4 مايو/ تقرير / رامي الردفاني
تعتبر القوات المسلحة الجنوبية أهم ركيزة أساسية في معادلة الأمن الإقليمي، بعد سلسلة من النجاحات النوعية المتواصلة آخرها عملية "المستقبل الواعد" التي أعادت رسم موازين القوة في وادي وصحراء حضرموت، عبر تطهير مواقع ومراكز محورية كانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية والقوات المرتبطة بجماعة التنظيم الإخواني المصنف عالميا جماعة إرهابية بالتوازي مع تفكيك خطوط تهريب السلاح الإيراني للحوثيين التي شكلت لسنوات تهديدا مباشرا للملاحة الدولية واستقرار المنطقة.
كما ان هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة عقد كامل من المواجهات والعمليات الميدانية التي راكمت خلالها القوات الجنوبية خبرة واسعة في حرب لا تتوقف ضد الإرهاب والحوثيين، حتى أصبحت قوة محترفة تمتلك قدرة عالية على التخطيط والضرب والتنفيذ تحت ظروف معقدة.
وخلال تلك السنوات، نجحت القوات الجنوبية في توجيه ضربات دقيقة قلبت موازين التنظيمات المتطرفة، ففككت بنيتها التحتية، ودمرت مراكز تدريبها، وطاردت خلاياها النائمة وأحبطت عمليات كانت تستهدف المدن والمنشآت الحيوية في العاصمة عدن خاص والجنوب العربي ، ما أسهم في تراجع نشاط الإرهابيين وانكماش قدراتهم إلى مستويات غير مسبوقة وبالتوازي مع ذلك، طوّرت القوات الجنوبية منظوماتها العسكرية والأمنية ورفعت مستوى التنسيق بين وحداتها، ما عزز جاهزيتها للاستجابة السريعة لأي تهديدات محتملة ورسّخ أسلوبا عملياتيا يعتمد على الضبط والانضباط والقدرة على التحرك المتزامن في مسارح مختلفة.
كما تجاوزت تأثير القوات الجنوبية حدود الجنوب العربي ليشكّل عنصرا رئيسيا في أمن الإقليم الأوسع الممتد من باب المندب إلى المهرة، حيث أثبتت القوات الجنوبية حضورها في مواجهة التهديدات العابرة للحدود من مليشيات الحوثي والتنظيمات المتطرفة التي حاولت استهداف خطوط التجارة العالمية ومنشآت الطاقة والممرات البحرية الدولية.
ونتيجة لذلك، باتت القوات الجنوبية شريكا موثوقا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وحماية خطوط الملاحة، مستندة إلى عقيدة قتالية ترى في أمن الإقليم جزءًا لا يتجزأ من أمن الجنوب العربي، وفي مواجهة الإرهاب مسؤولية لا تتوقف عند حدود الجغرافيا.
وفي هذا السياق، جاءت عملية "المستقبل الواعد" كتتويج لتلك العقيدة، إذ انطلقت بتوجيه مباشر من الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، استجابة لنداءات أبناء حضرموت واستكمالًا لمعركة طويلة يخوضها الجنوب ضد الإرهاب باعتباره أداة استُخدمت لإطالة أمد السيطرة وتهديد إرادة الشعب الجنوبي.
وخلال العملية، تمكنت القوات الجنوبية من فرض سيطرتها على المدن والمناطق الحيوية، وتدمير معسكرات ومخازن أسلحة، وتأمين الطرق والوديان، وقطع طرق الإمداد نحو الجماعات المسلحة، في خطوة أعادت الطمأنينة إلى السكان وأعادت المعادلة الأمنية إلى مسارها الصحيح.
وتؤكد هذه التطورات أن القوات المسلحة الجنوبية باتت قوة وطنية راسخة تمتلك القدرة على إدارة المعارك الكبرى وحماية الأرض والهوية وصون الاستقرار، وأنها ماضية في تطوير قدراتها ورفع جاهزيتها بما يتوافق مع حجم التحديات المقبلة، لتظل ركيزة أساسية في حماية الجنوب العربي، وفاعلًا إقليميا مؤثرا في أمن المنطقة والممرات الدولية، وشريكا حاضرا في صياغة مستقبل أكثر استقرارا للجميع.
وبذلك، اثبتت القوات المسلحة الجنوبية أنها تسير بثبات نحو ترسيخ أمن الجنوب العربي وتعزيز دوره في حماية الاستقرار الإقليمي، مستندة إلى عقيدة واضحة وإرادة وطنية لا تلين. ومع استمرار تطوير قدراتها ونجاحها في إجهاض التهديدات المتطرفة وقطع شرايين تهريب السلاح، تواصل قواتنا أداء واجبها الوطني حتى تحقيق الأمن الكامل وترسيخ دعائم السلام في الجنوب العربي والمنطقة على حد سواء.