رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



كتابات وآراء


الأربعاء - 24 يونيو 2020 - الساعة 06:32 م

كُتب بواسطة : سعيد مسعد سرور - ارشيف الكاتب



ظلت خارطة فعل القبيلة ثابتة وواضحة في العربية اليمنية ليس فقط على الجغرافيا بل وعلى شكل وتركيبة النظام السياسي والإداري للدولة بكل تفاصيله ومستوياته ,إذ تتحرك القبيلة في فعلها على أسس سياسية وإقتصاديه للإبقاء على تأثيرها في القرار قائما وسريعا قياسا بالحركة المعاقة للدولة نفسها نحو آفاق البناء المؤسسي للنظام , الأمر الذي غيب الدولة ومكن القبيلة من القيام بوظائفها في مجالات كثيره مختلفة حتى صارت جزء من تركيبتها يدها طولى في صناعة القرار سلما وحربا. وخارطة إدارة الحروب الجارية اليوم لا تذهب بعيدا عن هذا الواقع.
الحقيقة الثابتة ,أن هذه الرقعة الجغرافية لم تشهد بسط الدوله المركزية سلطتها الكاملة عليها ولم تعرف الإستقرار لأسباب كثيرة مختلفة لعل أهمها دور القبيلة المفرط في إعاقة بناء الدولة وتعطيل وظائفها وعدم توافر الرغبة والنهج لبناء مؤسساتها وخلق أدوات إدارتها وبقاءها ,بل منع نشوء الأحزاب وحضر كل أشكال الممارسة السياسية عموما فشكلت عدن قبل النظام الجمهوري وحتى بعده الحضن الدافئ للعديد من الأحزاب ,السياسيين وأصحاب الرأي ,الأمر الذي أبقى على ضعف الدولة هناك قائما لتأريخ طويل قبل الوحدة حيث كان رأس الدولة المتوافق عليه مع القبيلة يقبل بلقب فخري يشرف على توزيع خيرات البلاد على النافذين ولم تكن من أولوياته فرض السلطة على الكل من خلال تطبيق القوانين التي تسن والعمل بها بل ويتماهى مع الفاعلين والقبيلة في طليعتهم ,يصون إمتيازاتها كما ولا يلزمها القانون بشيئ.
عندما حاول الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي إستعادة الدولة وإرساء دعائمها المؤسسية بإعلانه الشهير للقبيلة وتجار السياسة التابعين والفاسدين "بنهاية شهر العسل" تم التآمر عليه وإغتياله ,وكذلك أفشلت كل محاولات الجنوبيين بعد الوحدة لذات الأسباب حيث واجهوهم بتحالف عصابة الحكم نفسها , القبيلة مضافا إليها الإرهاب الذي شرعوا تصديره جنوبا وزرعوا له مشاتل واسعه وشكلت القبيلة على طول مناطق الأطراف مع الجنوب الملاذ الآمن له.
تجدر الإشارة هنا إن فترة نظام حكم الرئيس صالح ( حكم ثنائية القوة والفساد) شكلت إمتدادا للمتوكليه اليمنيه في جوانب عدة سياسية وإدارية وإن بمسمى جمهوري وسار بالحكم على هذا النحو حتى سلمه للهاشميين في العام 2014م في إطار مغامراته المعتادة للعودة الى الحكم ( مغامرة القوة الى السلطة)...,رغم خيبة حساباته إلا أن تحالف الضرورة أكد مجددا أن أمر هذه العصابة ليست الدولة , لا الوحدة ,لا مصير شعب ووطن , لا أحزاب ولا قوى سياسيه بل هيمنة المركز المقدس كحقيقة مسلم بها.
إذا ,ألا يحق لنا اليوم أن نتسائل هنا بعد أن سلم الجنوبيون الوحدويون الأولون في العام 90م الدولة , الرئاسة ,العاصمة وكل المؤسسات لشركاء مفترضين بمناصفة في العقد بكرم طائي في سبيل وحدة مجهولة المصير ليكتشفوا فيما بعد أنهم توحدوا مع طغمة مهيمنة مستبدة لا عهد لها ولا ميثاق ,لا تعترف بالدولة لتأريخ طويل ,لا تقبلها ولا تتعايش معها البته وليست أكثر من عصابة حكم بمنظومة إدارية فاسدة.
خلقت بسيطرتها المطلقة المؤسسه الموازية للدولة ( الدولة العميقة) مبقية على المؤسسات الرسمية هياكل شكلية لتحصد بها المزيد من القروض ,المساعدات ,الهبات والمعونات من المانحين والمنظمات الدوليه لتشغيل ماكينة فسادها العملاقة التي بنتها لعقود.
هنا إيضا تأخذ القبيلة نصيبها عملا بصيرورتها في منظومة الحكم يضاف الى مخصصها في الميزانيه العامة ( مصلحة شئون القبائل) الذي يعادل ميزانية وزارة الدفاع.
يضاف الى ما سبق من عوائق بناء الدولة ,إتباعهم النفس والمنهاج المتوارث لديهم في الإدارة والحكم كشركاء في الوحدة يؤكد أنهم لا يزالون بعيدون عن الدولة بعقود.
النتيجة ,أن رفضوا تنفيذ إتفاقية الوحدة , منعوا بقوة أي جهد لبناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة كشرط رئيس في عقد الوحدة وأي صيغ للحل بما فيها جهود إعادة وإصلاح مسارها وكذا وثيقة العهد والإتفاق ,عبثوا بالمشهد السياسي حتى إعلان الحرب على الشركاء عام 94 م.
ثم تنكروا لهم وواصلوا نهج المغالطات السياسية وبها فرضوا إنقسام القوى السياسية على أسس أبعدتها عن أي مواقف مبدئية ممكنة من وأد الوحدة فأفرغوا قرارها وحققوا بذلك توازن مصلحي خاص قربها مجبرة للآمر الناهي وجعل منها أدوات بيده مؤمنة بحقيقة "المركز المقدس".واخيرا إنقلبوا حتى على مخرجات الحوار الوطني التي صاغوها بأنفسهم.!!
والمؤسف حقا أن كان له من الجنوبيين ممن إستمرءوا لأنفسهم هذا المكان "تابعين" فظمهم الى قواته لغزو الجنوب في حربين واليوم بهم يشن الثالثة لذات الغرض.؟؟!!
خلاصة رفضوا كل صيغ الشراكة....ولم تجدي معهم كل التنازلات ,فواجهوا متطلبات تنفيذ إتفاقية الوحدة بشن الحروب ضد شركاءهم الجنوبيين رغم جهودهم المتواصلة للحفاظ على الوحدة.!!!!
_هل أدركتم الآن ماذا يريدون هؤلاء القوم غير السلطة ,الهيمنة ,الإستبداد ونهب المقدرات ؟؟؟؟!!!!
أيها السيدات والسادة "الوحدويون الجدد" ,إنها ثقافة عصابة الحكم (المركز المقدس) متأصلة لديهم ,تربوا عليها لقرون ولا تظهر تلابيب ثغراتها الا حين يختلفون ,ثقافة لا تتيح فرصة لأي تراكم إيجابي ,تمنع حتى مجرد التفكير في اي بناء للدوله للإبقاء على حالة فريدة في الحكم "حالة اللادوله" سائدة ومعها يديرون البلاد بالأزمات ليحتكروا السلطة ,يصادروا القرار وينهبوا المقدرات ,ما لم فخيار الحروب عصاء آخر بأيديهم يلوحون به ,بما يوفره من إستثمار أكبر وأسرع ,ليتصدروا المشهد السياسي وليبقوا اليمن متخلف وساحة حروب مستديمة لا يستطيع مغادرة الحاجه والولوج الى آفاق البناء والتنمية..
هذا ما تثبته حالة الحرب الجارية ,أي أنه معهم وبهم يستحيل الخروج من دوامة حالة "اللادوله".
_هنا نتساءل مجددا ,بعد تجربة الوحدة المره هذه , يا ترى إلى إين سيذهبون بنا اليوم الوحدويون الجدد من الجنوبيين وهم يساندون غزاة طامعين يدمرون بلادهم ومقدراتها وبمعيتهم يخضعون ناسهم ويذلون ويشردون أهلهم ليمكنوا أعداء الجنوب من إعادة الكره لإحتلاله وفرض الإرهاب عليه..؟؟!!
_ثم ما هيى المصلحة التي يسعون لتحقيقها بتقية الوحدة كتابعين للغزاه بتبنيهم هذه المواقف التي تتعارض مع الإرادة الجمعية لشعبهم وهم حقا يدركون أن الوحدة قد غدر بها من قبل الشريك الذي يضعون اليوم أيديهم بيده وماتت في نفوس الجنوبيين قبل أن تموت وتشبع موتا على الواقع وأن مصيرهم في النهاية سيؤكلون كما أكل الثور الأبيض؟؟!!
_ ألا يرون أنهم قد أفشلوا من سبقوهم الى صنعاء في تجربة وحدة بعقد بين دولتين بجسمين قانويين عضوين في كل المنظمات ومؤسسات المجتمع الدولي كان العالم شاهد عليه ,رغم الجهود المشار إليها بعاليه ودفع الجنوبيون ولايزالون ثمنها باهضا.؟؟؟؟!!!!
وبالنظر الى :
*مباركتهم وتفاعلهم مع دعوات التصالح والتسامح الجنوبي الذي إستجاب له الغالبية العظمى من الجنوبيين.
*إقرارهم بالخطأ القاتل الذي تمثل بالذهاب الى الوحدة مع شريك غير جاهز لها بل غادر ومتربص قبل توحيد الجنوب أولا وبكل قواه السياسية المبعدة بسبب سياسات الإقصاء التي سادت ويرفضها اليوم كل الجنوبيون لما أنتجته من دورات عنف نزف خلال الدم الجنوبي منذ العام 67 م وكان آخرها النازحين بعد كارثة يناير 86 م التي شكلت الضربة القاسمة للجنوب وخاتمة مسك هزائمه الداخلية.
وكذا بالنظر الى :
*حالة التشظي التي صنعها المهيمنون على القرار ,الفاسدون وتجار الحروب في صنعاء وما تبديه مشاهد الحروب اليوم بينهم من خارطة تفوق كل حدود التمزق السياسي والمجتمعي لعل أعمقها وأخطرها التناحر القائم على أسس دينية _ مذهبية _ طائفية سلاليه.
*والدعوات للتبعية لمراكز القوى الإقليمية والدولية بكل تجاذباتها وصراعاتها كآخر صيحه تبتدعها عصابة الحكم الفاسدة المهيمنه المحتربه لتجعل من اليمن ساحة مفتوحة للحروب الإقليميه والدوليه طمعا بالأموال....
_إن ما يثير الإستغراب والعجب معا هنا هو ,مدى إمكانية أهلنا الذين يشذون عن الإجماع الجنوبي ويغردون خارج سربه في التأثير على هذه الحالة المتأزمه المعقدة والتي عجزت قوى إقليمية ودولية كبرى عن حلحلة تفاصيلها وفكفكة شفراتها وبالتالي إحداث التغيير في تركيبة نظامها حتى يقنعوا الشعب بوهم إستمرار الوحده"التقية".؟؟!!
ثم إين يا ترى سيضعون الجنوب بقدراتهم الأقل من محدودة التابعية هذه.؟؟!!
عليهم اليوم أن يفصحوا عن مشروعهم للجنوب وبدائلهم التي يقاتلون شعبهم في سبيلها إن كان لهم ذلك ,غير أن يجبروه بالقبول بخيار الغزو الثالث (الإحتلال ,النهب والإرهاب) الذي يحاربون أهلهم إلى جانبه أم يدجننوه لطاعة الولي الفقيه يدفع له خمس الزكاة ,الركاز ,الغنائم"الفئ" وغيرها من الجبايات والعطاءات أكثر إذلالا وشعوذة من ثرواته ,ماله ,ومداخيله الخاصة ليس فقط بمخالفة صارخة لأدبيات الدولة وقواعد المواطنة المتساوية وخرقا للمبادئ الدستورية ( المادة 41) بل وتحريفا آثما لآيات الله البينات (الحشر 7 ,الأنفال 41_ 45 ,آل عمران 33 ,النساء 65 ,الأحزاب36 وغيرها) يأتمر بأمر المنفذي "العكفي" ويستضيفه بدجاج حبلى , البيض ,السمن ,العسل وو.. كلا الخياران يؤكدان أن عزالدين أضرط من أخيه وأن القادم يحمل من الإرهاب ,الظلم , الهيمنه, السطوة وتقنين الإصطفاء ووراثة آل البيت كحق إلهي زورا لا محالة أسوى !.
خلاصة , لا خيار اليوم أمام أحرار الجنوب وشرفاءه غير التنازل لبعضهم ,أن يمشون على الأرض ويتبعون سياسة بينية توافقيه ,واقعية وجامعة تحاكي واقعنا , تأخذ بأسباب خلافاتنا السابقة للإستفادة منها وأن نتناولها كأصحاب قضية واحدة حتى لا نوجد سبيلا لخلافات أعمق أو لا سمح الله نفشل في إدارتها وتنتج لنا فرقة ثانية ,سياسة القبول بالآخر المختلف معه في الرؤية بعيدا عن المغالاة والمزايدة في طرح قضايانا.
كما يتوجب التحرر من التفكير الشمولي وإحترام الإرادة الجمعيه الجنوبية وحقوق الشعب المصيرية الضامنة تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبيه والذود عن الحق الجنوبي في إستعادة الدوله.
إنها دعوة نوجهها لهم ولكل جنوبي لا يزال يزايد بتقية الوحدة كذبا وزورا ليخفي غرقه في وحل المصالح الخاصة الآنية على حساب المصالح العليا للوطن والشعب.
في الوقت نفسه تقع على قوى الإستقلال مسؤولية منع أي شكل من أشكال الإقصاء ,فتح الباب واسعا لعودة كل من رمت به الأقدار والمواقف الى الجبهة الأخرى للعودة الى جادة الصواب بين أهله وشعبه وإستيعاب كل جنوبي يهمه مصلحة وطنه ومستقبل أهله والأجيال من بعده بغض النظر عن الإختلاف معه في الرؤى لتحقيق شراكة وطنية جنوبية حقيقية.
إن الطريق الوحيد لحلحلة مشكلة الدولة والإستقرار في اليمن يبدأ من محور الأزمة وهو رفع الظلم الأكبر بحل القضية الجنوبية عبر فك الإرتباط وإستعادة الدولة والشروع المباشر في بناء حداثي لها حيث الأسس وغيره من العوامل الأخرى متوفرة تلحقه حركة نهضة تنموية شاملة تزدهر فيها حياة الناس وستدفع بالتأكيد بالشعب في العربية اليمنيه الى التحرك نحو التغيير لصالح بناء الدولة والتنمية والإستقرار.