الرئيس الزُبيدي يطّلع على جاهزية قوات الأمن الخاصة .. انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل التنظيمي بانتقالي لحج ويشدد على فاعلية الأداء..انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يشدد على ضبط العملية الإيرادية وتوريد الموارد إلى البنك المركزي.. انفوجرافيك



كتابات وآراء


الأحد - 27 يوليو 2025 - الساعة 10:19 م

كُتب بواسطة : محمد ناصر العولقي - ارشيف الكاتب



كانت بركة العمياء ، رحمها الله ، رمزا من رموز مدينة جعار الاجتماعية ، وقد أتت أمي بركة الى جعار ، وهي صغيرة - بحسب بعض الروايات - في الستينيات قادمة من بيحان أو من نصاب بشبوة ، ولا ندري مع من أتت؟ ويقال إن اسم والدها مبارك ... وشبت وشابت وماتت في مدينة جعار متجولة بين بيوتها وأزقتها وحواريها وشوارعها ، وكانت تطوف في طرقاتها بلا دليل سوى عصاها ، وعادة ما كانت تنام في الشارع كالقرفصاء ماسكة العصى ، وعندما يمر من جانبها الذاهبون الى الصلاة فجرا كانت بركة تتعرف على بعض منهم من خلال دقات خطوات مشيهم فتناديهم بأسمائهم .
في معظم الأحيان كانت بركة العمياء ترتاح. بجانب بيت الحاج عبيد الجزار وعبدالله أبو شنب ، وأكثر جلساتها أمام دكان الحاج احمد يحي المحلوي أو دكان الجعدبي ( معرض بن فليس للإكترونيات حاليا ) .

كان معها مجموعة من الأغراض :
كرسي صغير تعلقه بحبل على كتفها الأيمن عندما تتجول ، وتجلس عليه في النهار عندما ترتاح من التجول ، وتسند رأسها إليه عند النوم في المساء ، وكانت تحمل في خصرها رزمة مفاتيح ، وتحمل على كتفها ايضا علبة حليب فارغة معلقة بخيط اما دانو او دتش بيبي ، وتحتفظ في القصعة بالعانات والشلنجات التي يعطيها لها اهل الخير ، أما الشيء المميز الذي كان لديها فهو عصاها الغليضة ( النبوت ) التي تتوكأ عليها ، وتهش بها على نفسها من مشاغبات الكبار والصغار ، وكانت تحمل على ظهرها خشبه تشبه المحر ( هيج البقر ) .

لا أحد من الأطفال عادة يمر في السوق دون أن يحرص على أن يتصدف بركة العمياء في أحد زوايا السوق ، وكنا ونحن صغار نتسلى بأذية بركة ، ويكون رد فعلها الأول هو التهويش بعصا النبوت التي لا تفارقها ، وإذا لم نرتدع تقوم برمينا بالحجارة التي كانت تحرص على أن تكومها بجانبها ، ثم تهددنا بأهالينا ، فقد كانت تعرفنا من أصواتنا .. هذا ابن فلان وهذا ابن فلانة وتهدّدنا بأنها ستخبر أهالينا لكي نرتدع عنها :
- حتى انته يا بن محمد ناصر... تمام تمام با قول لأمي قمر .

اذكر مرّة أن كانت بركة عندنا في البيت ، وعادة عندما تأتي بركة الى بيت من بيوت الحافة يتخابر أطفال الحافة ، ويتجمعون في البيت الذي تقصده ، وكان الوقت حينها في إحدى ليالي رمضان ، ونساء الحافة يتسامرن في غرفة أخرى ، فخلّيناها لمّا تدخل الحمّام ، عزّكم الله ، وفتحنا القصعة ووجدنا فيها قليلا من العانات ونصف شلن ، وكان مجرد حب استطلاع وفضول ولم يأخذ أحد منا أي شيء حسبما اتذكر ، فلما عادت بركة عرفت بما فعلناه ، فجلست تراخص وتدعوي علينا وعلى أهالينا ، وحصّلنا بسببها ضرب في تلك الليلة الى أن حرّمنا نتعرض لقرابيعها مرة اخرى .

الله يرحمك يا أماه بركة وينوّر قبرك بالمغفرة والرضوان ويسكنك فسيح جناته