القيادة التنفيذية العليا تبحث ترتيبات مؤتمري المانحين والاقتصادي وتشيد بجهود ضبط الأسعار.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يستقبل مساعد قائد قوات الواجب 802 السعودية.. انفوجرافيك

تأخر الرواتب.. معاناة الموظف بين الفقر والمرض..كاريكاتير



اخبار وتقارير

السبت - 09 أغسطس 2025 - الساعة 10:31 ص بتوقيت عدن ،،،

4مايو/تقرير خاص_مريم بارحمة


في مدن الجنوب، من العاصمة عدن إلى المكلا، ومن الحوطة إلى زنجبار، تدور معركة صامتة لكنها شرسة، لا يسمع فيها صوت الرصاص، ولا دوي القذائف، ومع ذلك، تشعر أن الحرب تحيط بك من كل اتجاه. هي حرب من نوع مختلف؛ حرب لا تترك أثرًا في الجدران، لكنها تترك جروحًا غائرة في البطون الفارغة وقلوب الأمهات القلقة على لقمة أطفالهن.
هذه الحرب لا تُخاض بالبنادق، بل بالفواتير الباهظة، بانقطاع الكهرباء لأيام، بشحّ المياه، بارتفاع الأسعار حتى تصير السلعة التي كانت في متناول اليد حلمًا بعيد المنال.
بل يسمع أنين المولدات حين تتوقف، وصرير الأبواب حين تُغلق المحال التجارية بسبب الغلاء، وصوت خطوات الناس في طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات الوقود.
هي حرب اقتصادية، ولكنها في جوهرها حرب سيادة وكرامة. الهدف منها ليس رفع الأسعار أو تعطيل الخدمات فحسب، بل كسر إرادة شعب بأكمله، ودفعه إلى الاستسلام أمام واقع خانق. إنها سياسة تركيع الجنوب، التي تمارسها قوى الشمال اليمنية بأسلوب مدروس ودقيق، تحوّل أساسيات الحياة اليومية إلى أدوات ابتزاز سياسي.


-سياسة الأزمات المفتعلة.. خطة خفية وملامح ظاهرة

من يتتبع مسار الأزمات في الجنوب، يدرك أن ما يحدث ليس وليد الصدفة أو نتيجة خلل عابر، بل هو عمل ممنهج.
كلما اتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي خطوة لتعزيز الاستقرار أو الدفاع عن الحقوق الجنوبية، تُفتح فجأة جبهة جديدة من الأزمات: أزمة وقود خانقة، انقطاع مبرمج للكهرباء لساعات طويلة، قفزات جنونية في أسعار السلع الأساسية. ومن الأدلة الميدانية حين يتحسن وضع الكهرباء نسبيًا، تظهر أزمة وقود مفتعلة تشلّ المولدات. في مواسم الأعياد، حين يحتاج الناس إلى شراء مستلزمات أساسية، يقفز سعر الدقيق والقمح واللحوم وملابس الأطفال، وكأن "يدًا خفية" تعاقب الناس على فرحتهم. هذه ليست صدفة، بل خطة ممنهجة.
اليد الخفية وخلايا التخريب وراء هذه الفوضى تعمل من الشمال، حيث تُضخ كميات كبيرة من العملة المزورة إلى السوق في الجنوب بهدف ضرب قيمة العملة المحلية وخلق تضخم يلتهم القدرة الشرائية للمواطن.
كما تُعطَّل حركة الموانئ والمطارات في أوقات حساسة، وتُفتعل أعطال في خطوط الكهرباء والمياه، لتتحول الحياة اليومية إلى سلسلة من الاختناقات المعيشية.
حتى التوقيت يكشف النية: غالبًا ما تأتي الأزمات في لحظات سياسية حاسمة، مثل قبيل انعقاد مفاوضات أو بعد قرارات سيادية جنوبية، ما يؤكد أن ما يجري ليس إلا حربًا ناعمة بأدوات اقتصادية.
كل هذه الوقائع موثقة، وليست مجرد اتهامات. تصريحات قادة الأجهزة الأمنية الجنوبية تكشف باستمرار عن شبكات مرتبطة بمراكز نفوذ في صنعاء وتعز ومأرب، تعمل على تنفيذ هذا المخطط الخبيث.


-الزُبيدي.. قيادة المعركة الاقتصادية بعقلية القائد الميداني

لم يتعامل الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي مع هذه الحرب كملف اقتصادي بحت، بل نظر إليها كجبهة موازية للجبهات العسكرية. فكما تُدار المعارك على الحدود بالسلاح، تُدار في الداخل بالإدارة الصارمة، والرقابة، وتعبئة الموارد. فهو يدرك أن الانتصار في الميدان لن يكتمل إذا كان المواطن في الداخل يُهزم أمام طوابير الخبز وأزمات الوقود. وفي اجتماعاته المتكررة مع قيادات السلطة المحلية والتجار، كان الرئيس الزُبيدي حاسمًا بقوله: " لن نسمح بتحويل لقمة عيش الجنوبيين إلى ورقة مساومة بيد أي طرف".
بينما خطواته العملية كانت واضحة ومنها:
إطلاق حملات رقابة موسعة على الأسواق لمواجهة الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
تعزيز التنسيق مع الأجهزة الأمنية لحماية طرق الإمداد من أي محاولات لقطعها أو عرقلة حركة البضائع.
تأمين بدائل إمداد من خلال التواصل مع شركاء إقليميين ودوليين لتوفير الوقود والسلع الضرورية في أوقات الأزمات.
الزُبيدي يدرك أن حماية لقمة العيش هي حماية للمعنويات الشعبية، وأن الجائع لا يمكنه أن يقاتل أو يصمد، لذا جعل من المعركة الاقتصادية جزءًا لا يتجزأ من مشروع التحرير الوطني.


-خطاب صارم ضد الجشع الداخلي

إلى جانب الحرب القادمة من الخارج، يواجه الجنوب جشع بعض التجار والمتلاعبين بالأسعار الذين يستغلون الأزمة لزيادة أرباحهم على حساب المواطن.
هذا الجشع ليس مجرد مخالفة تجارية، بل خيانة وطنية في وقت الحرب، لأنه يضاعف معاناة الناس ويمكّن العدو من تحقيق أهدافه.
السياسة التي يتبناها المجلس الانتقالي الجنوبي واضحة في هذا الجانب: لا حصانة لأحد. المخازن التي تحتكر السلع تُداهم، والمخالفات الكبرى تُحال إلى النيابة، والأسواق تُراقب يوميًا. الرسالة هنا أن الجنوب لن يسمح بأن تتحول الأسواق إلى ساحة عبث أو أن تُستغل لقمة الشعب كسلاح ضد نفسه.


-حملات الرقابة.. وجه آخر للمقاومة

مشهد الفرق الرقابية وهي تتحرك في الأسواق أصبح مألوفًا في مدن الجنوب.
هذه الفرق لا تقوم بعمل إداري روتيني، بل تؤدي دورًا يشبه دور القوات المسلحة في الجبهات.
تتحرك بخطة منظمة: رصد الأسعار ومراقبة حركة البيع. ومداهمة المخازن المشبوهة. وإحالة المخالفين إلى الجهات القضائية.
هذه الحملات المدعومة من المجلس الانتقالي الجنوبي تُظهر أن مقاومة الفساد الاقتصادي جزء من معركة التحرير، وأن حماية السوق لا تقل أهمية عن حماية الحدود.


-القوات المسلحة الجنوبية.. حامية الإمدادات والأسواق

لم تقتصر مهام القوات المسلحة الجنوبية على مواجهة المليشيات والإرهاب، بل امتدت إلى حماية الاقتصاد من التخريب.
القوافل التي تنقل المواد الغذائية والوقود تمر أحيانًا بمناطق تحاول فيها جهات مأجورة قطع الطرق أو تعطيل الإمدادات، وهنا يكون تدخل القوات المسلحة الجنوبية حاسمًا.
انتشار النقاط الأمنية على الطرق الحيوية، ومرافقة الشحنات حتى وصولها، كلها إجراءات منعت العديد من الأزمات قبل وقوعها، وحمت المدن من شلل اقتصادي كان يمكن أن يحدث في ساعات.

-المعركة في العمق بين العدو الخارجي والفساد الداخلي

الحرب الاقتصادية التي تُشن على الجنوب معقدة، فهي تأتي من الخارج بأدوات سياسية واقتصادية، ومن الداخل عبر الفساد والاحتكار.
هذا التشابك يجعل المعركة متعددة الجبهات:
جبهة مع الاحتلال وأدواته الذين يفتعلون الأزمات. وجبهة أخرى مع الفساد الداخلي الذي يستغل الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية.
المجلس الانتقالي يعمل على خوض هذه المعركة بطريقة مزدوجة، من خلال الردع الأمني في الداخل، والتحرك السياسي والاقتصادي على المستوى الإقليمي لضمان استمرار تدفق الموارد.


-الوحدة الشعبية.. السلاح الذي لا يُقهر

رغم قسوة الأزمات، يثبت الجنوبيون أن وحدتهم خلف قيادتهم هي أقوى أسلحتهم.
إن الالتفاف الشعبي حول المجلس الانتقالي ورئيسه القائد الزُبيدي يعطي المعركة الاقتصادية بُعدًا وطنيًا، ويجعل من الصعب على العدو أن ينجح في كسر الإرادة العامة.
هذه الوحدة هي ما يحول دون انهيار الداخل، وهي ما يجعل كل أزمة فرصة لتعزيز التضامن، بدل أن تكون مدخلًا للانقسام.




-الجنوب لا يُركع

المؤامرة واضحة، والأدوات مكشوفة، لكن الجنوب يثبت يومًا بعد يوم أنه قادر على الصمود، بل وتحويل الصمود إلى قوة دفع نحو النصر.
إنها معركة طويلة، لكنها معركة وُلد الجنوب ليخوضها، ويخرج منها أقوى وأكثر وحدة. الجنوب اليوم يقول لكل من يخطط لتركيعه: قد تستطيعون إطفاء الكهرباء، لكنكم لن تستطيعوا إطفاء إرادة النور في قلوبنا.