رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



كتابات وآراء


الخميس - 24 سبتمبر 2020 - الساعة 10:40 م

كُتب بواسطة : د / فؤاد الشعيبي - ارشيف الكاتب



سأتحدث في هذا المقال عن الإنسان الموهوب والمتعلم ودوره في صناعة التقدم وكيف يمكن لنا بناء الإنسان مِن خلال إدارة موهبته وتحويله مِن معول هدم إذا كان غير متعلم إلى مساهم في نهضة أمته طالما تم استثماره بصورة متميزة.
ومن نافلة القول نقرر أنه يجب على رب الأسرة والمدرس والمدير في بيئة العمل أن ينظر إلى الإنسان كمورد عظيم والمرتكز الأول لصناعة النهضة التنموية في أي بلد فالصين والهند تمتلك ما يقارب الثلاثة مليارات مِن البشر وستسود بهم العالم في المستقبل القريب بل ربما قد بدأت بذلك باستثمارها لمواردها البشرية ولَم تشتكي يوماً مِن الزيادة السكانية لأنها اقتنعت ونظرت للإنسان كمورد عظيم ونقطة انطلاق تنموية وليس عبء يأكل الميزانيات والأخضر واليابس كما تراه دول العالم الثالث.
أضحى الرأسمال البشري في عالم اليوم هو المورد الأعظم ففي اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة (وعربياً دبي والأردن إلى حد ماء دعونا نكون متفائلون) ليس لدى هذه الدول أي موارد طبيعية لا ذهب ولا حديد ولا بترول وإنما فكر ومعرفة مدربة واستثمار مميز للمورد البشري وعليه قامت باستيراد المواد الخام مِن مختلف دول العالم ثم صنعت للعالم هذه التقنيات العجيبة التي نستمتع بها اليوم، فالدول أضحت تقاس بما تعرف لا بما تملك والبداية تأتي مِن الاهتمام بمواهب الأطفال في المنازل والمدارس مِن خلال حسن إدارة وتوجيه عقولهم ومواهبهم.
وحتى تتأكد لديك أهمية موهبة طفلك مثلاً عليك أن تتدرب أولاً على اكتشاف موهبته بصورة دقيقة ثم تنميها لكي يتمكن الموهوب مِن استثمارها بصورة متميزة.
ثانياً يجب أن ندرك أننا جميعاً أقوياء ولا يوجد إنسان ضعيف بل يوجد إنسان يجهل مواطن قوته وكلنا له جانب معين مشرق و كلنا لدينا نبوغ ملفت في جانب مِن جوانب الحياة المختلفة فكل منا له ميول معينة فطرية ولدت معه فلدينا مثلاً الشخص الرياضي التي يتقن الرياضيات ولغة الأرقام وهذ مؤشر على مشروع محاسب مصرفي مثلاً والرياضي الحركي الذي يملك قدرة فائقة على الحركات الرياضية وهو مشروع لاعب كرة قدم عالمي مثلاً ولدينا مِن يمتلك قدرات صوتية مذهلة وهذا مشروع فنان عالمي وهناك الشخصية التواصلية التي تمتلك قدرات قيادية غير اعتيادية على التواصل الاجتماعي واحتواء الموظفين وهكذا الشخصية السمعية والبصرية والفنية والقيادية والتقنية وغير ذلك.
المطلوب هو اكتشاف الموهبة ثم تنميتها بالتعلم ثم الممارسة العملية وهنا فقط ستتفجر طاقات إبداعية مذهلة تدهش الجميع غير أن المعضلة عندما يكون ميول الشخص في أمر ما كالطب ويدرس تخصص مختلف كالاعلام ثم اذا ما أتى يبحث عن وظيفة تكون هي الأخرى في واد آخر كالوظيفة التقنية وهنا تتجزأ الشخصية وتتفتت الطاقات وتهدر الجهود وتكون النتائج ضحلة فتفشل المؤسسات ويعاني الموظف مِن نكد الحياة وقسوتها على خلاف ما اذا كان ميول الطفل اعلامي منذ نعومة اظفاره حيث كان قائد الاذاعة المدرسية وغرفة نومه كلها رسومات اعلامية وربما أحضر منبر اعلامي في غرفته كل هذه مؤشرات تدل على أننا أمام موهبة إعلامي فإذا ما أكمل دراسته في مجال الاعلام وتوظف في المجال الاعلامي مثلاً هنا سيشرق نور إبداعه ويتألق ويحلق في عالم الريادة ويكون مؤثر وسيترك حتماً بصمة في حياته الوظيفية وفِي مجتمعه .
الميول تبدو على الشخص منذ نعومة أظفاره فاذا كان هناك وعي لدى الابوين والمدرس حتماً سيوجهان الطفل الى تعزيز وتدريب الطفل على هذه الميول والا ففاقد الشيء لا يعطيه، ولن يجد الموهوب أي عناء في ممارسة ميوله بل سيكون في غاية السعادة والسرور عند دراسته أو ممارسته الوظيفية لما يتوافق مع ميوله بل لن يبدع الا فيما يحب ويتوافق مع ميوله.
لو ألقيت نظرة إلى الموظفين في بيئة العمل قد تجد أحياناً شخصية انطوائية وظفت في مكتب استقبال المؤسسة هذه كارثة بكل المقاييس فالانطوائي لن يتحمل انماط الجمهور المختلفة وهذا ليس عيباً فيه بل لأن ميوله انطوائية لا تتلاءم مع هذه الوظيفة هكذا خلقه الله فمثل هذا المكان يحتاج شخصية اجتماعية تواصلية باسمة مرحة واذا أخذ الشخص الاجتماعي بعض المهارات والدورات التواصلية سينطلق كالصاروخ في تمثيل المؤسسة أحسن تمثيل وهو بقمة السعادة وهنا فقط تنجح الوظيفة والموظف بينما الانطوائي لا أمل مِن تدريبه على مهارات التواصل واذا دربناه نكون كمن يدرب الفيل على الطيران أو الصقر على السباحة أو التمساح على القفز والأرنب على الزحف وهذا لا يعني ان الأنطوائي ميؤوس منه بل قد يكون محاسب او تقني متميز ومبدع كل ما هنالك ان شخصيته لا قدرة لها على تحمل الجمهور ويحتاج ان يكتشف نفسه ومواطن قوته وميوله.
نستطيع أن نلخص ما تقدم أنه إذا وجدت في الموظف (الرغبة والقدرة) في مهمة معينة فما عليك الا أن تمكنه وتعطيه الخيط والمخيط دون عراقيل وعوائق وسيدهشك بالنتائج أما إن غابت الرغبة فهو يحتاج الى التحفيز فقط وان غابت القدرة فابحث عن ميوله الحقيقية فإنك لم تكتشفه بعد وان غابت الرغبة والقدرة معاً فاعمل على تدويره في أكثر مِن مهمة لتكتشف ميوله ثم تدريبه عليها لكي ينطلق ويستثمر ميوله بطريقة مميزة.
الأهم مما تقدم أن نحول هذا المقال إلى برنامج عملي وهذه دعوة لكل أسرة ومدرسة وجامعة وبيئة عمل أن تشكل لجان لاكتشاف المواهب وتنميتها في المدارس وبيئات العمل و استثمارها بصورة متميزة بأن يدرس الطالب المناسب التخصص المناسب ولا يفرض عليه وأن يوظف الشخص المناسب في المكان المناسب كذلك وهو الأهم لا يجوز فرض مهام لا تتوافق مع الميول، علينا أن ندرك عظيم الفوائد المرجوة مِن هذا الاستثمار لنتخيل اكتشفنا موهوب تقني مثل مارك أو ستيف جوبز أو بيل جيتس او حتى موهوب في كرة القدم مثل محمد صلاح أو ميسي أو مارادونا أو حتى فنان كمحمد عساف أو حسين الجسمي أو غيرهم مِن الموهوبين فعشرة موهوبين قد ينعشوا اقتصاد بلد ويصرفوا على عشرة او عشرين مليون انسان وربما مبيعات شركة شخص موهوب تعادل ميزانية خمسين دولة مِن دول العالم الثالث.