4 مايو/ تقرير/ مريم بارحمة
تؤكد الوقائع السياسية والتاريخية، قبل الشعارات والمواقف الآنية، أن حضرموت ليست ساحة متنازع عليها في الهوية أو القرار، بل ركيزة جنوبية أصيلة، تشكّل عمق الجنوب الجغرافي والسياسي والحضاري، وتقف اليوم بوضوح في صف المشروع الجنوبي وقيادته الشرعية، ومع قرارات الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، وفي قلب مسار إعلان دولة الجنوب الغربي بوصفه خيارًا لحماية العروبة وتجفيف منابع الإرهاب.
-حضرموت جنوبية الهوية
لم تكن حضرموت يومًا كيانًا طارئًا على الجنوب، ولا امتدادًا قسريًا لأي مشروع فوقي. فمنذ تشكّل الدولة الجنوبية الحديثة، كانت حضرموت جزءًا فاعلًا في بنيتها السياسية والإدارية والعسكرية، وأسهم أبناؤها في بناء مؤسسات الدولة، وصياغة خطابها الوطني، والدفاع عن سيادتها. الهوية الحضرمية، بما تحمله من خصوصية ثقافية واجتماعية، لم تكن في تعارض مع الهوية الجنوبية، بل شكّلت أحد أعمدتها الأساسية. فالجنوب تاريخيًا قام على مبدأ التنوع داخل الوحدة، والشراكة لا الإقصاء، وهو ما جعل حضرموت حاضرة في الوعي الجنوبي باعتبارها قلب الجنوب الاقتصادي وعمقه الاستراتيجي.
-حين تختار الشعوب موقعها
في لحظة التحولات الكبرى، لا يُقاس الموقف بما يُفرض، بل بما تختاره الشعوب. والمشهد الحضرمي خلال السنوات الأخيرة أظهر بوضوح أن القرار الحضرمي يتجه جنوبًا، سياسيًا وأمنيًا وشعبيًا، رافضًا مشاريع الوصاية، أو محاولات سلخ حضرموت عن محيطها الطبيعي. لقد عبّرت المكونات الاجتماعية والنخب الحضرمية، عبر بيانات ومواقف ومطالب ميدانية، عن تمسّكها بإدارة شؤونها ضمن الإطار الجنوبي، وبشراكة حقيقية مع القيادة الجنوبية، بعيدًا عن القوى التي استنزفت الثروات، أو استخدمت حضرموت ساحة نفوذ وصراع.
-ثقة الشعب بالزُبيدي
يحظى الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي بثقة سياسية وشعبية متنامية في حضرموت، ليس من باب الاصطفاف العاطفي، بل انطلاقًا من خطاب سياسي واضح يقوم على احترام خصوصية حضرموت، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم، وحماية ثرواتها من النهب والعبث. وكذلك دمج حضرموت في مشروع الدولة الجنوبية على أساس الشراكة والعدالة. وقد شكّلت قراراته ومواقفه رسالة طمأنة لحضرموت، بأن الجنوب القادم ليس إعادة إنتاج لمركزية مهيمنة، بل دولة مؤسسات، تتسع للجميع، وتحمي الجميع.
-دولة الجنوب العربي مشروع حماية لا مغامرة سياسية
يأتي الحديث عن إعلان دولة الجنوب العربي في سياق إقليمي ودولي بالغ التعقيد، حيث تتقاطع مشاريع التفتيت، وتتمدد التنظيمات الإرهابية، وتُستهدف الهوية العربية في أكثر من جبهة. وفي هذا السياق، يبرز المشروع الجنوبي بوصفه مشروع استقرار، لا مشروع صراع، يقوم على حماية العروبة في واحدة من أهم بواباتها الاستراتيجية، ومكافحة الإرهاب عبر قوات محلية تعرف الأرض والمجتمع. وبناء دولة مسؤولة قادرة على الشراكة مع الإقليم والعالم. وحضرموت، بما تمتلكه من موقع جغرافي استراتيجي، وساحل ممتد، وثروات حيوية، تشكّل عنصرًا محوريًا في نجاح هذا المشروع، لا هامشًا تابعًا له.
-حضرموت ومكافحة الإرهاب تجربة تثبت الموقف
قدّمت حضرموت نموذجًا عمليًا في مواجهة التنظيمات الإرهابية، حين استطاعت، عبر قواتها المحلية، استعادة الأمن والاستقرار، بعيدًا عن الفوضى والشعارات. هذه التجربة عززت القناعة بأن الأمن الحقيقي يبدأ من القرار المحلي، وينجح ضمن مشروع وطني جامع. ومن هنا، فإن اصطفاف حضرموت مع الجنوب ليس موقفًا سياسيًا فقط، بل خيارًا أمنيًا واستراتيجيًا، يحمي المجتمع، ويصون الدولة القادمة من الاختراقات.
-محاولات فصل حضرموت قراءة في أهدافها الخفية
لا يمكن قراءة الدعوات التي تحاول عزل حضرموت عن الجنوب بمعزل عن سياقها السياسي. فهي، في جوهرها، مشاريع تفكيك تهدف إلى إضعاف قضية شعب الجنوب وإبقاء حضرموت بلا غطاء سياسي حقيقي، وفتح الباب أمام عودة قوى النفوذ والإرهاب بثوب جديد. غير أن الوعي الحضرمي، المتراكم عبر التجربة والمعاناة، بات أكثر قدرة على التمييز بين مشروع دولة، ومشاريع فوضى مقنّعة بالشعارات.
-حضرموت مع الجنوب قرار اليوم ورهان المستقبل
حضرموت جنوبية الهوية والقرار، لا بالشعارات، بل بالوقائع والتضحيات والمصالح المشتركة. وهي اليوم تقف مع الجنوب، ومع قيادته السياسية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ومع مسار إعلان دولة الجنوب العربي، بوصفه خيارًا لحماية العروبة، وترسيخ الأمن، وبناء دولة قادرة على مواجهة الإرهاب وصون السيادة.
إن الجنوب من دون حضرموت مشروع منقوص، وحضرموت من دون الجنوب مشروع مكشوف. وبين هذا وذاك، يتشكل خيار الدولة، خيار الشراكة، وخيار المستقبل.