الرئيس الزُبيدي يلتقي نائب رئيس الوزراء الروسي لبحث تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجنوب وروسيا.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يصل موسكو ويلتقي وزير خارجية روسيا الاتحادية

الكثيري يبحث مع وفد المبعوث الأممي مستجدات العملية السياسية وجهود إحلال السلام في بلادنا.. انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الإثنين - 03 نوفمبر 2025 - الساعة 10:59 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ تقرير / رامي الردفاني



في الثالث من نوفمبر من كل عام، تستعيد الأمة العربية ذكرى رحيل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورائد الحكمة والعطاء العربي .. ولكن في الجنوب العربي، وتحديداً في العاصمة عدن، تأخذ هذه الذكرى طابعاً مختلفا، إذ يرتبط اسم زايد بصفحة ناصعة من تاريخ العلاقات الأخوية بين الجنوب والإمارات، بدأت قبل نحو نصف قرن وما تزال تتجدد حتى اليوم.


"من ذاكرة عدن التاريخية"

في فبراير عام 1976، كانت عدن تعيش مرحلة دقيقة بعد الاستقلال عن بريطانيا، وتحاول بناء مؤسساتها الوطنية على أسس جديدة. في تلك اللحظة، حلّ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ضيفا على المدينة في زيارة رسمية وُصفت حينها بأنها زيارة الأخ الكبير.

كما شهدت العاصمة عدن في استقبال الشيخ زايد من الرئيس سالم ربيع علي “سالمين” استقبال القادة الكبار، حيث عزفت الموسيقى العسكرية النشيدين الوطنيين، وأطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبًا بالضيف العربي الكبير، فيما اصطفّت الجماهير على جانبي الطريق من المطار إلى قصر الضيافة، تلوّح بالأعلام وتردد الهتافات التي عبّرت عن عمق المحبة والتقدير.

كما لم تكن تلك الزيارة مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل لحظة وجدانية عكست روح العروبة الخالصة، وأعلنت بداية علاقة إنسانية وسياسية مميزة بين الإمارات والجنوب، قوامها الاحترام المتبادل والمصير المشترك.



حيث كان الشيخ زايد ينظر إلى الجنوب باعتباره بوابة العرب على بحرهم التاريخي، وامتدادا طبيعيًا للهوية العربية في خاصرة الجزيرة لم يكن زعيماً بل قائداً ذا أفق قومي يرى في دعم الأشقاء واجبًا أخلاقيًا، وفي توحيد الصف العربي هدفاً لا يجوز التنازل عنه
ومن هذا المنطلق، جاءت زيارته لعدن ترجمة عملية لفلسفته التي جمعت بين الواقعية السياسية والرحمة الإنسانية.

كما أراد الشيخ زايد أن يكون للإمارات دور فاعل في مساندة المشاريع التنموية والإنسانية في الوطن العربي، من الخليج إلى باب المندب، وأن تكون الإمارات نموذجاً للعطاء العربي المسؤول.


مرّت أربعة عقود على تلك الزيارة التاريخية، قبل أن يعود اسم الإمارات ليعلو مجدداً في سماء عدن، ولكن هذه المرة في سياق ميداني مختلف..
فمنذ عام 2015، لعبت دولة الإمارات دوراً أساسياً ومحوريا في دعم الجنوب خلال الحرب ضد الجماعات المتطرفة ومليشيات الحوثي، وساهمت بفاعلية في إعادة بناء مؤسسات الأمن والقوات الجنوبية والخدمات.

كما رأى أبناء الجنوب في هذا الدور امتداداً طبيعياً لإرث زايد الخير، الذي جعل من العمل الإنساني والسياسي وجهين لعملة واحدة، وجعل من مساندة الأشقاء التزاماً راسخاً لا يرتبط بالمصالح المؤقتة.

ولم تكن عودة الإمارات إلى الجنوب وليدة التطورات العسكرية، بل امتداداً لذاكرة مشتركة تأسست قبل نصف قرن، لتتجدد اليوم في شكل شراكة استراتيجية تجمع بين التنمية والدفاع والاستقرار.


كما شهدت السنوات الأخيرة توطيدًا غير مسبوق للعلاقات بين الإمارات والجنوب، بفضل حنكة قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي، الذي جعل من العلاقة الأخوية مع الإمارات إطارًا متينًا لشراكة سياسية وأمنية واضحة.

ففي الوقت الذي تواصل فيه الإمارات دعم ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار، ينظر الجنوبيون إلى هذا الدعم باعتباره امتداداً لموقف تاريخي ثابت، وليس مجرد تحالف طارئ.


وفي سياق متصل يرى المراقبون أن هذه العلاقة تجاوزت البعد السياسي إلى عمق استراتيجي أوسع، إذ تمثل الإمارات بالنسبة للجنوب بوابة نحو العمق الخليجي والعربي، فيما يمثل الجنوب بالنسبة للإمارات صمام أمان للممرات البحرية ومفتاحا لاستقرار الإقليم.


في وجدان الجنوبيين، لم يرحل الشيخ زايد حقا وفي كل مبادرة إنسانية إماراتية، وكل مشروع تنموي في عدن أو حضرموت أو سقطرى أو الضالع وفي جميع محافظات الجنوب، يحمل بصمته ويعيد إلى الأذهان مقولته الشهيرة: "الثروة ليست في المال، بل في الرجال، وفي حب الناس وخدمتهم.


ولذلك، حين تحل ذكرى رحيل الشيخ زايد لا تُقرأ كصفحة من التاريخ فقط، بل كتجديد لعهد الوفاء بين الجنوب والإمارات.
فمن زيارة الأمس التي جمعت زايد وسالمين، إلى واقع اليوم الذي يجمع الإمارات والرئيس عيدروس الزبيدي، يمتد خيط من الثقة والإخلاص لا ينقطع.



كما تبدو العاصمة عدن اليوم وكأنها تهمس بلسان حال الجنوب: شكرًا زايد، لأنك جعلت من السياسة إنسانية، ومن الأخوة واقعًا، ومن الذاكرة جسرًا نحو المستقبل.