اخبار وتقارير

الأحد - 14 سبتمبر 2025 - الساعة 09:35 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ عبدالكريم أحمد سعيد


منذ تجربة الوحدة الطوعية عام 1990 بين الجنوب والجمهورية العربية اليمنية، تكشفت حقائق واضحة أظهرت أن تلك الخطوة لم تنجح في بناء دولة حديثة أو تحقيق استقرار وتنمية شاملة. بل تحولت سريعاً إلى مشروع هيمنة انتهى عملياً بعد حرب عام 1994، وما ترتب عليها من نتائج مدمرة عمقت الانقسام، ثم جاء عام 2015 ليقضي نهائياً على أي إمكانية واقعية لاستمرار صيغة الدولة المشتركة. ومع تحرير العاصمة عدن ومعظم أراضي الجنوب، وسيطرة الحوثيين على ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، أصبحت حقيقة فك الارتباط السياسي والفعلي أمراً قائماً لا يمكن تجاهله.

اليوم نشهد معادلة جديدة تتبلور بوضوح : يمن يعيش تحت سلطة جماعة الحوثي وانقسامات داخلية حادة بين قوى عاجزة عن إنتاج سلطة شرعية جامعة، وجنوب تمكن من إعادة بناء كيان سياسي وعسكري يعكس إرادة شعبية واضحة، ممثلاً بالمجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، الذي أسهم في تحقيق قدر من الاستقرار وأرسى ملامح مشروع سياسي منظم. هذه الحقيقة باتت عنصراً لا غنى عنه في أي مقاربة تسعى إلى إحلال السلام.

إن الحل الواقعي ينطلق من الاعتراف بوجود مشروعين سياسيين متمايزين في الجنوب واليمن، وتمكين كل طرف من صياغة مساره الخاص بما يتوافق مع إرادة شعبه. وفي الحالة الجنوبية، فإن ممارسة حق تقرير المصير وإدارة شؤونه عبر مؤسسات مستقرة ومنبثقة من الإرادة الشعبية يشكل المدخل الطبيعي لبناء دولة قادرة على الإسهام في استقرار المنطقة، بالتوازي مع سعي قوى الشمال إلى بلورة مشروعها المستقل.

كما إن الجنوب ليس طرفاً ثانوياً في العملية السياسية، بل يمثل ركناً أساسياً في أي تسوية مقبلة. ومن ثم فإن الاعتراف به ككيان مستقل وفاعل يعد ضمانة حقيقية لنجاح أي عملية سلام، فيما يشكل تجاوزه أو التعامل معه كملحق خطراً يهدد الأمن المحلي والإقليمي والدولي على حد سواء.

ويبقى الخيار الواقعي أمام المجتمعين الإقليمي والدولي هو التعامل مع هذه الحقائق بموضوعية وجرأة، إذا كان الهدف الوصول إلى سلام مستدام يعزز الاستقرار ويخدم مصالح الجميع. فالجنوب، بحكم موقعه الاستراتيجي وإرادة شعبه وواقعه القائم، ليس مجرد طرف في المعادلة، بل هو مفتاح الحل وضمان استقرار المنطقة بأسرها