4 مايو/ تحليل / د . يحيى شايف ناشر الجوبعي
أ-المقدمة:
تُعد محافظة حضرموت حجر الزاوية في الهوية الجنوبية العربية ، إذ لا تسعى محافظات الجنوب العربي إلى محافظة حضرموت من أجل ثرواتها المادية بل من أجل الهوية المشتركة والروابط الوجودية التي تربطها ببقية محافظات الجنوب والدليل إن الثروة الطبيعية لمحافظة حضرموت في زمن دولة الجنوب ظلت باقية تحت الأرض ، وبعد وحدة الموت هيمن الاحتلال اليمني على الثروة الطبيعية في حضرموت ولا يزال ولم يستفد الجنوبيون منها شيئا ومع ذلك ظل الجنوبيين متمسكين بحضرموت وقدموا ولا زالوا يقدمون التضحيات من أجل الحفاظ على هويتها ووجودها الجنوبي .
وإذا ما قيمنا الأمور بموضوعية سنلحظ بأن هذه التجربة تدل على أن علاقة الجنوب بمحافظة حضرموت تتجاوز البعد الاقتصادي كونها قائمة على الانتماء الروحي والثقافي والتاريخي . والدليل الآخر الذي يثبت بأن علاقة محافظات الجنوب بمحافظة حضرموت هي علاقة هوية وروابط وجودية ما تضمنه المشروع الجنوبي الجديد الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الأخ الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ليعكس هذه الفلسفة من خلال إقامة نظام فيدرالي يضمن لكل محافظة ان تحكم نفسها بنفسها ضمن إطار الوحدة الجنوبية بما يحفظ الروابط الوجودية والهوية الجنوبية المشتركة.
أهمية البحث
تكمن أهمية محافظة حضرموت بكونها قيمة وجودية وروحية قبل أن تكون قيمة اقتصادية ولهذا فدورها المحوري في الحفاظ على الهوية الجنوبية العربية أمر هام وفي غاية الأهمية لما له من أثر في تعزيز الروابط الوجودية لوحدة الجنوب العربي واستقراره السياسي في إطار الحكم الفيدرالي القائم على السياسات الوطنية التي تبنى على احترام الهوية والخصوصيات لكل محافظة .
٢-أهداف البحث
١-تحديد طبيعة العلاقة بين محافظة حضرموت والمحافظات الجنوبية من منظور الهوية والروابط الوجودية.
٢-إبراز دور الجنوبيين في الدفاع عن محافظة حضرموت دون أي مقابل مادي .
٣-تحليل تأثير الروابط الوجودية في المشروع الجنوبي الفيدرالي .
٤-تقديم توصيات للحفاظ على الهوية والارتباطات الوجودية في الجنوب .
٣-أسباب اختيار الموضوع :
أ-ندرة الدراسات الأكاديمية التي ركزت على البعد الوجودي للعلاقات بين محافظات الجنوب ومحافظة حضرموت.
ب-أهمية محافظة حضرموت كمكون أساسي للهوية الجنوبية العربية.
ج-الحاجة إلى توثيق ومناقشة القيم الروحية والثقافية في بناء الدولة الفيدرالية الجنوبية.
٤-مشكلة البحث
رغم التضحيات الكبيرة التي قدمها الجنوبيون من أجل محافظة حضرموت ولازالوا غالبًا ما يركز الإعلام والسياسة المعادية على البعد الاقتصادي للموارد تاركين وبخبث التطرق إلى أهمية الهوية والروابط الوجودية بالنسبة للجنوبيين وهو ما يهدد إدراك الدور الحقيقي لمحافظة حضرموت في الحفاظ على الوحدة الجنوبية إلا أن حقيقة الأمر تبرز من خلال الإجابة على الأسئلة الآتية :
أ-لماذا يتمسك الجنوبيون بمحافظة حضرموت رغم حرمانهم من ثرواتها؟
ب-كيف تعزز الروابط الوجودية محافظة حضرموت كعنصر موحد للجنوب العربي؟
ج-ما أثر هذه الروابط على المشروع الجنوبي الفيدرالي؟
٥-الفرضيات
أ-محافظة حضرموت تمثل محور الهوية الجنوبية والروابط الوجودية.
ب-إن الروابط الوجودية أقوى وأكثر تأثيرًا في التماسك الجنوبي من المكاسب الاقتصادية.
ج-اعتماد المشروع الفيدرالي الجديد على الهوية والروابط الوجودية يضمن استقرار الجنوب وتماسكه.
٦-المنهج :
المنهج الوصفي التحليلي مع الاستفادة من روح المناهج كلها .
ب-مدخل البحث
تكمن قيمة محافظة حضرموت عند الجنوبيين ليس في ثرواتها بل لكونها رمز للهوية والوجود الجنوبي.
هذه العلاقة العميقة تُبرز أهمية الروابط الوجودية التي تربط محافظات الجنوب ببعضها البعض وتشكل الأساس لفهم مشروع الفيدرالية الجنوبية الجديد حيث لكل محافظة الحق في حكم نفسها ضمن إطار الوحدة الوطنية الجنوبية.
ج- تحليل نقاط البحث
اولا : محافظة حضرموت والهوية الجنوبية .
تمثل محافظة حضرموت العمق التاريخي والجغرافي للجنوب لأن لهوية الجنوبية تتجسد في القيم والتاريخ المشترك والانتماء الروحي ولهذا فالتمسك بحضرموت يعكس قوة الروابط الوجودية بين محافظات الجنوب كلها.
ثانيا: الروابط الوجودية وأثرها في العلاقة بين الجنوبين .
الروابط الوجودية أقوى من الروابط الاقتصادية لأنها تقوم على الانتماء والوجود المشترك ، هذه الروابط هي ما يدفع الجنوبيين للتضحيات من أجل محافظة حضرموت بعيدا عن التفكير في أي مكاسب مادية .
وانطلاقا من ذلك تصبح الروابط الوجودية الأساس الصلب للوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والسياسي للجنوب.
ثالثا: الجنوب الجديد والتجربة الفيدرالية
المشروع الفيدرالي الجنوبي يعتمد على احترام الهوية والروابط الوجودية ، مما يعطي الحق لكل محافظة في أن تحكم ذاتها مع الحفاظ على الوحدة الوطنية الجنوبية ليعكس هذا النموذج فهمًا عميقًا للربط بين محافظة حضرموت والهوية الجنوبية المشتركة.
د- نتائج البحث
١-محافظة حضرموت تمثل محور الهوية والروابط الوجودية للجنوب العربي.
٢-الجنوبيون ظلوا ولازالوا متمسكين بمحافظة حضرموت رغم حرمانهم من ثرواتها الاقتصادية .
٣-الروابط الوجودية تشكل قاعدة أساسية لوحدة الجنوب وتماسكه الاجتماعي والسياسي.
٤-المشروع الفيدرالي الجنوبي الجديد يقوم من خلال الحفاظ على الهوية والروابط الوجودية لكل محافظة.
ه-التوصيات :
١-تعزيز التعليم والتثقيف حول الهوية الجنوبية والروابط الوجودية لمحافظة حضرموت.
٢-تبني سياسات وطنية تعتمد على الهوية والوجود المشترك وترك التركيز على الموارد الاقتصادية فقط .
٣-دعم برامج ثقافية واجتماعية لتعزيز الروابط الوجودية بين المحافظات الجنوبية.
٤-توثيق التاريخ الحضري والحضاري لمحافظة حضرموت كجزء من الذاكرة الجمعية الجنوبية.
٥-ضمان أن أي مشروع فيدرالي يعكس احترام الهوية والروابط الوجودية لكل محافظة.
و-الخلاصة
تشير نتائج البحث إلى أن قيمة محافظة حضرموت عند الجنوبيين ليست في كونها مجرد أرض غنية بالثروات ، بل لكونها مركز للهوية والروابط الوجودية التي تجمع محافظات الجنوب العربي كلها، ولهذا فالتمسك بهذه الروابط يعكس وعي الجنوبيين العميق بالهوية المشتركة وهو أساس بناء المشروع الفيدرالي الجنوبي الجديد الذي يضمن لكل محافظة أن تحكم ذاتها مع الحفاظ على الوحدة الوطنية الجنوبية .
*باحث أكاديمي ومحلل سياسي