4 مايو/ تقرير / منير النقيب
دخلت قضية شعب الجنوب، وفق قراءات سياسية وشعبية متزايدة، مرحلة توصف بـ«نقطة اللاعودة»، في ظل التحولات الميدانية والسياسية التي شهدتها الساحة الجنوبية خلال الفترة الأخيرة، وما رافقها من تصاعد الخطاب الشعبي الواسع المطالب باستعادة القرار الجنوبي، والمضي قدمًا نحو تقرير المصير واستعادة دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.
ويرى مراقبون أن ما تحقق على الأرض، لاسيما الخطوات التي قادها المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات المسلحة الجنوبية، في سياق فرض السيطرة على محافظات جنوبية استراتيجية كحضرموت والمهرة، شكّل منعطفًا حاسمًا في مسار قضية شعب الجنوب، ورسّخ معادلة جديدة يصعب التراجع عنها دون كلفة سياسية وشعبية باهظة.
ناشطون وسياسيون جنوبيون اكدوا أن أي تراجع عن هذه الخطوات، أو القبول بالعودة إلى ما قبل استعادة القرار الجنوبي، سيُعد نكسة كبيرة، ليس فقط على مستوى الأداء السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، بل أيضًا على مستوى الثقة الشعبية التي تراكمت بفعل ما وُصف بـ«الانتصارات المحققة» على حساب قوى يُنظر إليها في الشارع الجنوبي باعتبارها قوى احتلال أو تنظيمات معادية، وفي مقدمتها مليشيات الحوثي والتنظيمات المرتبطة بالإخوان.
محذرين أن التراجع في هذه المرحلة قد يؤدي إلى تبديد آمال الشارع الجنوبي، وإفراغ حالة الزخم الشعبي من مضمونها، بل وفتح الباب أمام عودة الفوضى والانفلات الأمني ونشاط الجماعات الإرهابية، وهو ما يعتبره كثيرون ثمنًا لا يمكن القبول بدفعه بعد سنوات من الصراع والتضحيات.
في المقابل، تؤكد مكونات الحراك الجنوبي، ومعها قطاعات واسعة من المجتمع، أن هناك حالة اصطفاف شعبي غير مسبوقة تسير في اتجاه واحد، قوامها التمسك بالخيارات التي تم حسمها، ورفض أي محاولات للالتفاف على تطلعات الجنوبيين أو إعادة إنتاج واقع ما قبل هذه التحولات.
ويذهب هذا التوجه إلى التأكيد بأن أبناء شعب الجنوب، إلى جانب قواتهم المسلحة ومجلسهم الانتقالي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، قد حسموا خيارهم الاستراتيجي، وأن ما تحقق من مكاسب سياسية وميدانية يُعد خطوة متقدمة على طريق استعادة دولة الجنوب العربي لا يمكن التفريط بها أو التراجع عنها تحت أي ظرف.
في ذات السياق تشهد ساحات الاعتصام المفتوح في العاصمة عدن، إلى جانب مختلف محافظات ومدن الجنوب، خروج حشود جماهيرية واسعة تعكس حجم الالتفاف الشعبي حول المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي والقضية الجنوبية ومسارها السياسي الراهن.
كما رفعت الجماهير المشاركة مطالب واضحة بتفويض المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، لإعلان دولة الجنوب العربي، باعتبار ذلك استحقاقًا وطنيًا طال انتظاره ونتاجًا طبيعيًا لتضحيات جسيمة قدمها أبناء الجنوب على مدى سنوات.
وتؤكد هذه الحشود، التي ملأت الساحات والميادين، أن الشارع الجنوبي بات موحدًا خلف قيادته السياسية، رافضًا أي محاولات للعودة إلى الخلف أو التنازل عن المكتسبات التي تحققت، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري. ويجمع المشاركون على أن أي تراجع عن هذه المنجزات يُعد خطأً فادحًا ومستحيل الحدوث في ظل الوعي الشعبي المتنامي والإرادة الجماهيرية الصلبة التي تحرس مسار القضية الجنوبية.
ومن ساحات الاعتصام المفتوح، يوجه شعب الجنوب العربي رسائل سياسية واضحة إلى الإقليم والعالم، مفادها أن الشعب وقيادته السياسية ماضون بثبات في طريق استعادة دولة الجنوب العربي، واستعادة الحرية والسيادة، وعودة الحق إلى أصحابه الشرعيين.
كما تعكس هذه الرسائل تصميمًا شعبيًا على مواصلة النضال السلمي والمنظم، حتى تحقيق الهدف الوطني المتمثل في استعادة الدولة وبناء مستقبل يعبر عن تطلعات أبناء الجنوب وهويتهم الوطنية.
وبحسب هذا التصور، فإن المسار الجنوبي الحالي لم يعد مجرد مطالب أو شعارات، بل أصبح واقعًا سياسيًا وميدانيًا يتطلب استكماله بخطوات مدروسة، تحافظ على المنجزات، وتعزز الأمن والاستقرار، وتؤكد أن القضية الجنوبية قد تجاوزت مرحلة التردد، ووصلت فعليًا إلى نقطة اللاعودة.