الرئيس الزُبيدي: إجراءات حضرموت والمهرة لتأمين الجنوب والوجهة نحو صنعاء.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يطّلع على جهود تطبيع الأوضاع وتثبيت دعائم الاستقرار بالمهرة وسقطرى



اخبار وتقارير

الإثنين - 22 ديسمبر 2025 - الساعة 11:58 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ د. أمين العلياني



تظل دولة الجنوب العربي، بتاريخها الحضاري والثقافي والاجتماعي المميز، ونظامها الإداري وهويتها الثقافية الجنوبية وعلمها، شاهدًا حيًا على شرعية دولة كانت تمتلك سيادة كاملة، وكان معترفًا بها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وعلى المستويين الإقليمي والدولي. كما حظيت باعتراف واحترام دبلوماسي وسياسي من جميع الدول العربية والإسلامية الشقيقة والصديقة، لأنها ولدت من رحم ثورة تعدُّ من الثورات العربية الخالدة، التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الأبية في الرابع عشر من أكتوبر 1963م، ضد مستعمرٍ بغيض. وقدَّم شعب الجنوب خلال نضالٍ وكفاحٍ طويل، قوافلَ من الشهداء والتضحيات الجسيمة، لينال استقلاله الناجز في 30 نوفمبر 1967م.

وبعد تاريخٍ حافلٍ بالإنجازات على صُعد التنمية والتعليم والصحة والعدالة الاجتماعية وترسيخ مقوِّمات المجتمع المدني، شاءت المقادير في لحظةٍ عاطفيةٍ انفعاليةٍ، قادت إليها نخب الفكر القومي وطنيتهم المثالية، بالدخول في وحدة اندماجية غير ناضجة مع الجمهورية العربية اليمنية غير أنها لم تستمر طويلًا في مرحلتها الانتقالية، حتى أعلنت القوى الشمالية (العفاشية والإخوانية والقبلية، ومن جلبوهم من مجاهدي التظيمات الإرهابية من أفغانستان) على شنَّ حربٍ ظالمة في صيف 1994م، أنهت مشروع الوحدة في مهدها، وحوَّلت الجنوب إلى أرضٍ محتلة، انتهكت فيها حرمة الإنسان الجنوبي وأرضه، بالقتل والتدمير والإقصاء والتهميش، وتسريح قياداته المدنية والعسكرية، والاستيلاء على ممتلكات الدولة وثرواتها مما دفع قيادة الجنوب إلى إعلان فك الارتباط أو إنهاء الوحدة مع الشمال في 21 مايو 1994م، وناشدت قيادات الجنوب المجتمعين الدولي والإقليمي في التدخل لوقف الاحتلال، لكن القوات الغازية فرضت سيطرتها، وظل شعب الجنوب يرفض الأمر الواقع ويناضل ضده، رغم صدور قرارات دولية من مجلس الأمن برقم (924 و931) تنص على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة .

وعلى آثار ذلك الاحتلال اليمني اللعين ظل شعب الجنوب يرزح تحت نير نظام يمني شمالي كهنوتي بغيض، مارَسَ ضد شعبنا وقيادتنا كل أشكال التمييز والتهميش والقتل والاغتيال والتهجير، واستولى على كل مقدرات الدولة من مصانع وموانئ ومطارات وأسلحة، بل جعل من الجنوب غنيمة حرب مفتوحة، مستمرًا في نهجه الاحتلالي، غير معترفٍ بحق شعب كان له دولة ذات سيادة، وله الحق في الدفاع عن نفسه واستعادة دولته.

وجاءت حرب مارس 2015م على الجنوب بنفس الأهداف القديمة وان اختلفت المسميات والايديولوجيات إلا أنها على شاكلتها الاحتلالية وتجسيد مبدأ ضم الفرع إلى الأصل، فإذا كانت حرب 1994م قد شُنَّت تحت حجة محاربة الشيوعيين، فإن حرب 2015م قد تذرعت بمحاربة الدواعش والإرهابيين. ونظرًا لتلك الحروب التي غزت بها قوى الشمال الجنوب بمختلف توجهاتها إلا أن الجنوب بنضاله المستمر، أسس مقاومة ترفض أشكال هذا الاحتلال في مراحل كفاحية صلبة، بدءًا من حركة "موج"، ثم "حتم"، فحركة "تاج" وحركة مطالبة المسرحين لحقوقهم، حتى انطلقت ثورة الحراك الجنوبي السلمي الشعبية بمكوناتها المختلفة في المسمى والمتفقة في المطالب؛ لتمثل قاعدة صلبة في مقاومة الاحتلال اليمني الشمالي الهمجي (الحوثي والعفاشي)، وكان لدخول عاصفة الحزم بقيادة التحالف العربي بقيادات السعودية ودولة الإمارات دور حاسم في دعم المقاومة الجنوبية رغم تاريخ نضالهم قبلها غير أن دول التحالف دعمت في تشكيل قواتنا وترتيب أوضاعها لمقاومة المشروع الحوثي الإيراني .

وبفضل هذا الوفاء العظيم من قواتنا المسلحة وقادتنا العظماء على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، أصبح شعب الجنوب يطالب بدعم عربي وإقليمي ودولي واسع، ينتصر لعدالة قضيته في استعادة دولته؛ لأن استعادة دولة الجنوب تمثل في مفهومها السياسي: هي إرادة شعب، وقضية عادلة، تمثلها قيادة مفوضة للتعبير عن تطلعاتها في التحرير والاستقلال لتكون مسارًا آمنًا للاستقرار الإقليمي، وحمايةً للمصالح الدولية.

وفي ظل التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة التي شهدتها صحراء ووداي حضرموت والمهرة وحدودها، صارت جماهير شعبنا الغفيرة، بإرادتها الشعبية عبر قيادتها التي فرضتها إلى تحقيق أهداف تتمثل في استعادة دولة الجنوب العربي من المجتمع الدولي والإقليمي من خلال:
1. نقل قضية الجنوب من إطارها المحلي إلى قضية عالمية عادلة، تستحق الاهتمام لما قدمه المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس الزعيم عيدروس بن قاسم الزبيدي وقواته من نجاحات في مكافحة الإرهاب وقطع منابع التهريب والمخدرات والأسلحة، التي أصبحت شريانًا ماليًا للمليشيات الحوثية المدعومة إيرانيًا.
2. يجب أن يحصل وينال الجنوب على الاعتراف الدولي على قضيته العادلة، وعلى الإقليم والمجتمع الدولي أن يتعاطف مع شعب الجنوب سياسيًا وإنسانيًا وقانونيًا، يقود إلى حل عادل وآمن من خلال دعم حق تقرير المصير المكفول بالقوانين الدولية.
3. يجب أن تتمثل لدى المجتمع الدولي والإقليمي قناعة قناعة راسخة بأن استعادة دولة الجنوب تمثل شرطًا أساسيًا وصمامًا أمانًا للملاحة البحرية الدولية، وعامل استقرار دائم للمنطقة، وليس تهديدًا لها كما تروِّج التنظيمات الإرهابية (الإخوانية والحوثية).

أما على المستوى الدولي (الأمم المتحدة، مجلس الأمن، الدول الرباعية المؤثرة)، فيجب أن تستوعب حقيقة أن انتصار القضايا العادلة، ومنها قضية الجنوب، التي يجب أن تنتصر بما يلبي تطلعات الشعب؛ لأنها ترتكز على:
· الإيمان التام بعدالة توجهات شعب الجنوب المطالب بتقرير مصيره واستعادة دولته.
· يجب أن يدركوا أن إرادة شعب الجنوب نابعة من نضال تاريخي طويل، ومتجذر في إرث دولة كانت ذات سيادة، ولا يمكن تجاوزها لمصالح آنية.
· يجب لا تصدق السرديات المضللة التي تصوِّر قضية الجنوب على أنها قضية تبحث عن سلطة، فقضية الجنوب جوهرها شعب مضطهد ظل يطالب وما زال يطالب ويناضل يكافح حتى ينال حقه في الاستقلال الناجز لأكثر من 35 عامًا، وقد فوضت الإرادة الشعبية لتمثيلها الرئيس عيدروس الزبيدي الذي حظي بتفويض شعبي كبير لتمثيل هذه التطلعات والتعبير عنها في المحافل الدولية والإقليمية.
· يجب أن يفهم أن دعم استعادة دولة الجنوب يمثل ضمانة للأمن الدولي والإقليمي: في حماية الملاحة، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار؛ فالجنوب سيكون عاملًا استقراريًا للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وشريكًا فاعلًا في مكافحة الإرهاب، مما يقلل بؤر الصراع في المنطقة.
ومن زاوية التحليل الاستقصائي لوضع فشل الاتفاقيات والمبادرات في الشمال، يبرز سؤال ملحٌّ: لماذا فشلت كل التسويات في الشمال (كالمبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة) رغم إدعاء الأطراف احتكار الشرعية؟ الجواب ببساطة؛ لأنها تجاهلت الجنوب قضيةً وشعبًا، ولذلك، فإن أي حل لأزمة اليمن لا يبنى على تسوية مستدامة إلا بالاعتراف الواضح بحق الجنوب في تقرير مصيره، وتجاوز ذلك سيكون مصدرًا لإطالة أمد الصراع.
- يجب الاعتراف بأن الجنوب، من منظور القانون الدولي، يمثل إرادة شعبية وجغرافيا آمنة وقوات مسلحة وأمنية قادرة على حماية الأمن والمصالح الدولية والإقليمية وترسيخ استقرار المنطقة.
ويمكن أن نستخلص من هذا التحليل ما يريده شعب الجنوب:
- الاعتراف الدولي والإقليمي بدولته المستقلة، كضامن للمصالح والاستقرار، وهذا يبدأ بالاعتراف بالواقع الجديد الذي يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته المسلحة لترسيخه، بعيدًا عن أساليب التضليل الإعلامي والتحريض الذي تمارسه المليشيات الإخوانية والحوثية والقوى السياسية داخل الشرعية المتخادمة معها ضد حق شعب الجنوب في تقرير المصير.

أما تحليل المفاهيم التي يجب أن يفهمها القارئ والمتابع المحلي والإقلياي والدولي ويمكن توضيحها وإيجازها في:
· الجنوب اليوم ليس حركة سياسية طارئة، بل شعب ذو تاريخ دولة وسيادة سُلبت منه بفعل احتلال.
· الحراك الجنوبي في الساحات والاعتصامات الشعبية المفتوحة تعبير عن إرادة شعبية شاملة، وليس مناورة نخبوية.
· من يحاول أن يتجاهل إرادة شعب الجنوب يعيد إنتاج الصراع ويقوض أي تسوية مستدامة.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن دولة الجنوب تمثِّل الحل الجذري والمستدام للأزمة اليمنية، وليس تصعيدًا لها.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن مطلب شعب الجنوب بالاستقلال الناجز بصورة سلمية ومنظمة، ويجب احترام خيارات شعب الجنوب على وفق مبادئ القانون الدولي.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن حق تقرير المصير مكفول دوليًا للشعوب المضطهدة التي تحظى بقضايا سياسية عادلة وما بالهم والجنوب كان دولة ذات سيادة.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن أي مسار سياسي يتجاوز الجنوب محكوم عليه بالفشل مسبقًا.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن استقرار الجنوب يخدم الأمن الإقليمي والدولي ومصالحهما.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن الاعتراف بإرادة الجنوب استثمار في السلام وليس تقويضًا له.

أما على الصعيد الإعلامي والإنساني، يجب الحديث أهم القضايا التي تعرض لها شعب الجنوب في مسيرته النضالية وهي:
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن ما تعرَّض له شعب الجنوب من الاحتلال اليمني من تعذيب وإقصاء وتمييز منهجي وقتل وتهجير واستيلاء على الممتلكات وتسريح للكفاءات ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن معاناة شعب الجنوب عانت من غياب طويل من العدالة والقهر والإذلال الطويل.
· يجب أن يفهم المتابع العربي والإقليمي والدولي أن استعادة دولة الجنوب تمثل الضمانة الوحيدة لكرامة المواطن الجنوبي ووتسعيد حقوقه المسلوبة.

وخلاصة هذا التحليل الاستقصائي يمكن إيجازها في:
- إن حق تقرير المصير مكفول دوليًا، وبما أن الجنوب كان دولة معترفًا بها دوليًّا ، فإن استعادتها ليست انفصالًا، بل تصحيحًا لمسار تاريخي لسيادة دولة كان معترفًا بها دوليًّا، وتنفيذًا لإرادة شعب جنوبي يؤمن بعدالة قضيته ويثق قيادته، ويناضل بكل السبل وأغلاها التضحية لانتزاع حقه القانوني والسياسي بقوة التضحية على الأرض وعزيمة الإصرار على الإرادة الشعبية والايمان المطلق بثقة من يمثل تطلعاته المصيرية.