الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - الساعة 08:27 م بتوقيت عدن ،،،
شكّل البيان المشترك الصادر عن أربعة من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وهم: عيدروس الزُبيدي، عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي، فرج البحسني، وطارق صالح، محطة مفصلية في مسار الأزمة السياسية التي تعصف بمجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله. فالبيان، الصادر عن نصف أعضاء المجلس المكوَّن من ثمانية أعضاء، لم يكن مجرد موقف سياسي عابر، بل حمل دلالات قانونية وسياسية عميقة ترقى إلى رفض شرعية القرارات الصادرة عن رئيس المجلس رشاد العليمي.
لقد أكد البيان بوضوح عدم قانونية الإجراءات والقرارات التي اتخذها العليمي، لكونها مخالفة صريحة لإعلان نقل السلطة من الرئيس عبدربه منصور هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي، وهو الإعلان الذي نصّ بشكل لا لبس فيه على أن القرارات المصيرية ـ السيادية والعسكرية والسياسية ـ يجب أن تُتخذ بالتوافق، أو بالأغلبية في حال تعذّر التوافق، وحظر التفرد بالقرار تحت أي ظرف.
إن تجاوز هذا النص التأسيسي لا يُعد مجرد خطأ إجرائي، بل يُمثّل خرقًا جوهريًا لبنية الشراكة التي قام عليها مجلس القيادة الرئاسي، ويُفرغ المجلس من مضمونه التوافقي، ويحوّل رئاسته إلى سلطة فردية تتناقض مع الأساس القانوني الذي أنشئ بموجبه، وعليه، فإن القرارات المنفردة الصادرة عن رشاد العليمي تفتقر إلى السند القانوني والدستوري، وتُعد باطلة من حيث المبدأ.
وفي هذا السياق، فإن البيان المشترك للأعضاء الأربعة يُسقط عمليًا شرعية تلك القرارات، ويُشكّل طعنًا مباشرًا في قانونيتها، ويكشف عن انقلاب واضح على مبدأ الشراكة السياسية التي كانت قائمة بين مكوّنات مجلس القيادة، والتي بُنيت على التوافق في إدارة المرحلة الانتقالية، وعلى الشراكة في المسؤولية السياسية والعسكرية والاقتصادية، خصوصًا في إطار مواجهة مليشيات الحوثي.
إن هذا الانقلاب على الشراكة لا يمكن فصله عن تداعياته السياسية والقانونية، إذ إن انهيار الأساس التوافقي لمجلس القيادة الرئاسي يفتح الباب واسعًا أمام إعادة تعريف العلاقة السياسية برمتها. ومن هنا، فإن هذا الوضع المستجد يمنح الجنوب ومجلسه الانتقالي الجنوبي حقًا سياسيًا وقانونيًا مشروعًا لفك الارتباط، باعتباره طرفًا رئيسيًا في الشراكة التي جرى الانقلاب عليها، ولم يعد مُلزمًا بالاستمرار في إطار سياسي تم تقويض أسسه الدستورية.
وعليه، فإن إعلان استقلال دولة الجنوب العربي لم يعد مجرد مطلب سياسي، بل خيارًا تفرضه الوقائع على الأرض، وتُسنده معطيات قانونية واضحة ناجمة عن إخلال الطرف الآخر بالتزاماته التوافقية، فضلًا عن الإرادة الشعبية والتفويض الشعبي الواسع الممنوح للرئيس عيدروس الزُبيدي في مختلف محافظات الجنوب، من قِبل الجماهير المطالِبة بإعلان دولة الجنوب العربي. فالشراكة التي لا تُحترم، والقرارات التي تُفرض بالإكراه، تفقد مشروعيتها، وتسقط معها أي التزامات سياسية أو وطنية مترتبة عليها.
ختامًا، فإن ما أقدم عليه رئيس مجلس القيادة الرئاسي من تفرد بالقرار لم يؤدِّ فقط إلى تعميق الأزمة السياسية، بل أسهم في تسريع مسار فك الإرتباط السياسي، ودفع الجنوب نحو استعادة دولته كاملة السيادة، عبر أدوات سياسية وقانونية مشروعة، وفي إطار حق الشعوب في تقرير مصيرها، وإقامة دولتها المستقلة على أرضها.