كتابات وآراء


الخميس - 20 نوفمبر 2025 - الساعة 09:13 م

كُتب بواسطة : ناجي الجحافي - ارشيف الكاتب




في تاريخ ثورات العالم، نجد أن كل الثورات وُلدت من رحم المعاناة والوعي معًا.

المعاناة هي التي تشعل الشرارة الأولى للثورة، نتيجة التهميش والقهر ونهب الحقوق. وأكثر من يعاني هذه الظروف هم المجتمعات الريفية، حيث يولد الغضب والرغبة في الانفجار الثوري. وبدون المعاناة، لا يشعر الناس بالحاجة إلى الثورة.

الوعي يأتي إلى جانب المعاناة، وهما أمران متلازمان لضمان نجاح الثورة وبلوغ أهدافها. فالوعي، الذي غالبًا ما ينتشر في المجتمع الحضري (المدن)، هو البوصلة التي توجه الغضب نحو الهدف، عبر إدراك الحقوق القانونية وكيفية انتزاعها، والتعامل مع الواقع بوعي. إنه الذي يحوّل المعاناة إلى مشروع تحرري منظم، ويمنح الثورة قيادة واعية وفكرًا متنورًا يسير بها نحو النجاح.

لذلك، تنجح الثورات عندما يلتقي ألم المظلومين مع وعي النخب والمثقفين، فيصبح الشعب كتلة واحدة تعرف ماذا تريد وكيف تصل إلى مبتغاها.

وهكذا، فإن سر نجاح أي ثورة يكمن في التحام البسطاء المهمشين مع وعي النخب المثقفة؛ فلا الريف وحده يكفي، ولا المدينة وحدها تصنع التغيير.

وفي جنوبنا الحبيب، نحن أحوج ما نكون إلى هذا اللقاء التاريخي: أن يمد الريف ثورتنا بشرعية الأرض والدم، وأن تمنح المدينة ثورتنا عقلها ووعيها. عندها فقط، نصنع ثورة لا تُهزم، ثورة تحترم العقول والطاقات، وتعيد للدولة الجنوبية كرامتها وللأجيال حقها في الحرية والهوية.