الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسؤولة رفيعة في برنامج الأغذية العالمي سُبل تعزيز المساعدات الإنسانية لبلادنا..انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يلتقي ضمن وفد مجلس القيادة وزير الخارجية الألماني ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية..انفوجرافيك

هل أصبح واقع انقطاع رواتب الموظفين لشهور طويلة معاناة راسخة



اخبار وتقارير

الأربعاء - 01 أكتوبر 2025 - الساعة 10:40 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ حافظ الشجيفي


يتطلب تناول ملف الأمم المتحدة ومجلس الأمن وعلاقتهما بالقضايا الداخلية للدول غوصاً دقيقاً في نصوص ميثاق الأمم المتحدة والأعراف السياسية والقانونية والدبلوماسية المعمول بها فمن الثابت في أدبيات القانون الدولي، أن المبدأ الجوهري الذي يحكم عمل الامم المتحدة هو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، المنصوص عليه في الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق. ويفهم من هذا المبدأ أن حماية الوحدة الوطنية للدول هو شأن سيادي داخلي محض، ولا يُلزم الأمم المتحدة أو مجلس الأمن بأي واجبات أمنية أو عسكرية مباشرة تجاهه، طالما لم يتحول الصراع إلى تهديد فعلي وواضح للأمن والسلم الدوليين. فالاحترام الذي تُبديه المنظمة للوحدة الوطنية هو احترام للسيادة، وليس التزاماً بالتدخل لدعمها أو فرضها.

وعلى هذا الاساس يتم تخويل مجلس الأمن الدولي حق التدخل، بما في ذلك التدابير القسرية، بموجب الفصل السابع من الميثاق، وذلك حصراً عند وجود "تهديد فعلي للسلم، أو إخلال به، أو وقوع عمل من أعمال العدوان. وهذا الأساس القانوني يضع حاحزا عاليا للتدخل، مشترطاً أن يكون مصدر الخطر ذو أبعاد تتجاوز الحدود الوطنية للدولة لتصبح خطراً على النظام الدولي برمته. وبالنظر إلى قرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015) بشأن اليمن، والذي صدر تحت الفصل السابع، نطرح تساؤلات جوهرية حول مدى انطباق هذا المعيار على الحالة اليمينة في ذلك الوقت. حيث، كان الصراع في تلك الفترة يدور في سياق انقلاب عسكري وصراع على السلطة داخل الدولة اليمنية، كشأن داخلي سلطوي والقول بأن جماعة محلية، مهما بلغت قوتها، كانت تمثل تهديداً مباشر للسلم والأمن الدوليين في لحظة صدور القرار، يفتقر إلى السند القانوني الصارم وفق التفسير الحرفي والمنطقي لمقتضيات الفصل السابع خصوصا وان الحركة الحوثية لم تكن بالقوة التي اصبحت عليها لاحقا.
فالتدخل بموجب الفصل السابع لا يمنح الأمم المتحدة أو مجلس الأمن حق الانحياز لطرف ضد طرف آخر في صراع داخلي محض، ولا توجد في المواثيق الدولية نصوص صريحة تمنح هذا الحق لتبرير حماية "شرعية" سلطة وطنية أو إزاحة سلطة "غير شرعية" في إطار دولة واحدة، فذلك يعد تقويضاً لمبدأ السيادة وعدم التدخل. وعليه، فإن التدخل الذي استهدف إعادة السلطة إلى طرف محدد في صراع سلطوي داخلي يمكن أن يُعتبر انتهاك وظيفي لمهمة مجلس الأمن الأساسية التي تنحصر في حفظ السلم والأمن الدوليين، وليس في تسوية النزاعات الداخلية ذات الطابع السياسي والسلطوي.

وفي غمار هذا المشهد المتشابك، تظل القضية الجنوبية كبعد أكثر عمقاً وأصالة يتجاوز الإطار الزمني والموضوعي للصراع السلطوي الداخلي بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وجماعة الحوثي. فالمطالب الجنوبية باستعادة الدولة تنبع من جذور تاريخية سابقة بكثير للصراع المشار إليه، وهي مطالب مدعومة بإرادة شعبية راسخة وتضحيات جسيمة، وتستند إلى مفاهيم الحق في تقرير المصير والمطالبة بإنها"احتلال عسكري". وهذه المطالب، بحكم طبيعتها التاريخية والسياسية المتميزة، تندرج ضمن سياق القضايا الدولية العادلة التي تدعمها المبادئ والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الشعوب وإنهاء حالات الضم والالحاق بالقوة أو الاحتلال.
إن تهميش المجتمع الدولي للقضية الجنوبية، ذات الشرعية التاريخية والشعبية والسياسية والقانونية الواضحة، لصالح التركيز على أزمة سلطوية داخلية طارئة لا تمتلك سنداً قانونياً دولياً للتدخل فيها، يمثل اختلالا بنيوياً في مقاربة مجلس الأمن للأزمة اليمنية. فإذا كان الهدف الحقيقي لمجلس الأمن هو تحقيق السلم والأمن الدوليين، فإن هذا الهدف لا يمكن ان يتحقق بإبقاء قضية تاريخية عميقة وواسعة مثل القضية الجنوبية معلقة ومهمشة. وكان من المنطقي والواجب، قانونياً وسياسياً، أن يتم التعامل مع القضية الجنوبية كعامل أساسي وحاسم للاستقرار الإقليمي والدولي، حيث كان يفترض أن تُمنح الأولوية في التدخل من جانب الامم المتحدة ومجلس الامن لحل هذه القضية بما يضمن عودة دولة الجنوب، لأن الاستقرار الدائم في المنطقة لا يمكن أن يُبنى على إهمال حقوق تاريخية ومطالب شعبية عادلة.

واخيرا يمكن التاكيد على إن قرار مجلس الأمن رقم 2216، بتطبيقه للفصل السابع، قد جاء متنافراً مع الأسباب الجوهرية للتدخل في اليمن، حيث ركز على صراع سلطوي داخلي كان ينبغي أن يُحل عبر الآليات السياسية الوطنية أو الإقليمية في إطار مبدأ عدم التدخل في الشؤن الداخلية. وفي المقابل، فإن هذا القرار لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الجنوبي في استعادة دولته وتقرير مصيره، وهي حقوق مدعومة بالقانون الدولي لإن هذا القرار يتعلق بالصراع على الشرعية والسلطة بين أطراف يمنية في الشمال، ولا يمت بصلة إلى القضية الجنوبية ومطالبها السيادية. ومن هذا المنطلق، فإن سريان القرار في الجزء الشمالي من اليمن لا يُلزم الجنوب بأي التزامات تتعلق بالوحدة أو بوقف مطالباته. ويحق للشعب الجنوبي، في ،ان يمارس حقه في إعلان استقلاله في اي وقت شاء استناداً إلى أسسه القانونية والتاريخية والسياسية المستقلة عن الأزمة السلطوية التي عالجها القرار 2216، فحق تقرير المصير هو مبدأ فوق دستوري ودولي لا تقيده قرارات مجلس الأمن المتعلقة بأزمة داخلية عارضة.