4 مايو / استطلاع: مريم بارحمة
تحرص الشعوب والأمم منذ بزوغ فجر البشرية على المحافظة على تميزها وتفردها تربويا واجتماعيا وثقافيا؛ لذلك أنصب اهتمامها بأن يكون لها نظام تربوي وتعليمي تساعد في الإعلاء من شأن الأفراد وربط بعضهم ببعض ليسهموا في خدمة مجتمعهم في شتى المجالات وذلك لن يتحقق إلا بالمعلم والمربي الفاضل الذي
قال الشاعر أحمد شوقي فيه :" قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا".
المعلم له دور فعال في تنشئة الأجيال ولكن دور المعلم التربوي بدء يضعف وتتلاشى هيبته في نفوس بعض الطلاب من خلال هذا الاستطلاع نسلط الأضواء لمعرفة
أسباب ضعف هيبة المعلم؟ وهل هناك اسباب سياسية لتدمير التعليم؟ وهل للمعلم دور في ضياع هيبته؟ وهل عدم وجود لوائح وأنظمة مدرسية تحافظ على حقوق المعلمين ساهمت في التقليل من هيبة المعلمين والادارة المدرسية؟ وما أهمية احترام المعلم وانعكاسه على الطلبة والمجتمع الجنوبي؟ وهل يمكن عودة هيبة المعلم واحترامه بشكل يليق به وبالتعليم؟ وما الأساليب والحلول لعودة هيبة المعلم بين تلاميذه وطلابه؟
-ضياع حقوق المعلمين
وللتعرف على أسباب ضعف هيبة المعلم تقول الأستاذة امتثال ابراهيم بيربهاي، معلمة وتربوية في الآتي :" فقدت العملية التعليمية العديد من الأساسيات وأهمها ضياع حقوق المعلمين وضعف الرغبة لدى الطالب في التعلم بعد ان تفشت ظاهرة الغش. وكذا قدم المناهج وعدم تطويرها واتسامها بالحشو، ومع ضعف العملية التعليمية لجوهرها فقد المعلم تلك الهيبة التي كان يمتاز بها. فقد كنا نرى المعلم ولا نجرؤ على رفع أعيننا في وجهه، واليوم ترى الطالب يتبجح مع بعض المعلمين ولا اقول الكل".
-أساليب تدميرية ضد المعلم
بدورها التربوية الأستاذة عفاف مجاهد أحمد تؤكد قائلة:" فقد المعلم الجنوبي هيبته من بعد اجتياح الجنوب في صيف 1994م من قبل القوات الغازية التابعة لنظام صنعاء؛ من أجل تدمير التعليم، وتجهيل الشعب، فأصبح يمارس ضد المعلم كل الأساليب التدمرية منها: راتب المعلم الذي لم يعد يكفي قوت أسرته، بالإضافة إلى عدم الاهتمام برفع المستوى المعيشي للمعلم، وأصبح المعلم يعاني الظلم والتهميش في كافة الجوانب".
-ضعف بالأداء
بينما الأستاذ محمد محمود ماطر، مشرف التعليم الثانوي يقول :" أسباب ضعف هيبة المعلم له أسباب عديدة أهمها عدم تمكنه من تقديم مادته بالشكل المطلوب، وعدم تعامله مع طلابه بالأسلوب التربوي اللائق؛ مما جعل العلاقة بينه وبين طلابه علاقة يسودها عدم الاحترام لبعضهم البعض. فالجانب التربوي مهم جدا وعلى المعلم الاهتمام به اثناء العملية التعليمية من خلال وضع أهداف تربوية يقوم بغرسها وسلوكيات سوية يمكن من تحقيقها لكي تؤثر على الطلاب تأثيرا ايجابيا وتسهم في بناء شخصيتهم".
-سياسة تجهيل
لمعرفة الأسباب السياسية لتدمير التعليم تقول أ.عفاف :" السياسة في الجنوب بعد سيطرة نظام صنعاء كان لها الدور الأكبر في تدمير التعليم؛ من أجل تدمير الإنسان الجنوبي وجعل شعب الجنوب جاهل".
-معاناة وعدم استقرار
ويضيف أ. محمد:" الأوضاع الاجتماعية والسياسية لها دور كبير في تدهور العملية التعليمية فالظروف الأسرية، وعدم استقرار الطلاب نفسياً، ومعاناتهم من هذه الظروف جعلتهم في حالة ضياع، وعدم اهتمام بالدراسة وممارسة سلوكيات غير سوية في المدارس مما خلق العديد من المشكلات وهذا سببه انعكاس الحالة التي يعيشونها".
-تدمير ممنهج
بدورها تؤكد أ. امتثال :" أن السبب الرئيس في تدمير التعليم سبب سياسي أولاً وأخيراً، وهذا يتجلى بوضوح عندما نستذكر الأعوام 30 الماضية فمنذ العام 1990م ونحن نلحظ هذا التدهور؛ ما يعني أنه مقصود وممنهج والسبب أن الجنوب كان دولة تهتم بالتعليم وتوليه أهمية قصوى والشواهد كثيرة أولها أننا في ثمانينيات القرن الماضي كنا مصنفون من الدول التي لا يوجد بها أمية، كذلك كان بعض القادة العرب يأتون إلى العاصمة عدن لطلب العلم، واخيرا كانت المرأة في عدن السباقة في معظم الوظائف المهمة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أهمية التعليم في بلادنا في تلك الفترة ومنذ ما قبل الاستقلال أيضا"، مضيفة:" تدمير التعليم الذي انتهجه الاحتلال اليمني ما هو إلا سياسة لطمس الهوية الجنوبية وخلق جيل غير متعلم فاقد للأخلاق، والضوابط المجتمعية، وهذا ما حدث وما نراه جلياً في سلوك شبابنا في الآونة الأخيرة".
-معلم الماضي والحاضر
وحول مدى اسهام المعلم في ضياع هيبته يقول أ. محمد ماطر:" يتحمل المعلم دورا في ضياع هيبته وذلك من خلال عدة أسباب أهمها: شخصية فلابد أن يتحلى المعلم بصفات تجعل الطلاب يقتدون به وبسلوكه وتصرفاته فهناك بعض المعلمين لا يعيرون اهتماما بهذا الجانب، وهذا هو الفرق بين المعلم في الحاضر والمعلم في الماضي. حيث ان المعلم في الماضي كان له تأثير ايجابي كبير على طلابه من خلال انضباطه وتصرفاته، عكس بعض المعلمين حاليا، ولهذا فان طلاب الزمن الماضي يتذكرون معلميهم ويكنون لهم كل التقدير والاحترام إلى يومنا هذا".
-خلل بالواجبات
بينما ترى أ. عفاف: أن للمعلم دور في ضياع هيبته، فالمُعلم هو من أخل بالميزان بعدم قيامه بواجبه بالشكل المطلوب، والطلاب على اختلاف أعمارهم قادرون على الحُكم على قدرة المُعلم في التدريس أفضل من أي مُشرف أكاديمي، وتستطرد قائلة :"لكن باستخفاف المُعلم بأهمية المهنة أو عدم قدرته على أداء المطلوب -ربما لأنه منهك ماديًا أو نفسيًا- سيؤدي إلى انتشار الفوضى واستخفاف الطلاب بالمادة والمعلم نفسه".
-من المسئول؟
بينما تضيف أ. امتثال :" بأسى شديد، نعم: فالمعلم يتحمل الجزء الأكبر من ضياع الهيبة فهو من اقتصر دوره في تقديم المعلومات، وترك التربية، المعلم من ساهم بدعوى الرحمة في تغشيش الطالب، والمعلم من حمل العصا لينهي هيبته".
-إلغاء قرارات مهمة
وعن تأثير غياب اللوائح والأنظمة المدرسية التي تحافظ على حقوق المعلمين في التقليل أو غياب هيبة المدرسين والادارة المدرسية تتحدث أ. امتثال قائلة :" اما عن اللوائح فهي موجودة لكن من ينفذها ؟؟ منذ زمن والطالب يُرفع للمستويات الأعلى بدون الالتزام باللوائح المدرسية بالترفيع، وكذلك تم إلغاء بعض القرارات منها: قرار الفشل في بعض المواد الدراسية الأساسية يعد فشل بالعام الدراسي كاملاً ويجب إعادة السنة الدراسية، كما أن الفساد المستشري في كل مؤسسة التربية والتعليم يتحمل الجزء الأهم من ضياع التعليم في البلاد".
-الاعتداء على المعلمين
بينما تؤكد أ. عفاف بالقول :" افتقاد المدارس للوائح والأنظمة التي تحفظ مكانة المعلم، تعتبر عامل أساسي مساعد أسهم بسقوط هيبة المعلم حيث أصبح المعلم يضرب في بعض المدراس من قبل الطلاب أو أولياء أمورهم، ولا توجد لوائح بمعاقبة من يعمل مثل هذه التصرفات".
-تنظيم العلاقات المدرسية
بدوره أ محمد ماطر يضيف :" كانت اللائحة المدرسية تنظم العلاقة بين الطلاب والمعلمين والادارة المدرسية، ولكن للأسف هذه اللائحة لا يعمل بها حاليا. فقد احتوت هذه اللائحة على العديد من الضوابط والعقوبات والادوار المناطة بكل الأطراف في المدرسة وكانت تطبق في الماضي، وكل طرف كان يتعرف على اختصاصه"، مضيفا:" وكانت الأمور طيبة كما ان هناك أسباب هامة جدا اصابة المعلمين بالإحباط والشعور بالظلم ومن هذه الأسباب عدم اهتمام الدولة بالمعلم بالشكل المطلوب وخصوصا فيما يتعلق بوضعه المادي حيث ان المعلمين يطالبون الحكومة بإعادة النظر في مرتباتهم واعطاءهم مستحقاتهم المشروعة، إلا أن هناك تقاعس من قبل الجهات المختصة في انصاف المعلم واعطاءه حقه مما جعل المعلم يشعر بعدم الاستقرار النفسي وهذا ينعكس على مستوى أداءه للعملية التعليمية".
-المعلم قدوة
وعن أهمية احترام المعلم وانعكاسه على الطلبة والمجتمع الجنوبي يقول أ.محمد ماطر :"علاقة المعلم بطلابه يجب أن تكون علاقة مبنية على الاحترام، فالمعلم الذي يتعامل بالأسلوب التربوي مع طلابه يحظى بكل الاحترام والتقدير من قبل الطلاب، والعكس صحيح فالمعلم ضعيف الشخصية وغير السوي والغير منضبط لا يحترمه الطلاب، ولا يهتمون بمادته العلمية ولا بتوجيهاته وارشاداته فالمعلم قدوة لطلابه. كما أن المعلم له دور كبير في غرس القيم النبيلة في نفوس طلابه وأهمها حب الوطن وخدمته وبنائه".
-دور كبير
وتضيف أ. عفاف :" احترام المعلم له دور كبير من رفع العملية التعليمية وبالتالي رفع مستوى الطالب، ورفع مستوى المجتمع وبالتالي تقدمه في مختلف نواحي الحياة ".
-عودة حقوق المعلم
بينما تؤكد أ. امتثال قائلة:" لابد من أن تعود أهمية التعليم كي يعود معها احترام المعلم ولن يعود احترام المعلم إلا بعودة حقوق المعلمين المتوقفة منذ عشرات السنوات، وتأهيلهم ورفع مستواهم المعيشي؛ حتى يتفرغ المعلم لواجبه الأساس تجاه الوطن أولاً، ثم تجاه طلابه وأسرته".
-الأمل موجود
وحول مدى عودة هيبة المعلم واحترامه بشكل يليق به وبالتعليم تقول أ. عفاف بالقول:" نعم: يمكن إعادة للمعلم هيبته بشكل يليق به".
-عودة هيبة المعلم
وتضيف أ. امتثال: "متى ما أعطي المعلمون حقوقهم سواء المادية أو العلمية وطوِّرت مهاراتهم وفُعلت اللوائح المدرسية والقوانين التي تضمن إنجاح العملية التعليمية" استخدم مبدأ الثواب والعقاب ووقف الغش، ووقف ترفيع الطلاب وحتى وقف الامتحانات والاعتماد على الاختبارات الشهرية هنا ستعود هيبة المعلم".
-فرض الاحترام
بينما يرى أ. محمد ماطر: أن المعلم هو من يستطيع ان يفرض احترام الطلاب له من خلال تمكنه من مادته العلمية وما يقدمه لهم من معلومات ومعارف مفيدة، ومن خلال معاملته لهم المعاملة اللائقة والاهتمام بهم وبمشاكلهم والاستماع إلى همومهم؛ مما سيدفع هؤلاء الطلاب على احترام المعلم والاستجابة إلى توجيهاته وارشاداته وستمكنه من الاحتفاظ بهيبته أمام طلابه".
-رفع شأن المعلم
ولعودة هيبة المعلم بين تلاميذه وطلابه تقترح أ. امتثال المعالجات الآتية :" أولاً: اعادة للمعلم رغبته في أداء هذه الرسالة النبيلة برفع شأنه في المجتمع وليس مرتبه فقط، ثانياً: محاربة الفساد لم يعد مجدي نحن بحاجة للقضاء عليه كلياً، ثالثاً: إعادة النظر في المناهج التعليمية والاستفادة من تجارب دول أخرى في وضع مناهج علمية حديثة تتماشى وتطور العلم في العالم".
-القدوة الحسنة
بينما يرى أ. محمد ماطر: أن الحل يكمن بأن يكون في القدوة الحسنة لطلاب وان تكون تصرفات المعلم منضبطة وسلوكياته مستقيمة، سيمكنه من فرض احترام وتقدير على الطلاب له .
-حماية المعلم وحقوقه
بدورها أ. عفاف مجاهد تقول:" يمكن إعادة هيبة المعلم من خلال، أولاً: اعطاءه حقوقه وتحسين مستواه المعيشي ورفع راتبه، ثانياً: وضع قوانين ولوائح تحمي المعلم ضد أي اعتداء عليه".