كتابات وآراء


الجمعة - 07 يوليه 2023 - الساعة 01:37 ص

كُتب بواسطة : د. صبري عفيف العلوي - ارشيف الكاتب



لعينيك يا بداية الحياة ونهايتها..لعينيك يا ايقونة السلام، لأجل عينيك نقف إجلالا وإكبارا، في ذكرى اجتياحك 29،من قبل غزاة القرن العشرين، إليك نهدي السلام يا أعظم مدن السلام إليك يا من نلت خصوصية عدم الانقراض والاندثار، إليك يا أسطورة المقاومة والصمود وتذويب تلقبات الزمان، إليك ياعين الجنوب وقلبه، إليك كل نبض دب في قلوب عاشقيك، فقد كنت أنت القديم والحديث المتجدد، دوما وعلى مر الزمان، رغم نكبات الدهر وخطوبه، ظللت ومازلت جوهرة غالية الثمن، كم أنت شامخة، كشموخ جبالك، وعريقة كعراقة معالمك وآثارك وقلاعك وحصونك وسهولك ومآذنك وكنائسك ومعابدك وآبارك وكل ذرات من ذرات ترابك.


طوبى لك أيتها المدينة المعجزة، التي لا تقلق أبواب قلبها الحنون، بل تظل مشرعة أمام معذبيها وناهبيها وقاتلي تاريخها وطامسي حضارتها، حتى تصيرهم أضحكوة في تاريخ الحياة، فكم أمليت لهم رويدا حتى نالوا مصارعيهم من شر أعمالهم، فأين الذين انتهكوا أسوارك ونهبوا ثرواتك وعاثوا فسادا وإفسادا في كل مفصل من مفاصل حياتك، لقد أخذتهم يدي الدهر خلسة، ماتوا ثم أو قتلوا، هلكوا ثم أو شردوا تلك هي نتيجة خطيئتهم وتماديهم في غيهم.


يا مدينة الأسرار الإلهية التي لم يكشف بعد، سر أخلاق من سكنت أنت قلوبهم، لا ساكني ديارك، وهناك شتان بين من سكنت أنت شغاف قلوبهم، وبين من سكن ديارك ولم يدخل حبك إلى سويداء قلبه، طوبى لطيبة أهلك الهائمين بك! طوبى لكل ينابيع القيم الإنسانية المتدفقة من ثنايا أرواح محبيك وعاشقيك حد الثمالة.
سلاما... سلاما... يا جنة عدن وآخر علامات العظمة لنهاية الوجود، سلاما يا مدرسة الطهر والنقاء ومجددة مشاعر الحب والوفاء، كم أنت عظيمة يا مروضا لقلوب زائريك، فكم جعلت جلاميد من البشر قدموا إليك إناسا، وكم صيرت أشخاصا لا يجدون القراءة أحبارا حين تنفسوا هواءك واكلوا من طيب خبراتك.


يا مدينة القدرات الإنسانية العالمية، فقد تجاوزت ذات يوما أترابك من المدن في هذه المعمورة، أشفيت أوجاعا وداويت أمراضا، وأهديت أمنا وحرية سلاما، كنت وطنا لكل شارد ومحطة لكل مسافر، فقد كنت أما لم لا أم له ووطنا لكل من لا وطن له وصار العيش الكريم والهادئ في حاراتك وشوارعك هو شعارك.


لقد كنت ذهبا في عصور ذهبية مضت وستظل أنت عظيمة في أرواح محبيك وعاشقيك، فأنت سميرهم وأنيسهم وعشقيتهم التي لا ينتهي عشقها..فأنت دفافة بالحياة والخلود وتتحشرج الافئدة وتتعلثم الألسن حين تناجيك قلوب عاشقيك..

لك الأمان والسلامة والخلود إلى حين يأذن ربك لبركانك الخامل في هضاب جبالك..