أبرز ماجاء في لقاء الرئيس الزبيدي في مقابلة مع "الحرة": الجنوب العربي شريك استراتيجي وسنصنع سلامًا من موقع القوة..انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسؤولة رفيعة في برنامج الأغذية العالمي سُبل تعزيز المساعدات الإنسانية لبلادنا..انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يلتقي ضمن وفد مجلس القيادة وزير الخارجية الألماني ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية..انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 - الساعة 05:26 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / تقرير/محمد الزبيري

تحل الذكرى الثانية والستون لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، والجنوب اليوم لم يعد كما كان بالأمس.
فمن وهج الشرارة الأولى التي انطلقت من قمم جبال ردفان الشماء عام 1963 ضد الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، إلى اللحظة التاريخية الراهنة التي يقف فيها شعب الجنوب على أعتاب استعادة دولته الفيدرالية كاملة السيادة، تتجسد ملحمة نضالية فريدة لم تنقطع فصولها.


يأتي الاحتفاء بذكرى أكتوبر هذا العام في ظل متغيرات استراتيجية كبرى، حيث يخوض الجنوب معركة التحرير الأخيرة بقيادة ممثله الشرعي، المجلس الانتقالي الجنوبي، وبرئاسة القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي.
لقد بات الجنوب أقرب من أي وقت مضى لتحقيق هدفه الأسمى على حدوده المعترف بها دوليًا ما قبل 21 مايو 1990م، مستندًا إلى إرادة شعبية صلبة، وقوات مسلحة وطنية باسلة، وحضور دبلوماسي فاعل هز أروقة السياسة العالمية.


إن الاحتشاد المليوني المرتقب في الضالع، بوابة الجنوب، وشبام حضرموت، قلبه النابض، ليس مجرد احتفال بذكرى، بل هو استفتاء شعبي جديد، ورسالة حاسمة للعالم بأن الجنوب قد اختار طريقه، وأن قرار الحرب أو السلام سينطلق من هذه الأرض التي رُويت بدماء الأجداد والآباء والأحفاد.


*إرث الأجداد


الاحتفاء بذكرى 14 أكتوبر هو قبل كل شيء، إشادة بتضحيات ونضالات الآباء والأجداد الذين سطروا بدمائهم الزكية أروع الملاحم البطولية ضد قوات الاحتلال البريطاني.
لقد أثبتوا بعزيمتهم وشموخهم وكبريائهم أن الإنسان الجنوبي وُلد حراً أبياً، لا يقبل الخضوع أو الهوان لأي قوة محتلة، مهما بلغت قوتها وجبروتها.


منذ أن وطأت أقدام الاحتلال البريطاني أرض عدن في عام 1839م، متذرعة بحادثة السفينة "دوريادولت"، لم تهدأ مقاومة الجنوبيين.
لقد واجهوا أعتى إمبراطورية في ذلك العصر، ليس فقط بالسلاح، بل بالإرادة والتكاتف الشعبي الذي شكّل السلاح الأمضى في معركة التحرير. إن انتصار عام 1967م لم يكن محض صدفة، بل كان نتاجًا طبيعيًا لتضحيات جسام ونضالات مريرة، وهو الإرث الذي يسير على دربه أحفادهم اليوم، مؤكدين أن روح أكتوبر ما زالت حية في وجدان كل جنوبي، وأن راية الحرية التي رفعها الأجداد لن تسقط أبدًا حتى تحقيق الاستقلال الثاني.


*ذكرى بنكهة النصر



تكتسب الذكرى الـ (62) لثورة أكتوبر هذا العام طابعًا مختلفًا واستثنائيًا. فهي لا تأتي كحدث للذكرى والتأمل التاريخي فحسب، بل كإعلان صريح بأن الجنوب قد وصل إلى مرحلة اللاعودة في مسيرته نحو استعادة دولته.
تتشابه المرحلة الحالية إلى حد كبير مع الظروف التي سبقت الاستقلال الأول؛ حيث يواجه الجنوب اليوم محاولات يائسة لكسر إرادته الشعبية عبر حرب الخدمات والأزمات المفتعلة من قبل القوى اليمنية المعادية. لكن في المقابل، يقف الجنوب اليوم أكثر قوة ومنعة.
لقد نجح في بناء قوات مسلحة جنوبية وطنية قادرة على حماية الأرض والعرض، وتأسيس كيان سياسي جامع هو المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحمل تفويضًا شعبيًا مطلقًا. كما وصلت قضيته إلى أعلى المنابر الدولية، ممثلة بالمشاركة الثالثة على التوالي للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ليؤكد للعالم أن للجنوب قضية وممثل وهوية لا يمكن تجاوزها.



*الضالع وحضرموت رسائل سياسية وعسكرية


تحمل دعوة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي لكافة أبناء الجنوب للاحتشاد في محافظتي الضالع وحضرموت في طياتها رسائل استراتيجية بالغة الأهمية. فالضالع، بوابة الجنوب الشمالية وقلعة الصمود التي تحطمت على أسوارها أطماع الغزاة، من قوات الاحتلال اليمني سابقًا إلى ميليشيا الحوثي الإرهابية لاحقًا، ستبعث برسالة عسكرية واضحة.


إن الحشد فيها هو تأكيد على الجاهزية القتالية والاستعداد لكل الخيارات التي قد تطرحها القيادة الجنوبية، وأن قرار الحرب أو السلم من أجل استكمال التحرير سينطلق من هذه الأرض التي قدمت قوافل من الشهداء.
أما الاحتشاد في شبام بوادي حضرموت، قلب الجنوب النابض ومرتكزه الاستراتيجي، فهو رسالة سياسية للعالم أجمع بأن حضرموت، بتاريخها وثقلها، جزء لا يتجزأ من المشروع الوطني الجنوبي. هذا الحشد يجدد العهد لثورة أكتوبر وقيمها، ويؤكد وحدة الصف الجنوبي من المهرة إلى باب المندب، ويفشل كل محاولات شق الصف أو خلق كيانات موازية.



*المجلس الانتقالي امتداد ثورة التحرير


ما يخوضه شعب الجنوب اليوم بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ليس إلا امتدادًا طبيعيًا وتاريخيًا لنضالات وتضحيات ثوار أكتوبر. فالمجلس، الذي تأسس بموجب تفويض شعبي مطلق في إعلان عدن التاريخي الصادر في الرابع من مايو 2017م، يمثل اليوم الكيان الوطني القيادي الذي يحمل راية القضية الجنوبية، بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي فوضه الشعب لقيادة مسيرة استعادة الدولة، استطاع المجلس الانتقالي أن يترجم تطلعات الملايين على أرض الواقع. لقد بنى مؤسسات سياسية وعسكرية، وحقق انتصارات دبلوماسية غير مسبوقة، ووحد غالبية المكونات الجنوبية تحت مظلة الميثاق الوطني الجنوبي. إن الالتفاف الشعبي حول المجلس وقيادته هو تجسيد حي لروح التآزر والتكاتف التي كانت أحد أهم عوامل النصر في ثورة أكتوبر المجيدة، وهو ما يؤكد أن الجنوب اليوم يمتلك قيادة صلبة قادرة على إيصال سفينة الثورة إلى بر الأمان.


* دروس من الماضي لمستقبل الدولة



يحفل تاريخ ثورة 14 أكتوبر بمحطات ومنعرجات تاريخية شكلت ملامح النصر.
فمنذ انطلاق شرارتها من جبال ردفان، واجه الثوار حصارًا بريطانيًا شرسًا استمر قرابة أربع سنوات، شنت خلاله قوات الاحتلال أعنف الهجمات على المقاتلين والمدنيين، مطبقة سياسة "الأرض المحروقة". ورغم ذلك، لم تلن عزيمة الثوار، بل امتدت شرارة الثورة لتشعل العاصمة عدن بتظاهرات واحتجاجات عارمة، واجه فيها الأبطال رصاص المحتل بصدور عارية، مؤكدين أن الإرادة أقوى من السلاح.


كان التآزر والتكاتف الشعبي بين كل أبناء الجنوب هو العامل الحاسم الذي أربك حسابات المستعمر وأجبره على الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره.
هذه الدروس التاريخية، من الصمود الأسطوري في ردفان إلى الوحدة الشعبية في عدن، هي ذاتها التي يستلهمها الجنوبيون اليوم في مواجهة التحديات الراهنة، مدركين أن النصر حليف الشعوب الحرة الموحدة.


*تضحيات لا تُنسى



إن الحديث عن ثورة أكتوبر ونضال اليوم لا يكتمل دون استذكار التضحيات الجسيمة التي قدمها أبطال القوات المسلحة الجنوبية.
ففي الضالع، سُطرت ملاحم بطولية خالدة في مواجهة قوات الاحتلال اليمني وميليشيا الحوثي الإرهابية، حيث امتزجت دماء الأبطال بتراب الأرض الطاهرة دفاعًا عن بوابة الجنوب.
وفي حضرموت، لم تتوقف تضحيات أبنائها على مر السنوات، مقدمين أرواحهم في سبيل تطهير أرضهم من قوى الإرهاب والتطرف، ومؤكدين ولاءهم المطلق لهويتهم ومشروعهم الوطني الجنوبي.
إن ما يخوضه شعب الجنوب وقواته المسلحة اليوم هو استمرار لإثبات الذات الجنوبية التي لا تقبل إلا العزة والكرامة والشموخ.

هذه التضحيات هي التي ترسم اليوم حدود دولة الجنوب الفيدرالية القادمة، وهي الضمانة الحقيقية بأن أي حلول أو مفاوضات لا تلبي تطلعات هذا الشعب العظيم وتضحيات شهدائه وجرحاه، هي حلول لا تعنيه ولن تمر.


*مرحلة حساسة



يحل عيد الثورة الـ62 والجنوب يمر بمنعطف تاريخي ومرحلة حساسة ودقيقة،فالأعداء يكثفون من مؤامراتهم، ويحاولون إغراق الجنوب في أزمات اقتصادية وخدمية بهدف كسر إرادته.


لكن كل هذه المحاولات تقابلها إرادة صلبة وفولاذية من شعب الجنوب وقيادته السياسية وقواته المسلحة الباسلة.
هذا الصمود الأسطوري الذي يسطره الجنوبيون اليوم هو امتداد طبيعي لصمود أجدادهم، وهو ما يؤكد أن المعدن الجنوبي الأصيل لا يصدأ.


وفي هذه المرحلة، تبرز أهمية التكاتف والتآزر وتوحيد الصفوف والجهود خلف القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي أكثر من أي وقت مضى.
إن خيار استعادة دولة الجنوب هو خيار ومطلب لا تنازل عنه ولا تراجع، مهما كان الثمن باهظًا ومهما كانت التضحيات جسيمة، فالنصر صبر ساعة، وفجر الاستقلال الثاني يلوح في الأفق.

دعوة للنفير العام: لنجعل من أكتوبر استفتاءً على الاستقلال

بناءً على الدعوة التي وجهها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، فإن الواجب الوطني اليوم يحتم على كافة أبناء شعب الجنوب، في الداخل والخارج، المشاركة بكل قوة وفاعلية في الاحتشاد المليوني في محافظتي الضالع وحضرموت.
إن هذه المشاركة ليست مجرد احتفاء، بل هي تجديد للعهد للشهداء، وتجديد للتفويض للقيادة السياسية، ورسالة للعالم بأن شعب الجنوب موحد خلف هدفه، ومستعد لكل الخيارات المطروحة.
إن نجاح هذه الفعاليات الجماهيرية في الضالع وشبام هو مسؤولية تاريخية تقع على عاتق الجميع، لكي نثبت للعالم أننا شعب يستحق الحياة، ودولة تستحق الاعتراف.
فلتكن ذكرى أكتوبر هذا العام استفتاءً شعبيًا جديدًا على حقنا في استعادة دولتنا الجنوبية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة.