الثلاثاء - 15 يوليو 2025 - الساعة 08:19 م
يمثل المجلس الانتقالي الجنوبي نقطة ارتكاز في مسيرة شعب الجنوب نحو استعادة دولته وهويته، وقد استطاع أن يفرض حضوره السياسي والعسكري على الأرض، وسط مشهد معقد تتداخل فيه الإرادات المحلية والإقليمية والدولية. إلا أن هذه المكانة التي بلغها المجلس لم تُبنَ في فراغ، ولم تسلم من التحديات والخصوم الذين يسعون لإجهاض مشروعه أو تفكيكه من الداخل.
يواجه المجلس الانتقالي عوائق متعددة، تبدأ من محاولات داخلية لخلق كيانات موازية تهدف إلى شق الصف، ولا تنتهي عند خصومه الإقليميين والدوليين الذين يسعون للعبث بقضيته، سواء عبر الأدوات الإعلامية أو السياسية أو الاقتصادية. هناك من يريد الزج بالمجلس في مستنقع الفوضى، وتشويهه أمام الداخل والخارج، وتقديمه كجزء من الأزمة لا من الحل.
وهنا علينا أن نكون صريحين: المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم هو الأقدر على تمثيل الجنوب، والأكثر حضورًا على الأرض، وأي محاولة لاستبداله بكيانات مصنوعة في الظل، لن تثمر سوى مزيد من التشتت، ولن تجد قبولاً حقيقياً في الشارع الجنوبي.
لا بد من الوعي بالسياق الدولي والإقليمية المعادلة ليست محلية فقط، ولا يُمكن اختصارها بإرادة جماهيرية فحسب، بل هناك سياقات سياسية إقليمية ودولية لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها. فرض أمر واقع يحتاج إلى أدوات سياسية ودبلوماسية ناضجة، تتفهم التوازنات، وتقرأ مصالح القوى الكبرى، وتعمل في إطارها بذكاء، لا بتحدي غير محسوب.
إن المطالبة بالاستقلال أو تقرير المصير ليست مجرد شعارات، بل مسار معقّد يتطلب التدرج، والعمل المؤسسي، والانخراط الفعال في منظومة السياسات الدولية. من الخطأ الاعتقاد بأن العالم سيتقبل مشروعنا لأنه "عادل" فقط، بل يجب أن يكون مشروعاً واقعياً، عقلاني قابلاً للتنفيذ، ومدعوم تحالفات وعلاقات متينة.
وفي ظل هذه التحديات، لا يُعقل أن يكون الرد على أخطاء المجلس هو هدمه أو مهاجمته إعلاميًا بطريقة تؤدي إلى تمزيق الصف الجنوبي. الإصلاح يجب أن يأتي من الداخل، عبر النقد البنّاء، وتفعيل المؤسسات، وإشراك الكفاءات، وتصويب الأخطاء، لا من خلال مشاريع موازية تهدف للتشتيت لا التغيير.
الحفاظ على ما هو متاح اليوم من مكتسبات سياسية وعسكرية هو الخطوة الأولى للحفاظ على القضية الجنوبية. كل ما تحقق لم يكن سهلاً وأي تهاون قد يعيدنا سنوات إلى الوراء. إن الضغوطات والمؤامرات الخارجية لا يمكن مواجهتها إلا بجبهة جنوبية موحدة، وكيان سياسي متماسك
أمام هذا الواقع، الشارع الجنوبي يتحمل مسؤولية الوعي، بعدم الانجرار خلف العواطف، أو المشاريع التي تسوّق نفسها كبدائل وهمية. الحفاظ على القضية يبدأ بالحفاظ على البيت الجنوبي، والكيان الذي يقوده، مع الدفع نحو التطوير والتصحيح بدلًا من الهدم والتفكيك