شعب الجنوب في هذه المرحلة. فالتراجع لا يُفسَّر كخيار تهدئة، بل يُقرأ كإشارة ضعف، ويفتح المجال أمام عودة مشاريع الهيمنة التي قادت الجنوب إلى أزمات متلاحقة على مدى عقود. كما أن أي ارتداد عن مسار تقرير المصير من شأنه إرباك الداخل الجنوبي، وضرب حالة الثقة بين القيادة والشارع، وهي الثقة التي تشكل الركيزة الأساسية لأي مشروع وطني جامع.

وتتجاوز مخاطر التراجع حدود الداخل، لتطال البعدين الإقليمي والدولي، حيث تُقاس القضايا بثبات مواقفها وقدرتها على حماية منجزاتها. فالقضية التي فرضت نفسها كحقيقة سياسية قائمة قد تفقد جزءًا من زخمها إذا ما ظهرت بمظهر المتردد أو العاجز عن تثبيت مكتسباته، الأمر الذي يمنح القوى المعادية فرصة لإعادة خلط الأوراق وتهديد أمن الجنوب واستقراره.

وتتحمل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية تاريخية بوصفه الحامل السياسي لقضية شعب الجنوب، وهي مسؤولية تتطلب وعيًا عاليًا بطبيعة المرحلة وحساسية التوازن بين الواقعية السياسية والثبات على الثوابت الوطنية. فالمطلوب هو إدارة ذكية للمسار، تحمي الهدف الاستراتيجي المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، دون انجرار إلى تسويات تنتقص من جوهر القضية.

وتؤكد التجربة أن إرادة شعب الجنوب عصيّة على الالتفاف أو الكسر، وأن أي محاولة للقفز على تضحياته محكومة بالفشل. فقد تحولت هذه القضية إلى وعي جمعي راسخ، وقناعة وطنية بأن مسار استعادة القرار لم يعد خيارًا قابلًا للمراجعة أو التراجع. وعليه، يمضي شعب الجنوب بثبات وإصرار نحو مستقبل يصون فيه حقه الوطني، ويحمي منجزاته، دون مساومة على جوهر قضيته أو التفريط بتضحياته.