المجلس الانتقالي الجنوبي يرحّب بتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة ويدعو إلى تعزيز التعاون الدولي..انفوجراف

هبط الصرف والأسعار لا تتحرك .. كاريكاتير

الرئيس الزُبيدي يلتقي نائب رئيس الوزراء الروسي لبحث تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجنوب وروسيا.. انفوجرافيك



كتابات وآراء


السبت - 15 نوفمبر 2025 - الساعة 07:44 م

كُتب بواسطة : عبدالكريم أحمد سعيد - ارشيف الكاتب


يشكل الجنوب اليوم جزءاً أساسياً من معادلة سياسية مركبة، تدار بتفاهمات واتفاقات متعددة المستويات بين قوى محلية وإقليمية ودولية، تعكس طبيعة اللحظة الانتقالية وتعقيداتها. فالمشهد الراهن متداخل مع شبكة المصالح الإقليمية ومتأثر بديناميات التوازن الدولي، وهو ما يجعل إدارة هذه المرحلة عملاً دقيقاً يتطلب حكمة سياسية وقدرة على قراءة التحولات بعين استراتيجية بعيدة المدى.
وفي خضم هذه المعادلة، يبرز أحياناً خطاب انفعالي يتجاهل طبيعة المرحلة وحدود الممكن السياسي، فيصدر أحكاماً قاسية أو اتهامات متسرعة بحق القوى الوطنية الفاعلة، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي.

ومثل هذا الخطاب، وإن انطلق من حماسة أو حسن نية، إلا أنه في كثير من الأحيان يغفل حقيقة أن السياسة ليست سباقاً في إطلاق المواقف، بل فن إدارة المراحل بما يحقق الأهداف الكبرى دون الإضرار بالمصلحة العامة. والحماسة وحدها لا تكفي لبناء مشروع وطني، بل لا بد أن تقترن بالوعي والقدرة على قراءة الواقع كما هو، لا كما نتمناه.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي، بوصفه الممثل السياسي لقضية شعب الجنوب، يتحرك ضمن إطار من التفاهمات والالتزامات الإقليمية والدولية التي لا يمكن تجاوزها، لأن تجاوزها يعني الاصطدام بجدار الواقع وتعقيد المسار. من هنا تأتي أهمية التوازن بين التمسك بالثوابت الوطنية والمرونة في إدارة الملفات المرحلية، فالثبات لا يعني الجمود، والمرونة لا تعني التنازل. إنها معادلة صعبة لكنها ضرورية لحماية المشروع الوطني الجنوبي وتعزيز حضوره في أي تسوية سياسية قادمة.

ولعل من الخطأ اختزال هذا الجهد في معايير عاطفية أو تقييمات آنية، لأن البناء الوطني لا يتحقق بالشعارات المرتفعة، بل بتراكم الإنجازات الهادئة وترسيخ الحضور الجنوبي في مراكز القرار الإقليمي والدولي. فالمراحل الانتقالية تتطلب صبراً استراتيجياً وواقعية سياسية، لا اندفاعاً عاطفياً أو اتهامات لا تستند إلى قراءة دقيقة للواقع.

إن النقد البنّاء ضرورة لتقويم الأداء، لكن بشرط أن يظل منطلقاً من الحرص على المصلحة الوطنية، لا من الرغبة في تسجيل المواقف. فالمرحلة التي يمر بها الجنوب تحتاج إلى خطاب مسؤول وشفافية توازن بين الطموح المشروع والواقع القائم، وتدرك أن الطريق نحو الدولة لا يختصر بردود الفعل، بل يبنى بالتدرج والحكمة والعمل السياسي والمؤسسي.

إن الجنوب اليوم أمام فرصة تاريخية لترسيخ موقعه كشريك أساسي في صناعة الحل، وهذه الفرصة تستوجب اصطفافاً وطنياً واسعاً وإدراكاً جمعياً بأن السياسة الواعية هي امتداد للنضال، وليست بديلاً عنه، بل طريقه الآمن نحو تحقيق أهدافه الكبرى التي ضحى من أجلها الشهداء والأحرار.