الإثنين - 22 سبتمبر 2025 - الساعة 07:30 م بتوقيت عدن ،،،
4 مايو / رامي الردفاني
تمثل مشاركة الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لحظة فارقة في مسار الحضور الجنوبي على الساحة الدولية وذلك حيث لم تعد هذه الخطوة مجرد حضور بروتوكولي تقليدي، بل تحولت إلى محطة سياسية تعكس انتقال القضية الجنوبية من مربع التهميش إلى موقع الشراكة في صياغة مستقبل المنطقة.
على مدى عقود، ظل الجنوب مغيبا عن المحافل الدولية، لكن السنوات الأخيرة أثبتت أن إرادة الجنوبيين أقوى من محاولات العزل بعدما نجح المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس الزُبيدي في تثبيت نفسه كقوة سياسية تمتلك مشروعاً ورؤية واضحة وذلك بما أسهمته اللقاءات السابقة التي أجراها الزُبيدي في نيويورك في ترسيخ تفاهمات مع قوى إقليمية ودولية، مهدت الطريق لإخراج الجنوب من دائرة الإقصاء الطويلة إلى مرحلة الاعتراف التدريجي.
كما تكتسب مشاركة الرئيس الزُبيدي هذا العام خصوصية استثنائية، إذ تأتي في توقيت بالغ الحساسية تتقاطع فيه أزمات اقتصادية خانقة وصراعات عسكرية متواصلة وتوترات إقليمية متزايدة وفي ظل هذا المشهد، بدا الحضور الجنوبي وكأنه رسالة استراتيجية مفادها أن الجنوب حاضر بقوة، وقادر على حماية مكتسباته، ومستعد للانخراط في صياغة تسوية سياسية عادلة تعكس تطلعات شعبه.
ولم يقتصر أثر المشاركة على بعدها الخارجي، بل حملت رسائل مباشرة إلى الداخل أيضًا، حيث شدد الرئيس الزُبيدي على أهمية وحدة الصف الجنوبي خلف المشروع الوطني للمجلس الانتقالي، بما يعزز الموقف التفاوضي ويمكّن من مواجهة التحديات المشتركة أما على مستوى الخارج، فقد ظهر الجنوب كقوة شرعية تسعى للحوار مع المجتمع الدولي وتصر على إيصال صوتها إلى المحافل العالمية، في خطوة تعكس رغبة واضحة في الانتقال من موقع المتلقي إلى موقع الشريك.
كما إن الحضور الجنوبي في أروقة الأمم المتحدة يستند إلى رصيد واقعي على الأرض، يتمثل في نجاح المجلس الانتقالي في ترسيخ الأمن داخل محافظات الجنوب وحماية الممرات البحرية الحيوية في خليج عدن وباب المندب وهذه الإنجازات منحت الجنوب مكانة متقدمة في حسابات القوى الدولية، باعتباره عنصر استقرار لا يمكن تجاوزه في معادلة الأمن الإقليمي.
حيث ان المشاركة الحالية للرئيس الزُبيدي جاءت أيضًا امتدادًا لتراكم دبلوماسي واضح، فقد عمل المجلس الانتقالي خلال الأعوام الماضية على تعزيز علاقاته مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والعواصم الإقليمية المؤثرة، الأمر الذي ساعد في نقل القضية الجنوبية من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التأثير في مسارات الحلول.
ومع هذا الحضور اللافت، تبرز تطلعات عديدة لمستقبل الجنوب، بدءً من توسيع دائرة الاعتراف الدولي، مرورًا بفتح قنوات أوسع للتعاون السياسي والاقتصادي، وصولًا إلى ضمان موقع فاعل في أي تسوية سياسية شاملة. وفي الوقت نفسه، تتطلع القيادة الجنوبية إلى بناء شراكات تنموية تسهم في ترسيخ الاستقرار الداخلي وتحسين واقع المواطنين.
إن مشاركة الرئيس الزُبيدي في اجتماعات الأمم المتحدة خلال سبتمبر 2025 تجسد التحول الجنوبي من قضية مؤجلة إلى قوة مؤثرة في صياغة المعادلات الإقليمية والدولية. فهي ليست مجرد حضور دبلوماسي عابر، بل خطوة استراتيجية تؤكد أن الجنوب بات يمتلك الشرعية الشعبية والسياسية والقدرة الأمنية التي تخوله لعب دور رئيسي في تحديد مستقبل البلاد والمنطقة.