اخبار وتقارير

الأحد - 30 يونيو 2019 - الساعة 11:25 ص بتوقيت عدن ،،،

4مايو/تقرير/ علاء عادل حنش

أكد عضو اتحاد أدباء وكتاب الجنوب، الأستاذ الباحث صبري أحمد عفيف أن ميليشيات الحوثي وقوات صالح لم تغادر وتنسحب من محافظات (عدن، لحج، الضالع) الجنوبية   إلا بعد أن عاثت بمعالمها الأثرية والروحية والتاريخية والثقافية عبثًا وخرابًا ونهبًا وتدميرًا غير مسبوق في التاريخ الحديث.


وأشار إلى أن تجارة الآثار وتهريبها نشطتها من قبل شخصيات مهمة في النظام السابق بواسطة أسواق سوداء سرية في المناطق التاريخية الجنوبية، واستخدموا باحثين عربًا للتعرف على أهمية القطع الأثرية وزمنها ومدلولاتها.


وقال إن: "هناك توجهًا رسميًا لدى القوى الشمالية لتنشيط استراتيجية شراء الآثار من المواطنين في الجنوب وتشجيعهم بنداءات وطرق مختلفة، وقد استطاع  كثيرون من أبناء الشمال من جمع آثار قيمة، فقد كان احد وزراء صالح يقيم متحفًا خاصًا في بيته للآثار ويستقبل في منزله لصوص الآثار ومتتبعيها والبائعين بشكل مستمر".


وأضاف: "إن استهدافِ هُوِيَّة الجنوب الأثرية يهدف إلى تشتيت انتماء الجنوب الأصيل، وتغريب أجياله المتعاقبة عن الامتداد التاريخي الطويل والإرث الفكري والثقافي ورموزه ونفي هُوِيَّة الجنوب وسحقها"، مؤكدًا انه جرى استهداف الجنوب في الهُوِيَّة الثقافية، و"سحق معالمه وتراثه ضمن خطة وعمل ممنهج وبخطى حثيثة، لذا فقد كانت الهُوِيَّةَ على صلة وعلاقة وثيقة جِدًّا في صراع الشمال مع الجنوب، كما كانت الهوية الهدف الرئيس والقضية الجوهرية في هذا الصراع".


كل ذلك وأكثر جاء خلال المحاضرة الثقافية التي نظمتها الأمانة العامة لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب مساء يوم السبت 29 يونيو/ حزيران 2019م، في مقر الاتحاد بمديرية خورمكسر في العاصمة عدن تحت عنوان: "دور المثقفين الجنوبيين في تأصيل هوية الجنوب الثقافية ورفض ثقافة الغزو والقبيلة والفيد".


وبدأ مجريات المحاضرة رئيس الدائرة الثقافية في الأمانة العامة للاتحاد د. عبده يحيى الدباني، الذي ادار المحاضرة، بالقول أن المحاضرة "عبارة عن بحث قام به الباحث صبري أحمد عفيف وزملاء له، وحولها إلى محاضرة، وهي محاضرة بينت عناصر هوية الجنوب الثقافية، وبينت سياسة الطمس التي مارسها الاحتلال خلال سنوات طويلة، وذكرت دور المثقفين ودور شعب الجنوب في تعزيز ثقافته والتمسك بها رغم الطوفان من الغزو والطمس".


وأضاف: "وصل الباحث إلى بعض التوصيات منها ضرورة الالتفاف حول الهوية الثقافية للجنوب، لانها هي التي تدل على التماسك، فمتى ما كنا متمسكين بثقافتنا الجنوبية وهويتنا الجنوبية تماسكنا سياسيًا، وسنستطيع أن ننتصر على عدونا، فالثقافة الناجحة هي التي تقود إلى السياسة الناجحة".


بعدها، بدأ الأستاذ الباحث صبري أحمد عفيف في ألقاء محاضرته الطويلة والقيمة بالحديث عن إنّ "الثقافة والعمل الثقافي يمثّلان أهم ملمحٍ من ملامح هويّة الأمّة وشخصيتها، ويؤديان دورًا بالغ الأهمية في المحافظة على الأمّة وتحصينها وضمان تقدّمها ونهضتها، وانطلاقًا من هذه القاعدة، فإنّ الأمم التي حافظت على ثقافتها وانشغلت بالهمّ الثقافي هي تلك التي نالت الحظ الأوفر من التقدّم، بينما الدول التي تنكرت لثقافتها وقصّرت في الاهتمام بها وبالعمل الثقافي هي نفسها التي وقعت فريسة للأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وسواها".


وقال: "إنّ للثقافة أهمية بالغة في حياة الأمم والشعوب، كما أن لها دورًا كبيرًا في تحقيق التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي المحافظة على الأمن الاجتماعي، ووحدة الأمة، إلى جانب أهميتها في المحافظة على الهويّة الوطنية، وذلك انطلاقاً من اعتبار أن عناصر ثقافة المجتمع تمثّل المشترك بين أبناء الأمة، والثقافة العربية هي أمّ جامعة من جوامع أمّة العرب لغة وتراثاً وعاداتٍ وقيماً، وكلّما ازداد هذا المشترك وحافظنا على بقائه جامعاً بين أبناء الأمّة ضمنّا تماسك المجتمع ووحدت الأمّة، وتبعاً لذلك ضمنّا قوتها، وقدرتها على الصبر في الشدائد ومواجهة التحديات".


وأضاف: "إنّ الأمّة، متى داهمتها أزمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، تتجه أنظارها في غالب الأحيان إلى مفكريها ومثقفيها، لاقتراح الحلول واجتراح السبل لمواجهة تلك التحديات، ويعدّ ذلك اعترافاً من المجتمع بأنّ مثقفيه ومفكريه هم منارات المستقبل، وأنهم القادرون على تشخيص المشكلات واقتراح الحلول والعلاجات، وإنّ الأمة، عند تعرضها لتحديات تهدد وجودها، تستعين بموروثها الثقافي المخزون في بطون الكتب وفي صدور أبنائها، فتوظفه في حضّ الأمّة على الصبر والثبات والمواجهة، وتستخدمه في رفع المعنويات واستنهاض الطاقات وتعزيز الثقة بالنفس والأمل بالنصر، وذلك عندما يستمدّون من أعماق ذاكرتهم الجمعية ومن نماذجهم ورموزهم التاريخية والدينية العناصر والتجارب التي تشدّ من أزرهم".


وتابع: "إن العمل الثقافي من خلال وسائله المختلفة من شعر وقصة ورواية ومؤلّفاتٍ ومسرحٍ وفنّ تشكيلي وغناء وموسيقى وتمثيل وسينما، يستطيع أن يعزّز الكثير من القيم الإيجابية التي لا يستغني المجتمع عنها والتي تصبّ في خدمة الوطن وتعزيز أمنه وقوته وتماسكه، ومن هذه القيم (الإخلاص، والانتماء، وحبّ الوطن، والإيثار، والتسامح، والتعاون، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، واحترام القوانين)، بالأضافة إلى إن الثقافة هي التي تعزّز الدافع لدى أبناء المجتمع للتقدم والتطوير والإبداع والبناء، وتعد الهوية الثقافة الوسيلة الأكثر تأثيراً وفاعليّه في زيادة وعي أبناء المجتمع وتوسيع آفاق معرفتهم وإدراكهم، وتشكيل ضميرهم ووجدانهم، وهي جميعها عناصر تحصّن المجتمع من أي اختراقات".


واستطرد: "الثقافة تعدّ مصدراً مهماً من مصادر تحقيق الأمن الوطني، وذلك لأنّ عناصر ثقافة الأمّة تمثل الجوامع المشتركة بين الناس، وهذه الجوامع مصدر التلاحم والتماسك داخل المجتمع في العادة، ومتى ازداد التلاحم والتماسك في المجتمع ازدادت حصانة المجتمع وقدرته على الصمود أمام التحدّيات والأخطار والأزمات التي يتعرض لها. ومتى ازدادت الحصانة والمنعة تحقّق الأمن الوطن".

محاولة طمس هوية الجنوب الثقافية
وفيما يخص الهوية الثقافية الجنوبية ومحاولات طمسها وأضعافهان قال عفيف إنَّ: "الهوية الجنوبية ليست هويةً إشكالية تتعارض فيها مكونات الثقافة مع خصائص الهوية الوطنية، فالهوية الجنوبية المعاصرة المؤسَّسة على ثقافة إنسانية عريقة، والطالعة من معاناة القهر ومساعي التهميش والطمس والإلغاء، والتي أعادت إنتاج نفسها عبر مسيرة نضالٍ وطنيِّ تحرُّريٍّ شاق وعنيد، قد حصَّنت نفسها، باستنهاض ما اختزنته جذورها الثقافية العريقة، من السقوط فيما نهضت لحماية نفسها منه ومقاومته، وإن المتأمل في تاريخ هوية الجنوب العربي يرى أنها تأسست على عمق ثقافيِّ منفتحٍ على ثلاث جهات هي (تاريخ الجنوب العربي الموغل في القدم؛ معطيات الحاضر الموسوم بالنضال التَّحرُّري؛ وممكنات المستقبل المفتوح على استعادة القدرة على المشاركة في صنع الحضارة الإنسانية)، وذلك في تواشجٍ متصل مع نهوض هذه الهوية، أولاً وقبل كلِّ شيء، على رؤى مستنيرة، وعلى مبادئ إنسانية متفتحة، وعلى قيمٍ ومعايير تحترم الإنسان، وتحمي حقوقه وحرياته جميعاً.


وأضاف: "إن هوية الثقافية للعربية الجنوبية ليست وليدة الحدث بل أنها هوية متأصلة جذورها في عمق التاريخ الإنساني وكل الحقائق التاريخية تؤكد أن الجنوب كان دولة وشعبا مستقلا  عبر العصور ولم يكن ملحق بشعب أخر أو جزء منه، وقد مرت أرض الجنوب بعدة تسميات نتيجة لطول الأزمنة التي عاش على أرضها الإنسان، وتكونت فيها عدد من الدول والحضارات والممالك وكل تلك الدول كان لها ثقافتها وحضارتها العريقة".


وتابع: أن "تلك الهوية تشمل عناصر مختلفة، وتجمع بين أنماط حياة مميزة وبين الفنون والثقافة التي نتميز بها، كما أنها تتعلق بالتراث والعمارة والتاريخ والأدب والشعر والقصة والرواية والموسيقى والرقص والمسرح والفنون التشكيلية والفلكلور واللغة والسلوك والقيم والأخلاق، وإن طمس هُـوِيَّةِ شعبٍ ما أَو أُمَّـة يعني محو ذاكرتها وطمس حواسها وتفريغ ثقافتها، وهذا الأمر لا يتحقّق إلا بعد استبعاد أَو تشويه الهُـوِيَّة الأصيلة، وعندما يتم استبعاد أَو تشويه الهُـوِيَّة يفقد المجتمع يقظته فيدخل في حالة سبات طويل، ومن ثم  إحلالَ هُـوِيَّة بديلة، واستهداف الهُـوِيَّة يأتي نتيجة لما تلعبه من  دورً استراتيجي في تماسك المجتمعات وثباتها وصمودها، وعندما يفقد المجتمع هُـوِيَّته يفقد تماسكه وثباته فيصبح فريسة سهلة، وعلى هذا الأساس فأن استهدافَ الهُـوِيَّة يُعدُّ ُأخطرُ أشكال استهداف الأمم؛ لأنه يهدف السيطرة على الإنْسَان وتجريده من روابطه الوطنية  وتفريغه من محتواه المبدئي والثوابت والولاء، ومحتواه الأخلاقي والقيمي، وهذا الأمر يؤدي إلى فقدان الشخص السياجَ الذي يحفظ شخصيته ضمن الجماعة المنتمي إليها، ومن ثم يتحول إلى  دمية، حيث لا يمتلك أي مشاعر وأحاسيس تجاه وطنه ومجتمعه".


وأكد أن: "مسح هُوِيَّة الجنوب يعني تدمير سماتها وانتمائها كلياً وجعلها في التبعية والإذلال الشمالي وبعثرة الانتماء الجنوبي وتفكيك النسيج الجمعي الواحد وتوطين حالة الانهزامية في الوسط الشعبي للجنوب، وتدمير مقوماته وأسس وجوده؛ فذلك يعتبر الرافعة الأهم لتحقيق أطماع الشمال وأدواتهم، وعلى هذا الأساس يصبح الجنوب حديقة خلفية للشمال وتابع له فكريا وثقافيا، ولا يقتصر صراع الجنوب العربي مع اليمن على الأرض فحسب، بل أيضا على الوجود والهوية  والعقيدة صراع الهوية اخطر القضايا المؤثرة وتزداد الخطورة حين ترتبط القضية بهوية الجنوب العربي أن مفهوم " الهوية" لا يجب أن يؤخذ بالبساطة العفْوية إذْ لا يزال يلفّه الكثير من الغموض يترنح متأثراً بثقافة هوية  اليمن  في كل " هوية " نزْعةٌ خاصةٌ نحو الماضي وتحصّنٌ كثيفٌ به إنها قلعة الصمود الأخيرة لصد غزو هوية اليمننة السياسية المدمّر والمُنهِكِ لخصوصية بنيناها عبْر الحقب التاريخية هوية الجنوب العربي جوهرٌ القضية وحقيقة ثوابت العدل وصنع الذات البصمة التي يتميز بها عن اليمن".

القضاء على الهوية الثقافية والفكرية
وفيما يتعلق بالقضاء على الهوية الثقافية الفكرية، أكد عفيف أن: "القوى اليمنية بكل مكوناتها السياسية والقبلية والعسكرية عملت منذ اجتياح الجنوب عسكريا لطمس هويتنا الثقافية ووضع العراقيل أمام نمونا الثقافي . فقد مارس الاحتلال اليمني، وما يزال، سياسة منهجية بطيئة منذ 28عاما من الاحتلال لمحو الهوية الثقافية ولما كانت الهُوِيَّة الثقافية والفكرية على هذا النحو المؤثر جعلها الشمال المحطة الأولى في صراعه مع الجنوب فعملوا على تعزيز الثقافية الشمالية  وحاولوا نزع الثقافة من الجنوب؛ لأن غياب الاعتزاز بالذات والموروث الثقافي والحضاري شكل أحد الأسباب التي راكمت جمود الفعل الحضاري في الوسط الجنوبي، ولا يمكن الوصولُ إلى مستوى متقدم للجنوب من الندية مع الشمال دون أن يعرفَ  الجنوبي معنى الجنوب  ويعرف أَيْـضاً من هو الشمال".


وقال: "لقد سعى نظام الاحتلال اليمني إلى طمس وتهميش الإبداع الثقافي والفكري الجنوبي فتم تعطيل الإنتاج الفكري والأدبي والثقافي مما جعل معظم الأدباء والمفكرين الانعزال عن المشهد الثقافي والأدبي والمتأمل فيما أنتج من أعمال أدبية في العقدين الماضيين يرى الغياب التام لكافة الإشكال الأدبية وان ظهرت رواية هنا أو قصيدة شعرية هناك فانه جهد شخصي نحو روايات حبيب سروري التي تم تأليفها خارج الوطن ومن هنا شكل غياب الأدب الروائي الجنوبي خلال هذا الفترة فجوة ثقافية.. وأن المتتبع للإنتاج الروائي الجنوبي يرى أن حضوره شكل نسبة ضعيفة مقارنة بالأدب الروائي في الشمال فقد بلغ عدد الروايات الجنوبية التي أنتجت خلال العقدين الماضيين (36) رواية معظمها كتب خارج الوطن بينما بلغت الروايات الشمالية(137) رواية وهذا يبين مدى التهميش المتعمد الذي فرض على عدن التي كانت منبر الثقافة والحضارة والإبداع الفكري والحضاري".


وأضاف: "قائمة التعديات والممارسات لمحو الهوية الثقافية الفكرية كثيرة، ولها أبعاد سياسية وثقافية تهدف القوى اليمنية المغتصبة لأرضنا من ورائها إلى تدمير مقومات الهوية وتشويه معالمها الثقافية، ومن ابرز ملامح التهميش والإقصاء الذي فرض على الثقافة الجنوبية هي تهميش الشخصيات الثقافية الجنوبية وتغييبهم تماما من المشهد الثقافي، وتدمير المؤسسات الثقافية والتنويرية ومصادرة ميزانياتها التشغيلية ولم يقف الحد هنا بل تم تحويل المنابر الثقافية الجنوبية إلى أماكن تمارس فيها الرذيلة والدعارة ، بالإضافة إلى نهب ومصادرة كل المقومات والأصول الثقافية المادية والفكرية من مسرح ومنتديات وملتقيات ثقافية وأدبية ورياضية ودور سينما ومعاهد فنون ومكتبات ومناهج دراسية وغيرها، وقاموا باستخدام تسميات يمنية على الشوارع والمدن  الجنوبية هادفين بذلك إلى محو التاريخ والذاكرة، إلى جانب نهب وسرقة وتزوير أغانينا وتراثنا الشعبي ومأكولاتنا الشعبية والأزياء الشعبية، وتزوير التاريخ الجنوبي وتحريفه في المناهج الدراسية في كافة مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي".


وتابع: "أما فيما يخص القضاء على الهوية الثقافية التاريخية والحضارية، فلقد سعت القوى اليمنية إلى تغيير تاريخ الجنوب العربي العريق وتدل الشواهد التاريخية العديدة والوثائق المنشورة أن استهداف الثقافة والتاريخ سلاح للهيمنة ومقدمة للتبعية الفكرية والإلحاق الحضاري والتبعية الثقافية وذوبان الهوية،  لذا مارست عصابات صنعاء نقل آثار الجنوب ودك معالمه والسطو على ما هو شائع في الثقافة الجنوبية، وعرض كل ما هو شمالي في الساحة الثقافية على أنه إبداع أصيل، حيث جعل من الشماليين يتحولون إلى قراصنة للغزو الفكري، ينظرون بنظارات سميكة لا ترى في جنوبنا وحضارتنا وتاريخنا إلا صورا كربونية للحضارة الشمالية وتاريخها".


وأكمل: "أن استهداف الهُـوِيَّة الجنوبية طال كُلّ إثر تأريخي يعبر عن امتزاج الهُـوِيَّة الوطنية مع الشخصية الجنوبية، لذا عملوا على تدميره، فقد كانت معالم الجنوب جزءًا من معارك وأهداف طمس الهوية التاريخية والثقافية، حيث تم تدمير جامع ( أبان بن عثمان بن عفان) رضي الله عنه، الذي يعد أقدم المساجد في الجزيرة العربية، فهذا الأثر الإسلامي الذي يعود إلى القرن الأول الهجري تم طمسه وإزالته بعد الوحدة مباشرة بحجة التوسعة دون مراعاة لحماية المعلم الديني التاريخي النادر، حيث يمثل مسجد أبان من المعالم الإسلامية القديمة ذات البناء العربي الفريد العائد إلى القرن الأول الهجري، وقد كان هذا المعلم ذات أهمية تاريخية للعمارة وكذلك لهوية عدن الإسلامية، ولنا أن نتساءل لماذا لم يهدم مسجد الجند أو جامع صنعاء، ولماذا  هُدم مسجد أبان في عدن؛ فعندما هُدم المسجد اختفى بريقه الأثري المعماري الإسلامي الأصيل الذي بني وفقًا لخصوصية مدينة عدن التاريخية الساحلية. لقد كان المسجد معلما سياحيا روحانيا وعنوانًا للسياحة الدينية في عدن يتردد عليه الزوار من مختلف الدول الإسلامية وخاصة في شرق آسيا مثل اندونيسيا وباكستان وماليزيا، كما أن متحف عدن الحربي من أهم معالم الهوية الجنوبية، حيث يعود تاريخ المتحف الحربي في عدن إلى العام 1918م، ففي حينها كان مدرسة للتعليم الأساسي- المرحلة الأساسية باللغة الإنجليزية (Residency School)-، وتم تحويله بعد الاستقلال إلى متحف للتراث العسكري الجنوبي، بقرار أصدره الرئيس  الجنوبي آنذاك سالم رُبيّع علي، وأبرز مقتنيات المتحف هي الأسلحة القديمة وصور الثوار، ومعروضات عن تاريخ الجنوب العسكري ومراحل التطوير الحديث التي شهدتها القوات المسلحة، كما يحتوي على صور وأعمال يدوية تاريخية صنعها الإنسان من الحجارة.. لذا يُعدَّ متحف عدن التاريخي أهم نموذج على الإهمال الممنهج وضياع هوية وطن وأدواره التاريخية؛ فعلى مدى سنين طوال، جرى تهميشه وإهمال المبنى وصيانة مرفقاته أو تأمين أمن وسلامة التحف والآثار الموجودة فيه، وكأنما عدن مدينة نائية ومتحفها لا يستحق الدعم والاهتمام، فانتهى أمر هذا المتحف وتفرقت باقي تحفه الثمينة :" بعضها تمت سرقته فعلاً، والبعض الآخر خرج للعرض العالمي ولم يعد إلى عدن، ويقال إن الصناديق موجودة في كاراج دار أحد مسؤولي إدارة متاحف صنعاء".


واستطرد: "وتعد مدينة شبام إحدى روائع الفن المعماري في العالم وأول ناطحة سحاب في العالم، وهي شاهدة على عراقة التاريخ الجنوبي وهوية الشامخة شموخ شبام، هذا التاريخ المعماري تعرض للسلب والتدهور خلال الثلاثين السنة، ويهدف هذا الإهمال الممنهج إلى تداعي هذا المعلم وانهياره؛ ولهذا فلا عجب أن  لجنة التراث العالمي لليونسكو المجتمعة في مدينة بون الألمانية، قد أعلنت في يوليو 2015م، عن إدراج مدينة شبام- حضرموت وسورها على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، كما تعرضت معالم لحج للبسط والتدهور وضياع هوية الحوطة، فمن تلك المعالم:  دار الحجر وقصر السلطان العبدلي الذي شيّده عبدالكريم بن فضل العبدلي عام 1766م، ومسجد أو الجامع (عمر بن عبد الله المساوي) العائد إلى عام 1083هـ()، ومسجد الدولة الذي شيد عام 1292هـ الذي يعتبر من أجمل المساجد في مدينة الحوطة من حيث التخطيط الهندسي والمعماري للمسجد  والذي كان متأثرآ بفنون العمارة الإسلامية في بلدان الشرق الأقصى، أما عمارة عدن الكولونيالية التي أنشئت في فترة حكم الاستعمار البريطاني والمعروفة بالطابع الفكتوري (Victorian)، فهي على وشك الاندثار تحت طمس الاهمال والاهتراء، كما أهملت "قلعة صيرة" التاريخية، التي بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان لها دور دفاعي في حياة المدينة خلال المراحل التاريخية المختلفة، إضافة إلى تضرر "مسجد جوهرة" التاريخي".


وأشار إلى أنه في "عام 2009م وجّه 150 باحثًا يمنيًا وأجنبيًا شاركوا في مؤتمر الدراسات السبئية بباريس، نداءً حادًا يطالبون فيه بالتدخل الفوري لإنقاذ ما تبقى من هذه المقتنيات التي لا تقدر بثمن، تعرض مواقع أثرية في جزيرة سقطرى المندرجة ضمن قائمة التراث العالمي لعمليات نبش ونهب وتدمير وسرقة محتوياتها".

حقيقة ما يوجد في البنك المركزي
وتساءل عفيف، خلال ألقائه بحثه الذي اشرف عليه مركز رؤى للدراسات الاستراتيجية والاستشارات والتدريب، عن لماذا يحدث تجديد المعالم الأثرية الجنوبية فيما المعالم الثرية في الشمال لا تُجدد؟.
وطالب عفيف بضرورة انشاء متحف جنوبي وطني يحتوي كل الآثار الجنوبية حفاظًا على الهوية الجنوبية.


وأكد انهُ حصل على معلومات تفيد بأنه يوجد اثار جنوبية هامة خاصة بمتحف (عدن الحربي) متواجدة في البنك المركزي اليمني بعدن وعليها حراسة شخصية.


وقال عفيف أن من بين تلك الآثار المتواجدة حاليًا في البنك المركزي اليمني بعدن "اسلحة جنوبية قديمة، وصور الثوار، ومعروضات عن التاريخ الجنوبي العسكري، ومراحل تطوره الحديثة)، مطالبًا بضرورة وسرعة استعادتها قبل فوات الأوان.

دور المثقفين الجنوبيين
وعن دور المثقفين الجنوبيين في تعزيز هوية الجنوب الثقافية ومقاومة الغزو الفكري والعسكري للجنوب، قال عفيف انهُ: "إذا كان لكل شعب من الشعوب خصائصه الثقافية المميزة له التي تجعل منه شعبا في مقابل شعب أخر وهي ميزة تنطبق على شعب الجنوب العربي مثلما تنطبق على أي شعب أخر فأن للجنوبيين خصوصية تشكل قيمة مضافة لهويتهم الثقافية تتمثل خصوصية الهوية الجنوبية في أن تبلورها ارتبط بمواجهة مستعمرين كثر وتعرضت للغزو الفكري من قبل القوى اليمنية والأجنبية مرات عديدة وفي كافة المراحل، وشكلت النكبة اليمنية وما تعرض له الجنوب من غزو في 94 الذي استهدف وجودهم والثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحضاري والإنساني بشكل عام وعليه يصح القول أن هوية الجنوب تشكلت في خضم صراع مرير خاضه هذا الشعب لإثبات وجوده في هذا المعركة القاسية وغير المتكافئة مما جعل من القوى الجنوبية الحرة والمؤمنة بالتحرير والاستقلال في طور تشكل الهوية الثقافية والوطنية والاجتماعية الجنوبية إطارا ناظما لها، واستخدامها كسلاح وإستراتيجية دفاع عن الوجود، ولتعزيز المقاومة ضد كل أشكال الاضطهاد التي تمارس بحقنا كشعب".

توصيات
واختتم الباحث محاضرته بوضع عدد من التوصيات بقوله: "المحافظة على الهوية الثقافية الجنوبية يحتاج إلى رؤية وخطة إستراتيجية موجهة وليست ارتجالية وآنية، على أن يتم التركيز على مقومات تعزيز روح الانتماء والحفاظ على التاريخ بكافة الطرق والإمكانيات والسبل المتاحة من اجل مجابهة مخططات الاحتلال اليمني لاقتلاعها وتهجيرها تمهيدا لمحو الهوية الثقافية، بالإضافة إلى تسخير جهودنا وانجازاتنا وتعزيز حضورنا لنخوض معركتنا أيضا بسلاح الثقافة الوطنية الجنوبية، والقصد هنا هو استخدام الثقافة كحقل داعم معرفي وإنتاجي من اجل خدمة القضية الجنوبية محليا وإقليميا ودوليا، وعليه تكمن أهم المهام الثقافية أمامنا كجنوبيين من خلال تعميم ثقافة تعزيز روح الانتماء للهوية الوطنية الجنوبية فكرا وممارسة وتوحيد الجهود على امتداد الوطن الجنوبي والشتات، ومقاومة جميع أشكال التغريب الثقافي لهويتنا وثقافتنا الوطنية والاجتماعية، ما دام الاحتلال على أرضنا".


وتابع في سرد توصياته: "إن مهمتنا تكمن في رسم مشروعنا الحضاري من خلال الثقافة والإبداع، وهي إحدى أساليب مقاومة أشكال الطمس أو قتل الروح والهوية الجنوبية، ويجب أن نكون أوفياء لحضارتنا العربية الجنوبية وتراثنا وقيمنا ومبادئنا السامية ومعتقداتنا الأصيلة ولغتنا وثقافتنا وعقيدتنا، وأن نسعى للحفاظ على هذه الثقافة والدفاع عنها وإبقائها حيّة في نفوسنا، وبذلك نصنع مجتمعاً متحضراً ومنتجاً وسليماً من الآفات الاجتماعية والأخلاقية وسواها".

مداخلات قيمة
بعدها، فُتح باب المداخلات في المحاضرة التي حضرها عدد من الأدباء والمثقفين الجنوبيين كان على رأسهم رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب الدكتور جنيد محمد الجنيد، والأمين العام لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب الأستاذ بدر العرابي، حيث بدأها الأستاذ محمود المداوي، بالقول إن "كلمة اليمن نتعامل معها كسياسة، لكنني قرأتُ كتابًا للدكتور (جواد علي) يشير فيه إلى أن اسم اليمن غير موجود، وانهُ وجد (يمن هت)، وتعني منطقة قريبة من القبيطة وكرش (أي ما بين تعز وتلك المناطق)، وتعني في الأصل جنوب في اللغة القديمة".


وأضاف: "قبل الإسلام، عمدها القرآن الكريم في رحلة الشتاء والصيف، وكما نعرف الشام شام (والتي هي الشمال)، و(اليمن) كلما كان يمين الكعبة (أي جنوبها) فهو (يمن)، فكل ما هو جنوب الكعبة هو (يمن)، ويقصد بهذا اليمن حتى الامارات وعُمان حتى يصل القرن الافريقي بما فيها الصومال

".
وأكد المداوي أن تلك الحقائق يجب التركيز عليها كجنوبيين "لنقطع شوكتهم في مسمى اليمن، فاليمن لم يسمى إلا في عهد الأئمة كدولة".


وأشار إلى أن "نظرية التوسع التي تطرق لها الباحث صبري قائمة عند الشمال منذ فجر انهيار الدويلات وحتى اليوم هذا".
وتابع: "كتاب (القمندان) تم تحريفه في طبعته الثانية، فمرجعة كتاب (القمندان) هو  "حديث الزمن" هو كتاب ابن المجاور (المستبصر)"

.
وأختتم المداوي مداخلته بالقول: "أصبحنا نستغرب من الشارع العام الجنوبي، حيث أصبح ليس هو الشارع الجنوبي من خلال اللباس، وهذا ما يجب على كتابنا ومثقفينا أن يهتموا فيه".


من جانبه، قال رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع العاصمة عدن الأستاذ نجمي عبد الحميد إن: "قضية الجنوب بدأت تطمس من بعد عام 67م، فمنذ أن جأت كلمة (اليمن الجنوبي)، وتم حذف (الجنوب العربي)، بدأت اليمننة

".
وأضاف: "نحن أمامنا تراكم حق نصف قرن من الزمان في كل شيء، فحتى عندما أسسوا دار نشر اسموه بـ(دار الهمداني)، ولم يسموه باسم مؤرخين جنوبيين"

.

وتابع: "الان لو سألنا طالب من هو عبد الرحمن جرجرة أو غيره من أعلام الجنوب لن يعرف، وحكامنا، مع الأسف، هم من يتحملون كل ذلك".


وأشار نجمي إلى ان "حتى النشيد الوطني جاء من الشمال رغم أن الجنوب يمتلك شعراء وكتاب كثر.. فمثلًا حينما كنت أدرس كنت ادرس (منهج النصوص) فلا يوجد قصيدة لشاعر جنوبي إلا لو ذكر 26 سبتمبر، فكانوا يرسخون فينا انه عيب أن تدرس (محمد علي لقمان أو محمد عبده غانم)، لانهم عملاء الاستعمار ولو قلت أي كلمة مخالفة لذلك يأتي أمن الدولة ويسحبك من المنزل فكيف الناس غابت هويتهم؟".


واستطرد: "الناس الان تبحث عن هوية الجنوب العربي، وقد كتبنا كثيرًا في ذلك، فالجميع أصبح بحاجة إلى أن يستعيد هويته، لانهم أصبحوا ينظرون إلى (اليمننة) كجزء من سلطة الاحتلال".


وأكمل: "طمس هوية الجنوب وصل حتى إلى الأغاني العيدية، حيث كنا سابقًا نستمع في العيد إلى عبد الرحمن باجنيد (كل عام وأنتم بخير)، من إذاعة عدن، لكن بعد عام 1994م نستمع (آنستنا يا عيد)، وهذا جزء من طمس الهوية الجنوبية".


واختتم نجمي حديثه بالحث على ضرورة انشاء دار نشر في الجنوب لطباعة الكتب والمؤلفات الجنوبية قائلًا: "للأسف لا يوجد لدينا دار نشر، أما داخل صنعاء فالقطاع العام يعمل وقطاع الدولة والقطاع المختلط يعملوا، ويطبعوا بأفضل المواصفات.. نحن كان لدينا مركز (عبادي) نطبع عنده، وتمكن من طباعة أكثر من أربعة الآلاف عنوان، لكنهم حاربوه حتى باع المركز".


بدوره، قال الأمين العام لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب الأستاذ بدر العرابي إن: "نشكر الباحث على الجهد الذي بذله في تصنيف وبحث، والبحث كان بلا شك عميق، وهذا يجب أن تهتم به الأطر العليا في الحركة النضالية الجنوبية من أجل التحرر".


وأضاف: "أن ما حدث في الجنوب مأساة كبيرة، وممتدة تاريخيًا، فمنذ عام 67م بدأ الالتفاف على الهوية الجنوبية، وبدأ – ربما بقصد أو بدون قصد – بدأ التيار القومي العربي يمارس أدواته ووسائله بتحويل (الجنوب العربي) إلى (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) و(الجمهورية الجنوبية الشعبية) ..الخ".


وتابع: "هناك من اصطاد هذا التيار القومي لمآرب أخرى هي (الضم والالحاق)، وهم المتواجدين في الجنوب من أبناء الشمال الذين طردوا أو زفروا من بلادهم ولم يفوا للجنوب رغم أن الجنوب وفاء لهم إلا انهم تحولوا في عام 90م إلى وجه اخر (الوجه الشمالي)، واعتزوا بأنتمائهم الشمالي رغم ان ثقافتهم كلها تبدلت، الثقافة القبلية، واستفادوا من الجنوب، ولكن انتكسوا في عام 90م وعادوا إلى ثقافة القبلية وثقافة الانتماء وثقافة الجهوية

".
واستطرد: "هم الوحيدون الأكثر ضررًا لنا الان في الإعلام وفي كل شيء"

.
وأشار العرابي إلى أن: "معالم طمس الهوية الجنوبية بدأت معالمها مبكرًا، وتحديدًا منذ عام 67م، لكن الشيء الجميل الذي نفتخر به ونعتز به، وهو ما يثبت جذور وأصالة الهوية الجنوبية الثقافية، أن الثقافي الجنوبي بعد الضم والالحاق في عام 90م و94م قاوم، صحيح أن السياسية الجنوبية انبطحت، لكن الثقافة الجنوبية قاومت".


واكد أن أكبر دليل على كل ذلك ما حدث في الجنوب بعد حرب 94م من ثورات وحركات ثورية كانت ليست حركة سياسية، فأنا اشارط، وسأأتي بحجج على ذلك، انها ليست حركة سياسية، فهي حركة لمقاوم الغزو للثقافة الجنوبية حتى أن حركة الشعراء الشعبيين الجنوبيين ارتأت، في هذه الحركة السياسية، احلاهما في استعادة الفلكلور الجنوب والثقافة الجنوبية والروحانية الجنوبية".


وأكمل: "في عام 90م فُقدت الروحانية الجنوبية في الفلكلور والثقافة، وكانت هي الظاهرة في السياسة، فكان أي فعالية جنوبية ينظمها الحراك السياسي يتخللها الرقص الجنوبي والفلكلور الجنوبي، والناس في الجنوب يعبرون عما تم فقده

".
وأضاف: "الثورة الجنوبية كانت ثورة ثقافية أكثر مما كانت سياسية، لكنها كانت تتوصى بالحركة السياسية"

.
وتابع: "يجب أن نربط المعادلة، ويجب أن نضع الثقافي الجنوبي، فالثقافي صمد والهوية الثقافية الجنوبية صمدت، رغم النطاق والمال الكبيرين اللذان بُذلا في حجب الثقافة الجنوبية والهوية الجنوبية إلا أن الثقافة الجنوبية في الأخير اثبتت أن الاتفاق السياسي الذي أُبرم في عام 90م لا يمت لها بصلة، وأن الثقافة الجنوبية ما تزال موجودة".


واختتم العرابي مداخلته بالتأكيد على انهُ: "لا يمكن أن ينتصر السياسي الوحدوي، بعد عام 90م، إلا في حالة القضاء التام على النفس الثقافي الجنوبي الموجود، وفي حالة القضاء عليه سينتصر السياسي وستنتهي الهوية الثقافية الجنوبية، وهذا أمر محال ومستحيل".
أما رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب الدكتور جنيد محمد الجنيد فقال في مداخلته إن: "الحفاظ على الهوية الجنوبية سنستطيع القيام به من خلال الكتابات الجنوبية الأدبية الرصينة".
وأضاف الجنيد: "استشهادك باليمني في بحثك هو استئصال للهوية اليمنية وليس للهوية الجنوبية، وهذه ملاحظة أرجو العمل بها"

.


وتابع: "يجب ان تبحث عن الشعر الرافض ما بعد 94م، أو حتى ما بعد 90م".


واستطرد الجنيد: "مراحل التاريخ العربي مر بمراحل عديدة ونحن كنا ضمن هذه المنعطفات التاريخية، ولا ننكر ذلك، ففي مرحلة الخمسينيات والستينيات كان التيار العربي القوي، وتيار (جمال عبد الناصر)، وكانوا ينادوا بالوحدة العربية، ونحن انتمائنا في تلك الفترة هو للمد العربي وللوحدة العربية، ومن ضمنها كانت الوحدة اليمنية، ولا ننكر ذلك".


واكد أن: "الوحدة اليمنية دمرت جزء من الوحدة العربية، وهذا أحدث شرخ، وكنت اقولها مرارًا وتكرارًا (الوحدة النفسية دُمرت تدميرًا كاملًا) قبل أي شيء أخرى.. فقد كنا شعب في دولتين وصرنا شعبين في دولة، وهذه هي الخطورة في ذلك".


واختتم الجنيد مداخلته بالتأكيد على ضرورة أن: "نستعيد الهوية الجنوبية ضمن الاطار العربي ومشروعنا العربي أفضل من أن نظل في ظل هوية تدمر الهوية العربية كلها، وهذا ما نعمل عليه الان".