الرئيس الزُبيدي يؤكد محورية دور دول مجلس التعاون الخليجي في إعادة الاستقرار إلى بلادنا..انفوجراف

الجمعية الوطنية تشيد بتحركات الرئيس الزُبيدي لحشد الدعم لإصلاح مؤسسات الدولة..انفوجراف

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يبحث مع السفير الأسترالي سُبل دعم تنفيذ الإصلاحات الشاملة في مؤسسات الدولة



كتابات وآراء


الجمعة - 16 مايو 2025 - الساعة 01:29 م

كُتب بواسطة : فضل معبد - ارشيف الكاتب


في خضم التحديات الجسيمة التي يواجهها الجنوب اليوم ، لا تُشنّ الحروب فقط بالصواريخ والدبابات والمسيرات ، بل أيضًا بالكلمات والصور والشائعات . إنها « الحرب الناعمة» ، التي تسعى إلى النيل من تماسك الهوية الجنوبية ، وزعزعة الثقة بالقيادة ، وتشويه المشروع الوطني التحرري من الداخل .
وفي هذا المقال ، نحاول تفكيك أدوات هذه الحرب وأشكالها وأساليبها ، ونضع تصورا عمليا لمواجهتها ، مع تأكيد دور القيادة كمثال حي ومُلهم في معركة الوعي .

أولًا: ماهية الحرب الناعمة ضد الجنوب :
الحرب الناعمة هي ذلك النوع من الحروب التي لا يُستخدم فيها السلاح التقليدي ، بل تُستخدم فيها أدوات الثقافة والإعلام ، والمعلومة المضللة ، والاختراقات النفسية والاجتماعية ، بهدف تفتيت المجتمعات من الداخل ، وإعادة تشكيل وعيها بما يخدم أهداف الخصم . وهي في الحالة الجنوبية ، تستهدف :

ضرب الروح المعنوية لشعب الجنوب.

تشويه صورة القيادة والقوات المسلحة والأمن والمقاومة الجنوبية.

إثارة الشكوك حول عدالة القضية الجنوبية ومشروعها السياسي .

زرع الانقسامات المناطقية والسياسية والمجتمعية.

إضعاف الثقة الذاتية بالمستقبل والقدرة على الانتصار .

ثانيًا : أدوات وأساليب الحرب الناعمة ضد الجنوب :

الإعلام الموجه والمشبوه:

ضخ حملات تشويه ضد قيادات جنوبية عبر منصات ناطقة باسم خصوم الجنوب .

التلاعب بالمصطلحات (مثل: تحويل ااقوات النسلحة الجنوبية والأمن والمقاومة إلى ميليشيا ، أو وصف الانتقالي بـ"الانفصالي" ).

تزييف الوقائع وتشويه رموز الكفاح.

صناعة الأزمات المعنوية والاقتصادية:

دعم فوضى الخدمات وخلق انطباع بأن القيادة الجنوبية فاشلة أو عاجزة .

التلاعب بالعملة والمرتبات لخلق شعور دائم باللاجدوى .

الاختراقات الفكرية والنفسية:

نشر مقالات وبرامج تشكك في جدوى المشروع الجنوبي .

دعم أصوات جنوبية مأجورة أو مضللة تعمل من داخل الصف .

تفخيخ النخبة والرموز:

تشويه الرموز التاريخية.

اختراق قنوات ثقافية وتعليمية لنشر خطاب رمادي يُميع الهوية .

زرع الفتن المناطقية والسياسية:

الترويج لفكرة تهميش مناطق معينة داخل الجنوب .

تشجيع نزعات مناطقية ضيقة على حساب المشروع الوطني .

التغليف بشعارات براقة:

استخدام خطاب حقوق الإنسان والديمقراطية لتبرير حملات الضغط والتشويه .

تصوير دعوات الفوضى كـ «ثورات تصحيحية».

ثالثًا: أمثلة واقعية من الجنوب اليوم :

الحملات المنظمة لتشويه المجلس الانتقالي الجنوبي وتصويره كسلطة قمعية.

الدعم الإعلامي الخارجي لبعض النشطاء الذين يهاجمون المشروع الجنوبي تحت غطاء "النقد البنّاء" .

استغلال الأزمة الاقتصادية في عدن لإحداث نقمة شاملة .

اختراق وسائل التواصل لزرع أخبار كاذبة تُضعف ثقة المواطنين ببعضهم.

إثارة الفتن في شبوة والضالع وأبين عبر رموز تم تجنيدهم لتمزيق وحدة الجنوب.

رابعًا: دور القيادة كمثال وقدوة في التصدي للحرب الناعمة :
في معركة الوعي ، لا تكفي السياسات والخطط ، بل تُصبح سلوكيات القادة وممارساتهم الشخصية هي الرسالة الأقوى تأثيرا في وجدان الناس . لذلك، فإن أولى خطوات مواجهة الحرب الناعمة تبدأ من داخل القيادات ذاتها ، من خلال:

الالتزام بالقيم الوطنية في السلوك اليومي:

التواضع ، العدل ، الشفافية ، وتقديم المصلحة العامة .

القدوة في النزاهة والتقشف:

البساطة في المظهر والسلوك ، والابتعاد عن الترف .

محاربة الفساد داخل محيط القيادة .

الوعي الثقافي والفكري:

تطوير أدوات الخطاب ، والارتقاء بمستوى الحديث السياسي والإعلامي .

الانفتاح والإنصات:

استقبال النقد بصدر رحب ، وفتح قنوات تواصل مع الجماهير .

تجسيد روح التضحية:

الوجود في الميدان ، ودعم المشاريع المجتمعية والتعليمية .

خامسًا: سبل المواجهة الشاملة للحرب الناعمة:

بناء إعلام وطني احترافي ومؤثر:

تطوير مؤسسات إعلامية جنوبية ذات خطاب عقلاني ومهني.

تنمية الوعي المجتمعي:

تكثيف برامج التدريب والتأهيل في مجال الوعي والإعلام والهوية.

تنقية الصفوف:

مواجهة الطابور الخامس ، وعدم التهاون مع من يتعمد الإضرار بالمشروع الوطني.

إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية:

دعم الإنتاج الثقافي والفني الذي يعزز الهوية الجنوبية.

بناء شبكات حماية إلكترونية:

تطوير منظومة تقنية لرصد ومواجهة حملات التضليل.

أخيرا أقول :
الحرب الناعمة ليست أقل خطورة من الحرب العسكرية ، بل قد تكون أخطر لأنها تستهدف البنية الذهنية والوجدانية للشعوب . ومن دون وعي قيادي وشعبي شامل ، يُمكن لأعداء الجنوب أن ينتصروا دون إطلاق رصاصة واحدة . وعليه ، فإن مسؤولية التصدي لهذه الحرب تقع على الجميع ، وفي مقدمتهم القيادة ، التي يجب أن تكون حاملة للمشروع ، ناطقة بقيمه ، مجسّدة له في سلوكها اليومي ، قبل أن تطالب الشعب بالالتفاف حوله .
.....