4 مايو/ تقرير / رامي الردفاني
تتجه الأنظار نحو مدينة سيئون في حضرموت، التي تستعد لاحتضان واحدة من أكبر الفعاليات الجماهيرية المرتقبة بمناسبة الذكرى الـ58 لعيد الاستقلال في الـ30 من نوفمبر 1967.
كما يأتي الاحتفال في سياق سياسي واجتماعي لكونه الأكثر أهمية منذ سنوات نظرا لارتباطه المباشر بمسار استعادة الدولة الجنوبية، وتعاظم حضور المجلس الانتقالي الجنوبي في المشهد الإقليمي والدولي.
وتشهد سيئون منذ أيام حركة واسعة في الاستعدادات وسط زخم جماهيري متصاعد، وتوافد وفود قبلية وشخصيات اجتماعية وقيادات من مختلف محافظات الجنوب وتبدو المدينة وفق سياسيون أقرب إلى “ساحة وطنية مفتوحة” تعبّر عن ثقل وموقع حضرموت الهام في المشروع الوطني الجنوبي.
يمثّل الثلاثون من نوفمبر ذكرى مفصلية في التاريخ الجنوب العربي كونه اليوم الذي أعلن فيه الجنوبيون انتهاء حقبة الاستعمار البريطاني وبداية بزوغ دولتهم المستقلة. ومع اقتراب الذكرى الـ58، يستعيد الجنوب هذا العام دلالات تلك اللحظة، لكن بصيغة جديدة تتعلق بما يصفه الشارع الجنوبي بـ “الاستقلال الثاني” الذي تقول قيادات جنوبية إنه بات أقرب من أي وقت مضى.
ويرى محللون أن مشهد نوفمبر 2025م يتجاوز الاحتفال التقليدي ليعكس حالة نضج سياسي وتوافق شعبي حول مشروع الدولة الجنوبية، في ظل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي.
برز المجلس الانتقالي الجنوبي خلال السنوات الأخيرة كقوة سياسية وعسكرية متماسكة، استطاعت إعادة تعريف موقع الجنوب العربي في المعادلة اليمنية والإقليمية وتُجمع التحليلات على أن المجلس يمضي “بخطوات محسوبة” نحو استعادة الدولة، مستندا إلى قاعدة جماهيرية واسعة وإلى مؤسسات عسكرية وأمنية باتت أكثر جاهزية وتنظيما.
وتشير مصادر سياسية إلى أنّ الفعاليات التي ستشهدها سيئون وعدن وبقية محافظات الجنوب تمثل رسالة سياسية موحدة للعالم، مفادها أن الجنوب العربي يملك مشروعا وقيادة وشعبا قادرين على إدارة الدولة.
يبرز الدور المحوري للقوات المسلحة الجنوبية في المشهد، خصوصا بعد أن أثبتت هذه القوات خلال السنوات الماضية قدرتها على حماية الأراضي الجنوبية ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية.. ومن المتوقع أن تشارك وحدات من القوات الجنوبية في تأمين الفعاليات المركزية في سيئون، إلى جانب قوات النخبة الحضرمية التي تشكل ركيزة أمنية مهمة في حضرموت.
ويرى مراقبون أن جاهزية القوات الجنوبية تعكس رسالة واضحة للعالم مفادها أن “المشروع السياسي الجنوبي يملك ذراعا عسكرية قادرة على حماية منجزاته.
وفي العاصمة عدن، تتواصل التحضيرات لفعاليات كبيرة تليق بمكانتها باعتبارها المدينة التي وقّعت وثيقة الاستقلال الأول عام 1967. وتشهد أحياء عدن، من المعلا إلى التواهي وكريتر وخور مكسر، أجواء احتفالية تتزامن مع فعاليات سيئون، في مشهد يؤكد بحسب متابعين وحدة الموقف الشعبي الجنوبي إزاء مشروع الاستقلال الثاني.
ويرى أبناء الجنوب العربي أن احتفالات عدن تمثل رابطاً معنوياً بين الاستقلال الأول والاستقلال المرتقب، خصوصا مع حضور القيادات السياسية والمجتمعية في الفعاليات.
لا يقتصر الاحتفال على سيئون وعدن، إذ تشهد محافظات الضالع ولحج وأبين وشبوة وسقطرى والمهرة فعاليات جماهيرية واسعة يعبر فيها المواطنون عن تمسكهم بمشروع استعادة الدولة الجنوبية. وتتفق الفعاليات جميعها على رسالة واحدة وهي أن الجنوب العربي اليوم أكثر وحدة وتماسكا من أي وقت مضى.
تتوسع التقديرات السياسية التي ترى في عام 2025 عاما مفصليا بالنسبة للجنوب العربي حيث تتقاطع التحركات السياسية للمجلس الانتقالي مع دعم شعبي متزايد ومع معطيات إقليمية تمنح الملف الجنوبي وزنا أكبر في الحسابات الدولية.
وتشير مصادر سياسية إلى أن مشهد الاحتفالات في سيئون و العاصمة عدن يمثل “مؤشرا واضحا” على اقتراب الجنوب العربي من مرحلة جديدة تتجاوز الاحتفال إلى التحول السياسي الفعلي.
يرى أبناء الجنوب العربي إن وطنهم يدخل ذكرى الاستقلال هذا العام وهو أكثر تماسكا سياسيا وعسكرياً وشعبيا، وأكثر قدرة على المضي نحو هدفه في استعادة الدولة الجنوبية وبناء نظام سياسي مستقر.
وتبدو سيئون بكل ما تحمله من رصيد نضالي عنوانا لهذه اللحظة، فيما تمثل العاصمة عدن الخلفية التاريخية التي تعيد تشكيل الوعي الجنوبي، ليكتمل المشهد في لوحة واحدة تجمع الأرض والقيادة والشعب والقضية.