الرئيس الزُبيدي يطّلع على جاهزية قوات الأمن الخاصة .. انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل التنظيمي بانتقالي لحج ويشدد على فاعلية الأداء..انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يشدد على ضبط العملية الإيرادية وتوريد الموارد إلى البنك المركزي.. انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الأحد - 27 يوليو 2025 - الساعة 09:38 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ حافظ الشجيفي


ماذا لو اعلن الرئيس عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، المفوض من قبل شعب الجنوب، استقلال دولة الجنوب. فهذا القرار لن يكون مجرد قرار سياسي عابر، بل هو تتويج لمسيرة نضالية طويلة وتجسيد لإرادة شعبية راسخة. فهذا الإعلان، في حال صدوره، سيضع المجتمع الدولي أمام أمر واقع يستند إلى شرعية قوية ومتعددة الأوجه، تجعل من الصعوبة بمكان لأي طرف الاعتراض عليه، داخليًا أو خارجيًا، إقليميًا ودوليًا.

حيث لا يمكن فهم هذا السيناريو بمعزل عن الشرعية الشعبية التي يتمتع بها المجلس الانتقالي ورئيسه. فالتفويض الجماهيري الواسع الممنوح للزبيدي ليس مجرد ادعاء، بل هو حقيقة راسخة عززتها المظاهرات المليونية المتتالية التي شهدها الجنوب على مدار عقدين من الزمن، للمطالبةً بالاستقلال واستعادة دولة الجنوب. وهذه الحشود الجماهيرية لم تكن مجرد تجمعات عابرة، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن تطلعات شعب عانى الأمرين تحت وطأة الاحتلال اليمني الغاشم.
إن هذا الزخم الشعبي سيضمن التفاف جماهير الجنوب قاطبة حول قرار الاستقلال. حيث ستصبح القضية الجنوبية قضية مصيرية يلتف حولها الجميع، يدعمون، ويقاتلون، ويحمون، ويستبسلون من أجلها. والزبيدي، في هذا السياق، لن يكون مجرد قائد سياسي، بل رمزًا وطنيًا لا منافس له، تتجسد فيه آمال وتضحيات شعب بأكمله. وستشكل هذه الوحدة الداخلية سدًا منيعًا أمام أي محاولات لتقويض القرار أو زعزعة الاستقرار في الجنوب المستقل.

اما من منظور القانون الدولي والمواثيق الأممية، فإن حق الشعوب في تقرير المصير هو مبدأ أساسي لا يمكن المساس به. فميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يؤكدان بوضوح على هذا الحق، ويعتبرانه من ركائز العدالة الدولية. وأي محاولة لرفض استقلال شعب يمارس حقه في تقرير مصيره يعني الوقوف ضد هذه المبادئ، والاصطفاف مع "المحتل" ضد حقوق الإنسان والمسلمات السياسية المعترف بها دوليًا.
وما يزيد من قوة الموقف الجنوبي هو وضع "المحتل" الحالي. فكونه يعيش أوضاعًا داخلية معقدة، وحروبًا أهلية طاحنة، ويعادي دول العالم ويضايقها، يفقده أي شرعية أخلاقية أو قانونية للادعاء بحقه في السيطرة على الجنوب. وهذا الوضع المضطرب للمحتل يجعله في موقف ضعيف دبلوماسيًا، ويجعل من الصعوبة بمكان لأي دولة أن تدافع عن استمراره في فرض سيطرته على شعب يطالب باستقلاله. فالمجتمعات الدولية تميل إلى الاستقرار والحلول التي تخفف من حدة النزاعات، وإعلان استقلال الجنوب يعتبر خطوة نحو تحقيق هذا الاستقرار في منطقة تعصف بها الفوضى.

كما لا يمكن إغفال الوضع المعيشي والخدمي المتردي الذي يعيشه الشعب الجنوبي كحجة إضافية ودافعة قوية لقرار الاستقلال. فقد بلغت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي بواجهها الجنوب ذروتها من التدهور والضنك، بسبب ارتباطه القسري بـ"نظام الاحتلال اليمني". وهذا التدهور لم يعد مقبولًا، وأصبح دافعًا رئيسيًا لمزيد من الإصرار على الاستقلال كسبيل وحيد لتحسين ظروف الحياة وتحقيق التنمية. وأي محاولة لرفض الاستقلال في ظل هذه الظروف الإنسانية المتردية سيُنظر إليها على أنها تجاهل لمعاناة شعب بأكمله، وهو ما لا يتوافق مع المعايير الأخلاقية والإنسانية.

ومن النقاط الجوهرية التي تمنح هذا الإعلان قوة دبلوماسية استثنائية هي حقيقة أن دولة الجنوب لم تكن يومًا كيانًا غير معترف به. فقد كانت دولة مستقلة وذات سيادة وعضوًا في الأمم المتحدة قبل الوحدة عام 1990. وهذا يعني أن إعلان الاستقلال لن يكون تأسيسًا لكيان سياسي جديد يحتاج إلى سنوات من الجهود الدبلوماسية لكسب الاعتراف به. بل هو، في جوهره، استعادة لوضع سابق معترف به دوليًا.
وبالتالي، لن تحتاج دولة الجنوب في هذه الحالة إلى "اعتراف دولي" بالمعنى التقليدي، بقدر ما ستحتاج إلى "إعادة تفعيل" لهذا الاعتراف الذي كان قائمًا بالفعل. كما إن مقعد الجنوب في الأمم المتحدة، يمكن استعادته بسهولة أكبر بناءً على مبدأ حق تقرير المصير وإرادة الشعب، مما يسهل بشكل كبير عملية استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع دول العالم.
وختاما، فإن قرار الرئيس عيدروس الزبيدي بإعلان استقلال الجنوب، في حال اتخاذه، سيكون خطوة حتمية تترجم إرادة شعبية راسخة وتضحيات عقود من النضال. وهذا القرار، المسنود بشرعية شعبية ووطنية ونضالية، ومرتكز على مبادئ القانون الدولي وحق تقرير المصير، ومعززًا بالوضع الإنساني المتدهور في الجنوب ووضع "المحتل" المتدهور، يضع المجتمع الدولي أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها. فالجنوب لن يبدأ من الصفر، بل سيعود إلى مكانته السابقة كدولة معترف بها دوليًا، وهو ما يعزز من قوته ويقلل من قدرة أي طرف على الاعتراض عليه بشكل فعال.