الرئيس الزُبيدي: إجراءات حضرموت والمهرة لتأمين الجنوب والوجهة نحو صنعاء.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يطّلع على جهود تطبيع الأوضاع وتثبيت دعائم الاستقرار بالمهرة وسقطرى



اخبار وتقارير

الإثنين - 22 ديسمبر 2025 - الساعة 05:34 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / تقرير/محمد الزبيري

يشهد الجنوب اليوم مرحلة فارقة في تاريخه الحديث، بعد أن أصدرت مختلف القوى السياسية والاجتماعية والقبلية بيانات تأييد واضحة وداعمة للمجلس الانتقالي الجنوبي، لتؤكد أن استعادة الدولة الجنوبية ليست خيارًا يمكن التراجع عنه، بل هي حق مشروع يُمثل إرادة شعبية راسخة.

هذا الإجماع يعكس وعيًا جماهيريًا وسياسيًا عميقًا، ويؤكد وحدة الصف الجنوبي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ورفض أي محاولات لفرض حلول غير عادلة أو مؤجلة لقضية الجنوب.
المشهد السياسي الحالي في الجنوب لم يعد مجرد مواجهة قضائية أو صراع رمزي، بل أصبح مرحلة مؤسسية استراتيجية، حيث تؤكد بيانات التأييد أن المجلس الانتقالي يمثل الصوت الموحد للشعب الجنوبي، والقيادة السياسية القادرة على حماية مصالحه وتحصين حقوقه التاريخية.

كما تشكل هذه المرحلة لحظة حاسمة في مسار تقرير المصير، حيث تترابط المطالب الشعبية مع استراتيجيات عملية لإعادة بناء الدولة الجنوبية، واستعادة مؤسساتها وهيبتها، بعد عقود من التهميش والإقصاء.

يكتسب هذا الإجماع أهميته من أنه لم يقتصر على جانب سياسي محدد، بل شمل مختلف المكونات الاجتماعية والقبلية والثقافية في الجنوب، ليؤكد أن المشروع الجنوبي يجمع كافة الطاقات الوطنية تحت راية واحدة. فالمجلس الانتقالي لم يكتفِ بكونه قيادة سياسية، بل أصبح رمزًا للمقاومة المدنية والسياسية، وقوة استنهاض المجتمع الجنوبي وإعادة ترتيب أولوياته الوطنية.
كما تحمل هذه البيانات رسالة واضحة إلى كل الأطراف الداخلية والخارجية، مفادها أن الجنوب موحد في الدفاع عن حقوقه، وأن أي محاولة للتراجع أو التلاعب بالمكتسبات التاريخية ستواجه بعزيمة الشعب الجنوبي الموحد. الإجماع الشعبي والجماهيري حول المجلس الانتقالي يثبت أن المشروع الجنوبي ليس مسعىً فرديًا أو حزبيًا، بل هو إرادة جماعية تعكس هويّة شعب كامل وإصراره على استعادة دولته وبناء مستقبله بحرية وكرامة.

تأتي هذه المرحلة في سياق سياسي معقد، تتداخل فيه العوامل المحلية والإقليمية والدولية، إلا أن وحدة الصف الجنوبي وإجماع القوى على دعم المجلس الانتقالي تشكل جدارًا صلبًا أمام أي محاولات لفرض مشاريع خارجية أو تدخلات تهدد حق الجنوب في تقرير مصيره وتؤكد هذه الخطوة أن الإرادة الجنوبية لن تُقهر، وأن شعب الجنوب ماضٍ في تعزيز مكتسباته التاريخية والسياسية، واستعادة دوره الفاعل في المنطقة.

باختصار، تعكس بيانات التأييد للمجلس الانتقالي إرادة شعبية صلبة، وتؤسس لمرحلة جديدة من الوحدة والتلاحم الجنوبي، وتبرز المجلس كقوة قيادية متقدمة وقادرة على ترجمة تطلعات المجتمع الجنوبي إلى واقع ملموس، بدءًا من استعادة مؤسسات الدولة، وصولًا إلى تحقيق الحرية والاستقلال الكاملين.


*التحول السياسي… شرعية الواقع تتقدم على شرعية الوهم*

على المستوى السياسي، تكشف التطورات الأخيرة عن انتقال نوعي في مفهوم الشرعية داخل الجنوب.
فبعد عقود من الارتهان لشرعية شكلية تستمد وجودها من اعتراف خارجي أو توافقات هشة، برزت شرعية جديدة قائمة على السيطرة الفعلية، والقدرة على الإدارة، والقبول الشعبي.
هذا التحول منح المجلس الانتقالي الجنوبي موقعًا متقدمًا بوصفه الفاعل السياسي الأبرز، والقادر على تمثيل تطلعات الجنوب في هذه المرحلة الحساسة.
إن تأييد وزراء ومسؤولين حكوميين للمجلس الانتقالي لا يمكن قراءته بوصفه اصطفافًا سياسيًا مؤقتًا، بل هو انعكاس لإيمان كل القوى الجنوبية بعدالة القضية الجنوبية وحق شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة الدولة الجنوبية وانهيار الثقة في مركز سياسي فشل في إدارة الدولة، وعجز عن توفير الخدمات، وفقد السيطرة على الأرض في المقابل، تمكن المجلس الانتقالي من ترسيخ حضوره كسلطة قادرة على اتخاذ القرار وتنفيذه، ما جعله مرجعية سياسية واقعية، لا يمكن تجاوزها في أي تسوية قادمة.

من وجهة النظر الجنوبية، فإن هذا التحول يمثل تصحيحًا لمسار سياسي مختل، وليس خروجًا عليه. فالجنوب، الذي دخل الوحدة عام 1990 بشراكة سياسية متكافئة، وجد نفسه بعد 1994 تحت سلطة مركزية استحوذت على القرار والثروة، وألغت الشراكة بالقوة.
وعليه، فإن استعادة القرار السياسي الجنوبي اليوم تُعد استعادة لحق مغتصب، لا انقلابًا على واقع شرعي.

*التفكك المؤسسي للدولة المركزية وصعود الإدارة الجنوبية*

تُظهر المؤشرات الإدارية والتنفيذية أن الدولة اليمنية المركزية لم تعد قادرة على ممارسة وظائفها في الجنوب، سواء على مستوى التخطيط أو التنفيذ أو الرقابة.
فقد انتقلت فعليًا مفاصل القرار الإداري إلى عدن، حيث يعمل المجلس الانتقالي على تنسيق الجهود مع الوزارات والهيئات والمؤسسات الخدمية، بما يضمن استمرارية العمل الحكومي بعيدًا عن التعطيل.
هذا التفكك المؤسسي لم يكن نتيجة صراع سياسي فحسب، بل نتاج سنوات من الفساد وسوء الإدارة، أدت إلى انهيار الثقة بين المواطن والدولة وفي ظل هذا الفراغ، برزت الحاجة إلى بنية إدارية بديلة قادرة على إدارة الواقع، وهو ما سعى المجلس الانتقالي إلى تحقيقه عبر تفعيل الأطر التنظيمية، وتعزيز دور السلطات المحلية، وربطها بمركز قرار جنوبي.

ما يجري هو إعادة تموضع طبيعي للمؤسسات نحو الجهة القادرة على إدارتها. فالجنوب لا يسعى إلى هدم الدولة، بل إلى بناء دولة جديدة على أسس عادلة، تبدأ بإدارة شؤون المواطنين، وتنتهي باستعادة السيادة الكاملة.
وأثبتت التجربة أن استمرار الارتباط بمركز سياسي عاجز لا يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار، بينما الإدارة المحلية تمثل خطوة أولى نحو الاستقلال السياسي والاقتصادي.

*المؤسسة العسكرية والأمنية…أساس استعادة الدولة*

يشكل الالتفاف العسكري والأمني حول المجلس الانتقالي الجنوبي أحد أبرز ملامح التحول الجاري. فالقوات الجنوبية، بمختلف تشكيلاتها، لم تعد مجرد أدوات أمنية، بل أصبحت مؤسسة وطنية تحمل عقيدة واضحة، تتمثل في حماية الجنوب والدفاع عن حق شعبه في تقرير مصيره.

أثبتت هذه القوات قدرتها على فرض الأمن، ومكافحة الإرهاب، وتأمين المدن والمرافق الحيوية، في وقت عجزت فيه قوى أخرى عن تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار.
هذا الأداء عزز ثقة المواطنين بالمؤسسة الأمنية الجنوبية، ورسّخ قناعة بأن الأمن لا يمكن أن يُفرض من الخارج، بل يُبنى من الداخل، عبر قوات تنتمي للأرض وتدافع عنها.
من الزاوية الجنوبية، فإن وحدة القرار العسكري ليست تهديدًا للعملية السياسية، بل ضمانة لها. فالقوة المنظمة والمنضبطة هي التي تحمي الخيارات السياسية من الابتزاز، وتمنع فرض حلول قسرية تتعارض مع إرادة الشعب.
كما أن هذه القوة تشكل عامل استقرار إقليمي، عبر مساهمتها في تأمين الممرات البحرية ومكافحة الجماعات المتطرفة.

*الإجماع الشعبي… الوعي الجمعي يحسم مسار القضية*

لا يمكن فهم التحول المؤسسي دون التوقف عند العامل الشعبي، الذي يُعد الركيزة الأساسية لأي شرعية. فقد عبّر الشارع الجنوبي، عبر المليونيات والفعاليات الجماهيرية، عن تمسكه بالمجلس الانتقالي ممثلًا سياسيًا لتطلعاته، وعن رفضه لأي حلول تنتقص من حق تقرير المصير.
هذا الدعم الشعبي لم يتشكل بفعل الخطاب السياسي فقط، بل نتيجة تجربة عملية عاشها المواطن الجنوبي، وقارن فيها بين واقع الإقصاء والتهميش في ظل الدولة المركزية، وواقع الإدارة المحلية التي، رغم التحديات، نجحت في تحقيق قدر من الاستقرار.
من هنا، فإن الإجماع الشعبي يُعد نتاجًا لتجربة طويلة من المعاناة في ظل الوحدة وهذا الوعي الجمعي يمثل صمام أمان للقضية، ويمنحها حصانة أمام محاولات الالتفاف أو التشويه. فالشعب الذي خاض نضالًا طويلًا، وقدّم تضحيات جسيمة، بات أكثر إدراكًا لحقوقه، وأقل قابلية للعودة إلى الوراء.

*البعد القانوني… تقرير المصير كحق لا يقبل المساومة*

لا تنطلق مطالب الجنوب في تقرير المصير من فراغ سياسي أو نزعة عاطفية طارئة، بل تستند إلى أرضية قانونية صلبة رسّختها المواثيق الدولية، وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والقرارات الأممية التي تؤكد حق الشعوب في اختيار شكل نظامها السياسي بحرية كاملة.
وفق هذا الإطار، فإن شعب الجنوب يُعد من الشعوب التي توافرت فيها شروط ممارسة هذا الحق، بحكم امتلاكه هوية سياسية وتاريخ دولة معترف بها دوليًا حتى عام 1990.

لقد جاءت الوحدة اليمنية في سياق سياسي لم يُتح فيه لشعب الجنوب ممارسة حقه في الاستفتاء الحر، كما أن حرب صيف 1994 مثّلت، من منظور قانوني، إنهاءً قسريًا لاتفاق سياسي بالقوة العسكرية، وهو ما يُسقط أي ادعاء باستمرار شرعية الوحدة بصيغتها القائمة. فالقانون الدولي لا يعترف بوحدات تُفرض بالقوة، ولا يقر بشرعية ناتجة عن الغلبة العسكرية، بل يربطها بالإرادة الحرة للشعوب.
في هذا السياق، يُفهم التحول المؤسسي الجاري في الجنوب بوصفه مسارًا تراكميًا لإعادة بناء الكيان السياسي، وليس خطوة انفصالية عشوائية. فبناء المؤسسات، وتوحيد القرار، وإدارة الأرض، تمثل جميعها شروطًا موضوعية لأي عملية تقرير مصير ناجحة ومعترف بها.

ما يجري اليوم هو انتقال من مرحلة المطالبة النظرية بالحق، إلى مرحلة تهيئة الواقع السياسي والقانوني لممارسته، ضمن إطار سلمي ومسؤول، ينسجم مع قواعد القانون الدولي ولا يتعارض معها.

*الاقتصاد الجنوبي… السيطرة على الموارد شرط الاستقلال*

يمثل البعد الاقتصادي أحد أعقد وأهم أركان الصراع السياسي في الجنوب، إذ لا يمكن لأي مشروع وطني أن يكتب له النجاح دون امتلاك قرار اقتصادي مستقل. فعلى مدى عقود، شكّلت موارد الجنوب – من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، إلى الموانئ الاستراتيجية في عدن والمكلا، مرورًا بالسواحل الطويلة الغنية بالثروة السمكية – رافدًا أساسيًا لاقتصاد الدولة المركزية، دون أن ينعكس ذلك على حياة المواطنين في الجنوب.

إن التحول المؤسسي الحالي، وما رافقه من تأييد مؤسسات اقتصادية وخدمية للمجلس الانتقالي الجنوبي، يفتح نافذة تاريخية لإعادة تعريف العلاقة بين الثروة والسلطة. فبدل أن تكون الموارد أداة ابتزاز سياسي أو مصدر فساد، يمكن تحويلها إلى ركيزة للتنمية المحلية، وتحسين الخدمات، ودفع عجلة الاقتصاد، وبناء قاعدة إنتاجية مستقلة
الاستقلال السياسي لا يمكن فصله عن الاستقلال الاقتصادي، لأن التبعية المالية تعني بالضرورة هشاشة القرار الوطني. ولذلك، فإن السيطرة على الموارد، وإخضاعها لإدارة شفافة وخاضعة للمساءلة، تمثل خطوة مركزية في مسار استعادة الدولة. كما أن بناء اقتصاد جنوبي مستقر سيسهم في تعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرة الجنوب على إدارة دولته المستقبلية، وتحويله من ساحة صراع إلى فضاء استثماري واعد.

*الرسائل الإقليمية والدولية… الجنوب شريك في الاستقرار*

لا تقتصر دلالات التحول المؤسسي في الجنوب على الداخل فحسب، بل تمتد لتشكل رسائل سياسية وأمنية واضحة للإقليم والعالم. فالجنوب، بموقعه الجغرافي الحيوي على واحد من أهم الممرات البحرية الدولية، وبامتلاكه قوة أمنية فاعلة، يملك مقومات الشراكة في حماية الأمن الإقليمي والدولي، لا سيما في ملفات مكافحة الإرهاب، وتأمين الملاحة، ومنع تمدد الجماعات المتطرفة.

أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي، عبر ممارساته العملية، أنه فاعل مسؤول، يسعى إلى الاستقرار لا إلى الفوضى، وإلى الشراكة لا إلى العزلة. وهذا ما يجعل التعامل معه بوصفه أمرًا واقعًا سياسيًا، وليس مجرد طرف محلي، خيارًا عقلانيًا للمجتمع الدولي.
فالتجارب أثبتت أن تجاهل القوى التي تمتلك الأرض والشارع والمؤسسات لا يؤدي إلا إلى تعقيد الأزمات، وإطالة أمد الصراعات.
من المنظور الجنوبي، فإن الاعتراف بالحقائق على الأرض، والانفتاح على المجلس الانتقالي كشريك سياسي، يمثلان مدخلًا لحلول مستدامة، تحافظ على مصالح الجميع. فالجنوب لا يسعى إلى القطيعة مع محيطه، بل إلى بناء علاقات متوازنة قائمة على الندية والاحترام المتبادل، بما يخدم استقرار المنطقة ويحول دون عودة الفوضى.

*نحو استعادة الدولة… من الإجماع إلى الإنجاز الوطني*

إن الإجماع المؤسسي والشعبي المتنامي حول المجلس الانتقالي الجنوبي لا يمثل نهاية المسار، بل بدايته الفعلية. فالتحدي الحقيقي لا يكمن في إعلان المواقف، بل في تحويل هذا الزخم إلى إنجاز وطني مستدام، يُترجم في بناء مؤسسات دولة حديثة، قادرة على تقديم الخدمات، وحماية الحقوق، وترسيخ سيادة القانون.
لقد انتقلت القضية الجنوبية، بفعل هذا التحول، من مرحلة الدفاع عن الوجود، إلى مرحلة التخطيط للمستقبل. فأصبحت استعادة الدولة مشروعًا عمليًا، له أدواته السياسية والمؤسسية، وليس مجرد شعار تعبوي. ويكمن الرهان الأساسي في الحفاظ على وحدة الصف الجنوبي، وتعزيز ثقافة الشراكة الداخلية، وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة.
من وجهة النظر الجنوبية، فإن تقرير المصير لم يعد احتمالًا نظريًا، بل خيارًا واقعيًا تفرضه معادلات الداخل، وتدعمه معطيات الخارج. ومع كل خطوة مؤسسية تُنجز، يقترب الجنوب أكثر من استعادة دولته، ليس بوصفها رد فعل على الماضي، بل كإطار جامع لمستقبل أكثر عدالة واستقرارًا. وهكذا، يتحول الإجماع إلى إنجاز، والحلم إلى مشروع دولة، والإرادة الشعبية إلى حقيقة سياسية لا يمكن تجاوزها.