الرئيس الزُبيدي: إجراءات حضرموت والمهرة لتأمين الجنوب والوجهة نحو صنعاء.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يطّلع على جهود تطبيع الأوضاع وتثبيت دعائم الاستقرار بالمهرة وسقطرى



اخبار وتقارير

الخميس - 18 ديسمبر 2025 - الساعة 08:06 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / تقرير مريم بارحمة

لم تعد قضية الجنوب اليوم مجرد مطلب سياسي مؤجل، ولا ملفًا قابلًا للمناورة أو الالتفاف، بل تحوّلت إلى حقيقة سياسية راسخة فرضت نفسها على الأرض، وبلغت مرحلة نقطة اللاعودة؛ تلك المرحلة التي تسقط فيها كل مشاريع الإرجاع القسري إلى الماضي، وتتلاشى معها أوهام إعادة إنتاج منظومات الهيمنة التي سقطت بفعل الإرادة الشعبية والتضحيات الجسيمة.



-تحول نوعي في مسار قضية الجنوب

شهدت قضية الجنوب خلال السنوات الأخيرة انتقالًا نوعيًا من مربع التهميش والإنكار إلى مربع الفعل والتأثير وصناعة القرار. لم يعد الجنوب مجرد ساحة صراع، بل أصبح طرفًا سياسيًا فاعلًا يمتلك مشروعًا واضح المعالم، وإرادة جمعية صلبة، وأدوات سياسية وأمنية تمكّنه من حماية هذا المشروع. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاج: نضال شعبي طويل امتد منذ ما بعد حرب 1994. وتضحيات جسيمة قدّمها الجنوبيون في مواجهة الإقصاء والاحتلال، إعادة بناء الهوية الجنوبية كمشروع وطني جامع. وأيضا بروز قيادة سياسية جنوبية تمتلك رؤية واضحة لإدارة الصراع واستعادة الحقوق.



-استعادة القرار الجنوبي: كسر الوصاية

أهم ما يميز المرحلة الراهنة هو استعادة القرار الجنوبي المستقل، بعد عقود من مصادرة الإرادة السياسية وفرض الوصاية من قوى الهيمنة اليمنية. هذه الاستعادة شكّلت ضربة قاصمة لكل المشاريع التي كانت تراهن على إبقاء الجنوب تابعًا أو ملحقًا أو ورقة تفاوض. لقد أصبح القرار الجنوبي: نابعًا من الداخل الجنوبي. معبّرًا عن تطلعات الشارع الجنوبي. محميًا بإجماع شعبي وقوة ميدانية. غير قابل للمقايضة أو التنازل.



-تقرير المصير خيار شعبي لا رجعة عنه

لم يعد الحديث عن تقرير المصير شعارًا عاطفيًا أو مطلبًا نخبويًا، بل أصبح خيارًا شعبيًا جامعًا تتقاطع حوله مختلف المكونات الجنوبية. فالتجربة المريرة مع مشاريع الوحدة القسرية، وفشل كل محاولات الإصلاح، أكدت للجنوبيين أن لا مستقبل آمن لهم خارج إطار دولتهم المستقلة كاملة السيادة.
إن أي تسوية سياسية لا تنطلق من هذا الحق، أو تحاول القفز عليه، محكوم عليها بالفشل، لأنها تصطدم بإرادة شعب خبر الخداع والتسويف، ولم يعد مستعدًا لتكرار الأخطاء.



-سقوط رهانات العودة إلى الماضي

ما زالت بعض القوى تحاول الترويج لإمكانية العودة إلى ما قبل 2015، أو إعادة تدوير مشاريع مركزية فاشلة تحت مسميات جديدة. غير أن الواقع السياسي والميداني يؤكد أن موازين القوى تغيّرت جذريًا، والوعي الجنوبي بلغ مرحلة متقدمة، وأدوات الإكراه فقدت فعاليتها. فالجنوب لم يعد ساحة مفتوحة للتجارب الفاشلة. لقد سقطت رهانات الإخضاع، وتهاوت مشاريع الاحتواء، وبات واضحًا أن الجنوب لا يمكن حكمه إلا بإرادته.



-البعد الإقليمي والدولي للقضية

تدريجيًا، فرضت قضية الجنوب نفسها على الأجندة الإقليمية والدولية، بوصفها قضية سياسية عادلة ذات أبعاد استراتيجية. فاستقرار المنطقة، وأمن الملاحة الدولية، ومكافحة الإرهاب، كلها ملفات بات الجنوب جزءًا أساسيًا من معادلتها. وهنا، لم يعد ممكنًا تجاوز قضية الجنوب أو التعامل معها كملف ثانوي، بل كقضية شعب يسعى لاستعادة دولته وفقًا لمبادئ القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها.



-جنوب جديد يتشكل

إن ما يجري اليوم ليس مجرد مرحلة سياسية عابرة، بل إعادة تشكيل للجنوب ككيان سياسي وهوية وطنية ودولة قادمة. جنوب يرفض الوصاية، ويؤمن بالشراكة الندية، ويتمسك بحقه غير القابل للتصرف في استعادة دولته.
لا عودة إلى الوراء، ولا تنازل عن قرار شعب الجنوب، ولا تراجع عن مسار تقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. إنها مرحلة الحسم التاريخي. فالجنوب ماضٍ في طريقه، مهما تعددت العوائق وتبدلت الأدوات.