الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 - الساعة 05:33 م
في الجنوب، حيث تتشابك خيوط التاريخ مع حاضرٍ مثقلٍ بالتحديات، وحيث الأرض تنبض بذاكرة النضال، تقف القوات الجنوبية كالسور المنيع، وكالدرع الحصين الذي يحمي جسد الوطن من أنياب الغزاة ومكائد الطامعين.
المقاومة الجنوبية ليست مجرد تشكيلات عسكرية، بل هي روح الجنوب المتجسدة في رجالٍ حملوا على أكتافهم أمانة الأرض، وصاغوا من عرقهم ودمائهم صمّام أمانٍ يضمن بقاء الجنوب حرًّا عزيزًا.
لقد ولدت هذه القوات من رحم المعاناة، ونمت في أحضان التضحيات، حتى غدت اليوم عنوانًا للصمود، ورمزًا للكرامة، وركيزةً أساسية في معادلة الأمن والسيادة.
فهي التي تذود عن الأرض، وتحرس الحدود، وتقطع شرايين الفوضى، لتبقى راية الجنوب خفّاقة في سماءٍ لا تعرف الانكسار.
إن القوات الجنوبية ليست فقط قوةً عسكرية، بل هي مشروع وطني متكامل، يجمع بين الإرادة الشعبية والقرار السياسي، بين حلم الدولة الحديثة وواقع التحديات.
هي اليد التي تبني كما هي اليد التي تحمي، وهي الصوت الذي يعلن أن الجنوب لن يكون هشًّا أمام العواصف، بل سيظل صامدًا، متماسكًا، واثقًا بخطاه نحو المستقبل.
وهكذا، تظل القوات الجنوبية صمّام الأمان الذي يحفظ للجنوب استقراره، ودرعه الحصين الذي يذود عن كرامته، لتبقى الحكاية مستمرة .. حكاية شعبٍ قرر أن يعيش حرًّا، وأن يبني دولته على أسس العدالة والسيادة والكرامة الإنسانية.
وفي الجنوب، حيث تتماوج السواحل كأجنحةٍ من نور، وتنهض الجبال شامخةً كحُرّاسٍ أبديين، وُلدت قصةٌ لا تشبه سواها؛ قصة شعبٍ حمل في قلبه جمرة الحرية، وفي روحه عناد الأرض التي لا تُستباح.
هنا في الجنوب ، بين رائحة الملح ووهج الشمس، تفتّحت أولى براعم الحراك السلمي، كأغنيةٍ هادئةٍ تنشد الحق، وكصرخةٍ مكتومةٍ تبحث عن العدالة.
لكن التاريخ لا يكتفي بالهمس، بل يطلب الصوت العالي، فكان لا بدّ أن تتحوّل تلك الأغنية إلى ملحمة، وأن يتبدّل السلم إلى مقاومة، لتكتب الأرض بدماء أبنائها فصولًا جديدة من الكرامة.
ومن بين الرماد، نهض الجنوب كالعنقاء، يعلن أن الهزيمة ليست قدرًا، وأن الشعوب التي تؤمن بحقها لا تنكسر مهما طال الليل.
الانتصارات التي تحققت في حضرموت والمهرة ليست مجرد فعلٍ عابر، بل هي الابن الشرعي للانتصار الذي تحقق في عام 2015 ، والقوات الجنوبية هي الابناء الشرعي للمقاومة الجنوبية ؛ وهي الوريث الذي حمل الأمانة، وأكمل المسيرة، وصاغ من التضحيات جسورًا نحو الانتصار.
هي الحكاية التي بدأت بالوعي، ثم ارتوت بالصبر، ثم أزهرت بالنصر، لتؤكد أن الجنوب ليس جغرافيا تُرسم على الخرائط، بل هو هويةٌ متجذّرة، وروحٌ عصيّة على الانطفاء، وحلمٌ يتجدّد مع كل فجر جديد.
واليوم، يقف الجنوب على أعتاب مرحلةٍ جديدة، حيث تتحوّل الانتصارات العسكرية الى مكاسب سياسية والمكاسب السياسية إلى مشروع دولة، وتتحوّل التضحيات إلى أعمدةٍ تُشيّد عليها العدالة والحرية والسيادة.
إنها لحظةٌ فارقة، لحظةٌ يلتقي فيها الماضي بالحاضر، ليصنعا معًا مستقبلًا يليق بشعبٍ لم يعرف سوى طريق الكرامة، ولم يرضَ سوى أن يكون سيدًا على أرضه.
واليوم، يقف انتصار 2025 كحلقة جديدة في سلسلة المجد ، واستمرارًا لمسيرة نضال لم تنقطع، تؤكد أن الجنوبيين شعبٌ قادر على التحدي والصمود، وأن جذوة الحرية في قلوبهم لا تنطفئ.
إن الانتصارات التي حققتها القوات الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة ليست حدثًا عابرًا، بل هي حلقة متصلة في سلسلة النضال الجنوبي، أسهمت في تحقيق إنجازات مفصلية.
لقد تحقق للجنوب إنجازًا عسكريًا كبيرًا بسيطرته على حضرموت والمهرة، مما يعزز موقفه في المفاوضات المقبلة.
ولتحويل هذه المكاسب العسكرية إلى مكاسب سياسية راسخة، يمكن للمجلس الانتقالي اتباع استراتيجيات عدة:
• تعزيز الوحدة الداخلية وتوحيد الصفوف الجنوبية.
• الانفتاح على المجتمع الدولي وشرح الموقف الجنوبي لنيل الدعم والاعتراف.
• بناء مؤسسات قوية وفاعلة لتوفير الخدمات وتعزيز الاستقرار.
• التواصل مع القوى الإقليمية الكبرى كالسعودية والإمارات لضمان الدعم والمساندة.
• الحفاظ على الأمن والاستقرار لتوفير بيئة آمنة للمواطنين والاستثمارات.
أما الحفاظ على هذا الانتصار فيتطلب:
• تعزيز القدرات العسكرية لمواجهة التحديات.
• بناء اقتصاد قوي يرفد القوات المسلحة ويحسّن حياة المواطنين.
• التواصل المستمر مع المجتمع المحلي لضمان الدعم الشعبي.
إن الجنوبيين اليوم أمام مسؤولية تاريخية ؛ وعليهم أن يوحّدوا صفوفهم تحت راية واحدة، وأن يمضوا في بناء دولة الجنوب الحديثة، دولة تقوم على العدالة والمساواة والحرية، وتكون نموذجًا للكرامة والسيادة في المنطقة.