الخميس - 17 يوليو 2025 - الساعة 10:13 ص
حين أطلق الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في منتصف عام 2021 دعوته للحوار الوطني الجنوبي من الخارج، لم يكن ذلك سوى بداية واعية لمسار استراتيجي يستهدف إعادة بناء البيت الجنوبي على قاعدة التوافق والشراكة، بعيدا عن الإقصاء والتفرد.
ومع انتقال الحوار إلى الداخل، شهدت محافظات الجنوب لقاءات موسعة شملت مختلف المكونات، من المهرة وسقطرى إلى عدن وباب المندب، وتوجت باللقاء التشاوري الأول في عدن مايو 2023، والتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي كوثيقة جامعة ترسم ملامح الدولة الجنوبية المنشودة.
غير أن ما يثير القلق اليوم هو تصاعد محاولات خارجية، تحت مسمى "السلام" أو "الوساطة"، لفرض مسارات لا تستند إلى إرادة الجنوب ولا تمثله، بل تهدف إلى تدويل القضية والترويج لمكونات وهمية لا حضور لها في الميدان، مما يشكل قفزا على الواقع ومحاولة لإنتاج معارضة مصطنعة توظف كورقة ضغط.
الحوار الجنوبي الحقيقي لا يدار من الخارج ولا يصنع في الفنادق، بل على أرض الجنوب، بين مكوناته الحقيقية، في إطار احترام متبادل وشراكة وطنية مسؤولة.
ومن أراد الإسهام في مسار السلام، فعليه أن يحترم إرادة شعب الجنوب، وينخرط في مشروعه من الداخل، لا أن يصنع له بديلاً مشوها من الخارج.
لقد أثبت الجنوبيون أنهم قادرون على إدارة شؤونهم وصياغة توافقاتهم متى ما توفرت الإرادة، وما يحتاجه الجنوب اليوم هو الاعتراف بحقه المشروع، لا فرض الوصاية أو صناعة مسارات موازية.
إن الجنوب ليس عبئا على أحد، بل شريك فاعل في استقرار المنطقة، والحوار الوطني الجنوبي سيبقى شأنا جنوبيا يدار بإرادة جنوبية، من الداخل، وبأدوات وطنية خالصة.