الخميس - 14 أغسطس 2025 - الساعة 02:53 م
في ظلّ غيوم التحديات التي تُكابدها حضرموت، تطفو على السطح أسئلةٌ مُقلقة تمسّك بجذور الهُويّة وتنخر في جسد النسيج الاجتماعي. لماذا تُزرع بذور الفتنة بين الصف الحضرمي الموحّد؟ ومن يقف خلف نشر القضايا الخلافية التي تُذكي الصراع وتُفرّق الأخوة؟ وكيف تحوّل وكيل المحافظة الأول من رجل دولة إلى زعيم قبلي يعطّل مؤسساتها، بينما كان بوسعه أن يكون حارساً للتنمية وسيادة القانون؟
كان بإمكان وكيل حضرموت الأول أن يكون حاملاً لمشعل التنمية، مستخدماً نفوذه القبلي وقوّته الاجتماعية لفرض هيبة الدولة وبناء مؤسساتها، لكنّه اختار أن يتراجع إلى الوراء، ليتحوّل إلى لاعبٍ في حَلَبة الصراع القبلي، مُتخلياً عن مهامه الرسمية، بل ومُعطّلاً لأجهزة الدولة بدل أن يكون ركناً في بنائها. أليس في هذا تناقضٌ صارخ؟ فبدل أن يُوظّف قوّته لمواجهة الفساد المزعوم ضد المحافظ الذي يتهمه هو وانصاره، غير أنه انزلق إلى لعبة التهم المتبادلة، فبات جزءاً من المشكلة لا الحل.
حتى مشروع الحكم الذاتي الذي جعله بن خبريش وَهْمُ لانفصالى القبيلة ووهو بالحقيقة خدعة إخوانية لافتيت النسيج الاجتماع بينما قوى المؤتمر الشعبي العام والإخوان المنضوية الأحزاب اليمنية - الذين يتخفّون خلف شعارات زائفة - فقد وجدوا في "لحلف القبلي غطاءً لدفع مشروعهم المسمّى الحكم الذاتي مشروعٌ يُروّج له كحلّ سحري، بينما هو في حقيقته فخٌّ يُريد أن يُقسّم حضرموت ويُضعفها ويجعلها رعينة حسابات ضيقة. فهل يعقل أن تُستخدم القبيلة كأداةٍ لمشاريع سياسية ضيّقة، تُهدّد وحدة الأرض والإنسان؟ أين هي مصداقية من يتحدّثون عن ألنسيج الاجتماعي وهم يُشعلون نيران الفرقة؟
في خضمّ هذه المعارك الجانبية، يغيب الحساب الأهم: مَن الذي يستفيد من تشتيت جهود الحضارم؟ ولماذا لا تُوجّه كلّ هذه الطاقات نحو محاربة الفساد الحقيقي، بدل الانشغال بصراعات النفوذ؟ المحافظ يتّهم بالفساد، والوكيل يتّهم بالإهمال، وقوى سياسية تتّهم بالتآمر.. والنتيجة؟ شعبٌ يُدفع ثمن هذه الأجندات المُتعاقبة قوى يمنية تريد أن تستحوذ على نفط حضرموت وتجعل الحضارم في صراع فيما بينها
حضرموت ليست مزرعةً يُقتسم حصادها، ولا ساحةً لتصفية الحسابات. إنها أرض التمكين والحضارة، الجنوبية وهي اليوم أمام امتحان مصيري: إما أن تستفيق قياداتها من سُبات المصالح الضيقة، أو أن تُدفن في رمال التشرذم. فهل من عودةٍ إلى الحكمة، أم أن الصف الحضرمي سيظلّ رهينة المكائد؟ السؤال يُطرح، والإجابة ستكتبها الأيام القادمة.. أو ربما دماء الحضارم التي تُسفك هل هي لصالخ دعاة الهوية الجنوبية أم لدعاة الحكم الذاتي الذي كانت من أهم إنجازاته قطع الكهرباء عن أهلهم في ساحل حضرموت.