الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - الساعة 10:21 م
الانسحاب عندما ياتي من دولة بحجم الامارات
قدمت في الحرب تضحيات جسام وأموال طائلة ولها حلفاء يمتكلون قوات عسكرية ضاربة لا يعني ترك الساحة خالية، بل قد يكون عبوراً الى مستوى اخر من الفعل؛ حيث تدار المعارك من وراء الستار، وتقدم فيه المساندة للحلفاء بصوت منخفض، فيما تخفف كلفتها المباشرة ويظل التاثير الحقيقي جارياً في نهر الاحداث، وأن بدا واقفاً، لمن يراقب عن بعد. انها سياسة الحضور الصامت حضور لا يرى، لكنه يؤثر في موازين القوى واتجاه الرياح.
بالمقابل، تبدو المملكة وكانها ممنوعة من الفهم، فتدخل مجدداً الى ذات الممر المُعتم الذي أرهقها مع بدايات عاصفة الحزم، المؤشرات الأمنية والسياسية تقول أن المستنقع نفسه إن لم يكن مستنقع أعمق يعاد فتحه للمملكة السعودية، ولكن بثوب مختلف، وإذا تُرك المسار يسير دون مراجعة حقيقية، فلن يقتصر الامر على استنزاف المملكة دون جدوى، بل قد يصل الى زعزعة عرش أسرة آل سعود، وغرف صناعة القرار السعودي بصورة يصعب على المملكة التحكم بنتائجها٠
الخطر الحقيقي لا يكمن في القوة الضاربة التي يمتلكها خصوم المملكة على الأرض كقوات الانتقالي وطارق صالح بالإضافة إلى الخصم القديم الحوثي، بالمقابل هشاشة وهلامية القوى التي تسند المملكة ظهرها عليهم ممن ثبتت إنهزاميتهم ، لكن الخطورة في سوء قراءة المملكة لللحظة التاريخية، فخلال 11 سنة من الحرب تغيرت التحالفات وطبيعة الصراع، بينما المملكة تصر على الادوات القديمة التي لن تزيدها إلا مزيداً من الغرق في صحاري الجنوب المتحركة.
الأحداث لن ترحم المملكة السعودية ولن تجاملها في سوء تقديرها للواقع وعدم فهمها لقواعد اللعبة، وستصبح جزءاً من معركة يشعلها انهزاميون يسكنون فنادقها تصدر بيانات بأسمائهم وتتحمل هي عواقبها، لذلك فان تجاهل المملكة لتعقيدات القوى المحلية والاقليمية، يعرض الامن والاستقرار الاقليميين لاهتزازات واسعة، ونحن نعيش مرحلة الذكاء السياسي، إدارة النفوذ بعقل هادئ، فمن يعي ذلك ينجو ويؤثر ومن لا يعيه يظل يدور في حلقة استنزاف لا تنتهي إلا بنهايته وهذا مصير مملكة آل سعود٠