4 مايو/ البيان/ وائل زكير
رسم توضيحي لأستراليا وهي تنجرف نحو آسيا، مما يرمز إلى الاصطدام الجيولوجي الوشيك
رسم توضيحي لأستراليا وهي تنجرف نحو آسيا، مما يرمز إلى الاصطدام الجيولوجي الوشيك
على مدى ملايين السنين، تتحرك أستراليا ببطء نحو آسيا بمعدل حوالي 7 سنتيمترات سنوياً، رحلة هادئة لكنها قوية تغير من معالم الأرض تدريجياً. هذا الانجراف القاري، الناتج عن حركة الصفائح التكتونية، ليس مجرد ظاهرة جيولوجية بعيدة، بل يحمل معه إمكانية اصطدام محتمل يعيد تشكيل التضاريس، النظم البيئية، المناخات، وحتى الخرائط الجغرافية للبشرية.
الرحلة البطيئة والثابتة لأستراليا تهز الأرض تحت أقدامنا بصمت، لكنها تعد أيضا بتحولات ضخمة تشمل النشاط البركاني والزلازل المحتملة، وصولًا إلى تأثيرات ملموسة على التكنولوجيا والبنية التحتية الحديثة.
أستراليا في طريقها إلى آسيا
تتحرك أستراليا شمالًا بمعدل حوالي 7 سنتيمترات سنويا، أي ما يقارب 2.75 بوصة سنويا، معدل يشبه نمو أظافر الإنسان، لكنه على مدى ملايين السنين يخلق تحول قاريا هائلا.
ووفقًا للباحثين، من المتوقع أن يحدث هذا التصادم خلال فترة تتراوح بين 50 إلى 100 مليون سنة.
هذه الحركة هي جزء من حركة الصفائح التكتونية التي بدأت منذ انفصال أستراليا عن القارة القطبية الجنوبية قبل نحو 80 مليون سنة.
وبينما تبدو الحركة بطيئة اليوم، فإن تداعياتها ستكون ضخمة، نشاط زلزالي متزايد، براكين جديدة، وظهور سلاسل جبلية جديدة. كما يمكن أن تتشكل مناطق اندساس تحت الأرض تعيد رسم التضاريس بشكل جذري.
أماسيا: القارة العظمى القادمة
يتحدث العلماء عن احتمال تكوين قارة عظمى جديدة تُسمى "أماسيا" نتيجة هذا الاصطدام القاري.
حسب البروفيسور تشنغ شيانغ لي من جامعة كيرتن، الأرض تمر بدورات طبيعية: تتباعد القارات ثم تصطدم مجددا على مدى مئات الملايين من السنين، تمامًا كما حدث مع قارة بانجيا التاريخية، وفقا لموقع "sustainability-times".
حلقة نار
مع التصادم، ستتشكل "حلقة نار" حول القارة العظمى الجديدة، مع نشاط بركاني مكثف على طول الحدود. أما داخل القارة، فمن المتوقع أن تتغير المناخات بشكل كبير، لتصبح مساحات واسعة جافة وقاحلة، مع تحول النظم البيئية والمناخات المحلية.
الحياة البرية الأسترالية في مواجهة تحدٍ جديد
أستراليا موطن لأنظمة بيئية فريدة، تشمل الكوالا، الكنغر، الومبت، وخلد الماء، التي تطورت في عزلة لملايين السنين. مع اقتراب القارة من آسيا، ستدخل أنواع جديدة من الحيوانات والنباتات إلى النظام البيئي، مما يهدد موائل الكائنات المحلية ويزيد مخاطر الانقراض.
البروفيسور لي يحذر: "حلقة النار والتغيرات البيئية قد تُحدث تهجيرًا واسعًا للكائنات، وقد تختفي بعض الأنواع التي عاشت في عزلة طويلة". هذا التحول يسلط الضوء على هشاشة التنوع البيولوجي أمام القوى الجيولوجية الطويلة الأمد.
تأثير على التكنولوجيا والبنية التحتية
الانجراف القاري المستمر لا يقتصر على البيئة فقط؛ بل يؤثر بشكل مباشر على التكنولوجيا الحديثة. فقد اكتشف العلماء في عام 2016 أن GPS في أستراليا انحرف بمقدار 5 أقدام نتيجة حركة القارة، ما أثر على المركبات الذاتية القيادة، الطيران، الأنظمة العسكرية، والمعدات المساحية.
البروفيسور لي يشدد على أن تعديل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) يدويًا هو حل مؤقت، وأن استمرار الانجراف سيتطلب تحديثات مستمرة للبنية التحتية والتقنيات الحديثة.
تحديات المناخ والتحولات المحيطية
مع تحرك أستراليا شمالًا، تتغير أنماط المناخ وتيارات المحيطات، مما قد يعيد توجيه الرياح الموسمية ويؤثر على الطقس في المنطقة والعالم. الحاجز المرجاني العظيم على سبيل المثال، قد يشهد تغييرات كبيرة، مع احتمال ظهور أنظمة مرجانية جديدة وانهيار أخرى بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتغير الملوحة.
رحلة أستراليا نحو آسيا تذكرنا بأن الأرض كائن حي متطور ببطء لكنه قوي. القوى التكتونية قد تبدو هادئة اليوم، لكنها قادرة على إعادة تشكيل الأرض بالكامل على مدى ملايين السنين، محدثة تغييرات بيئية، مناخية، وجيولوجية مذهلة.