كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يلتقي رئيس الكتله الجنوبية في البرلمان المهندس فؤاد عبيد واكد



كتابات وآراء


الثلاثاء - 07 مارس 2023 - الساعة 11:16 م

كُتب بواسطة : أ.د.فضل الربيعي - ارشيف الكاتب





بمناسبة الثامن من مارس من كل عام اليوم العالمي للمرأة، فضلت ان ارفع ارق الحايا وفيض الاخترام للمرأة بالحديث عن معاني ومضامين قضية المرأة التي نتحفل من اجلها اليوم
بابعاده الاجتماعية والسياسية، ولعل موضوع مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي الذي يسهم في ارساء معالم السلام وانها الحرب تشدنا الحاجة إلى تسليط الاضواء عليه في هذه المناسبة، الأمر الذي
نحتاج إلى قدرٍ من التحديد والتدقيق عندما نتكلم عن القضايا السياسية والاجتماعية، الحرب والسلام، إذ لابد أن نكون واضحين ونعطي الحديث قدرا من العلمية للتعرف على الحقائق المناطه بتلك القضايا والكشف عن مكامنها وتداخلها حتى نصل إلى اعطى مقاربة موضوعية لهذه القضايا.
وعليه نقول أ ن قضية المرأة هي قضية شائكة ومعقدة، بل هي قضية بنيوية في الأساس تحتاج منّا إلى الالمام بها والكشف عن مضامينها وابعادها المختلفة، ولطالما بقي موضوع المرأة وحقوقها وتمكينها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع - بعيداً عن الموضوعية- محصور بين تجاذب طرفين، طرف يؤيد المرأة وينادي بحقوقها، وطرف أخر ينتقص منها ويرفض منحها حقوقها تحت ذرائع مختلفة.
لذا فإن الإشكالية هنا تبقى قائمة دون الوصول إلى مقاربة موضوعية لذلك الاشكال، إذا لم يتم إعادة النظر في المفاهيم والثقافة عند الطرفين معاَ.
إن الحديث عن مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي يتطلب منّا أولا أن نتعرف على المفاهيم التي يتضمنها عنوان المحاضرة وهي: السياسة؟ والمشاركة السياسية؟ وعملية صنع القرار؟ حتى نصل إلى فهم أوسع للظاهرة والإسهام في الإجابة على مقاصد المحاضرة؟
يشير مفهوم السياسة إلى إدارة شؤون الناس ويستخدم مفهوم السياسة للدلالة على معنى القيادة والرئاسة والحكم، كما يشير ايضا إلى القوة في إطار الدولة التي تحدد علاقة الحكام بالمحكومين.

اما المشاركة السياسية بصفة عامة هي تلك الأنشطة السياسية التي بمقتضاها يشارك الفرد أو الجماعة في اختيارهم للحكام وصياغة القوانين السياسة العامة للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، ابتداءَ من التصويت في الانتخابات، فضلا عن نشاطاتهم الحزبية في اطار الدولة والمجتمع واهتماماتهم في مراقبة القرار ات السياسية وتناولهم للقضايا العامة في المجتمع بالنقد والتقييم والضغط والمناقشة وينعكس نشاطهم هذا على معرفتهم بما يدور حول تلك الأمور التي تتعلق بالسياسة والدولة معاَ.
وتتوقف المشاركة السياسية للفرد أو الجماعة على مدى توافر القدرة والدافع لديهم والفرص التي يوفرها لهم المجتمع بتقاليده وايديولوجياته الفكرية، والظروف التي تحددها طبيعة المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع، ومن هنا تبرز أهمية التنشئة السياسية ودورها في خلق الوعي السياسي وتكوين سلوك المشاركة السياسية التي تزود الفرد بالمفاهيم والمعلومات التي يستقبل من خلالها قيم المشاركة وتمنحه فرص احتمال المساهمة الفاعلة في مجمل الأنشطة والفعاليات المختلفة.
وتتم المشاركة ببعديها الافقي والراسي معا بين مختلف المستويات والهيئات في المجتمع. حيث يجب ان تتضمن علمية المشاركة السياسة هذه طرق الضغط والرقابة وتبادل الآراء بين القاعدة والقمة والمشاركة المباشرة في اتخاذ القرار.
وتٌعد عملية صناعة القرار الساسي أحد أبرز مهام الأنظمة السياسية على اختلاف اشكالها وهي نتائج تفاعل اركان النظام السياسي، بل هي عملية معقدة تتداخل فيها عدة عوامل بهدف اختيار البدائل المتاحة لمعالجة القضايا العامة التي ترتبط بمصالح الناس. وهناك مؤسسات رسمية وغير رسمية تساعد في صناعة القرار.
وتعرف صناعة القرار بانه اختيار البدائل المتاحة والامثل لوضع الحلول البديلة لمواجهة مشكلة ما. وهو التزام بالتصرف أو العمل على نحو معين وواضح.

أهمية مشاركة المرأة في صنع القرار الساسي
دون شك تمثل مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي أهمية وضرورة معاً في مجتمعاتنا المعاصرة، ولاسيما في هذا الوقت بالذات، وذلك لجملة من الاعتبارات والمبررات التي تستدعي مشاركة النساء في صنع القرار السياسي، ويمكن حصر هذا المبررات في الملامح الاتية:

اولا. نظراً لكون النساء يمثلنّ النسبة الأكبر من سكان المجتمع، إذ لا يمكن احداث تنمية فاعلة دون مشاركة هذه النسبة فيها.
ثانيا : هناك تزايد اعداد النساء المتعلمات في الوقت الراهن ، واحراز الكثير منهنّ على مراكز متقدمة في التفوق العلمي.
ثالثاً : نظراً للازمات والاحتقانات المتكررة التي يعيشها مجتمعنا في الوقت الراهن، وعلى وجه الخصوص الازمات السياسية منها، نرى من الأهمية بمكان رفع مساهمة المرأة في صنع القرار.
وعليــــه نضع التساؤل الاتي :
كيف يمكن الاستفادة من مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي؟ لتسهم هذه المشاركة في إيجاد بعض المعالجات لهذه الازمات.. خصوصا في ظل التطورات التي يعيشها مجتمعنا اليوم؟
من هذا التساؤل نصيغ الفرضية التالية والتي تقول أن مشاركة المرأة في صنع القرار يساعد على تحسين الأوضاع وتصويب القرار السياسي، الذي مازال يشكل مصدرا في إعادة انتاج الصراعات والأزمات في المجتمع.
للتوضيح بصورة أكثر نقول أن مشاركة المرأة التي نقصدها هي المشاركة الفعلية البعيدة عن السطحية والشكلية، أو ان نأتي بها بقرارات فوقية. بل هي المشاركة النابعة من نضوح بنيوي صاعد من قاع المجتمع بما تحقق تٌحول ملحوظ في أرض الواقع برؤية حديثة وجادة، تتحمل فيها المرأة جزءَ في تبديد تلك الازمات وإحداث التجديد والتنمية، وذلك من خلال مشاركتها الفعلية في الحياة السياسية، بوصفها تمثل جزءَ كبيراَ من الطاقات البشرية التي تحتاجها عملية التنمية في المجتمع.
حيث وأن كل التغيرات وكل القوانين والدعوات السابقة التي تتحدث عن المشاركة السياسية للمرأة، لم تٍحدث تغّير واضح وحقيقي وجذري في دور ومكانة المرأة في المجتمع.. وهذا يعود في تقديري إلى جملة من الأسباب البنيوية ولعل أولها تتعلق في مستوى نضج استيعاب المفاهيم والقيم الثقافية في المجتمع التي هي بحاجة للتقييم العلمي وللتغير معاً.

التوجه نحو كيفية تناول قضية المرأة ومشاركتها في صنع القرار
1. إن قضية المرأة ومشاركتها في صنع القرار السياسي، لابد أن تخرج من نطاق التفكير على إنها قضية منفصلة عن الجوانب الأخر وعن قضايا المجتمع الاخرى، فهي ليست قضية خاصة تتعلق بالمرأة وحدها، بل هي قضية المجتمع ككل.
2. إن طرح معالجة إشكالية المرأة ودورها في المجتمع يجب أن لا تظل محصورة ضمن احتجاجات المنظمات النسوية أو طموحاتها الفردية فحسب، بل هي مسألة عامه تتعلق في بنية المجتمع وثقافته.
3. تغيير اسلوب التعاطي مع قضية المرأة بحث وجب التفكير بإن قضية المرأة وجب أن تخرج من جذورها السطحية والجزئية والكلية التي تحصرها بانها منحة تقدم لها من قبل الحاكم أو الرجل أو بانها قضيتها لوحدها؟؟
وعليــة لابد أن تخرج إلى الفضاء العام المبني على العمق العلمي والتحليل السوسيولوجي لتشمل المفهوم الحضاري والإنساني العام.
ذلك يستدعي إعادة النظر بالمفاهيم والقيم الثقافية والسياسية والقوانيين، وبأساليب وطرق التنشئة الاجتماعية والوعي الاجتماعي، وهذا يتطلب نضالا طويلا وجهودا مضنية ومتواصلة في جميع المجالات، بحيث ان مشاركة المرأة الفاعل في صنع القرار السياسي تعد احد المداخل الحقيقية للتغيير المنشود على صعيد الفكر والواقع معا.
وفي الأخير نفهم أن استيعاب العمل السياسي للمرأة يشكل ركيزة اساسية في فهم شروط المواطنة الفاعلة.
ماهي المعوقات والتحديات التي تٍحد من مشاركة المرأة
في صنع القرار السياسي:
يمكن حصر المعوقات والتحديات في الاتي:
1. استمرار فاعلية القيم الثقافية والاجتماعية في المجتمع والمتمثلة في السلطة الابوية التي تقوم الانتقاص من عمل المرأة وحصرها في عملها المنزلي.
2. تزايد نشاط التيارات الفكرية والاحزاب الإسلامية.
3. اهمال القوى السياسية لدور المرأة.
4. عوائق ذاتية تتعلق بطموح المرأة ذاتها.
5. قيود القيم الثقافة والاجتماعية.
5. عبثية السياسة في اليمن .
وعليــــــه نضع صورة أولية للمعالجات التي من شانها تسهم في تعزيز دور المرأة وتمكنها من المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي بوصف ذلك حق من حقوق المواطنة أولا، وثانيا باعتبار قضية مشاركة المرأة قضية مجتمعية عامة تمليها معطيات الواقع الراهن، وهذا لم يتأتى إلاّ من خلال التركيز على الآتي:
1. إعادة النظر في المفاهيم والثقافة المجتمعية التي تتناول قضايا المرأة ومشاركتها المجتمعية ولاسيما في صنع القرار السياسي عبر مشاريع التنشئة السياسية والاجتماعية .
2. بذل مزيدا من الجهود في مواصلة حشد طاقات النساء في عملية التنمية وتقديم نموذجا ناجحا في مشاركتها السياسية.
3. عدم فصل قضية مشاركة المرأة في الحياة السياسية عن قضايا المجتمع، بوصفها قضية خاصة بالمرأة وهي من يتولى ذلك الدور.
4. المشاركة السياسية للمرأة تنطلق من امكانياتها وحضورها الفاعل في الحياة السياسية وليس عبر القرارات الفوقية.

أ.د. فضل الربيعي
أستاذ علم الاجتماع
رئيس مركز مدار للدراسات