الرئيس الزُبيدي يبحث مع القائم بأعمال السفير الأمريكي تطورات الأوضاع في بلادنا والمنطقة.. انفوجرافيك

اجتماع قيادي للمجلس الانتقالي يناقش الاجراءات اللازمة لمواجهة الازمة.. انفوجرافيك

الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تقف أمام مستجدات الأوضاع الاقتصادية والخدمية على الساحة الجنوبية..انفوجراف



اخبار وتقارير

الإثنين - 16 يونيو 2025 - الساعة 09:12 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ تقرير/ محمد الزبيري



في تحرك سياسي غير مسبوق، تستعد الجالية الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع مؤسسات مجتمعية وحقوقية أميركية، لإقامة فعالية سياسية ودبلوماسية واسعة في العاصمة واشنطن بهدف نقل القضية الجنوبية إلى مراكز صنع القرار داخل الكونغرس والإدارة الأمريكية.
تمتد الفعالية على مدار عدة أيام، وتهدف لعقد لقاءات رسمية مع أعضاء في الكونغرس ولجان الشؤون الخارجية والدفاع، إضافة إلى منظمات حقوقية ومراكز أبحاث متخصصة، بما يعكس نقلة نوعية في مسار القضية الجنوبية على المستوى الدولي.

جاء هذا التحرك في لحظة حساسة يشهد فيها الملف اليمني ديناميكيات جديدة، حيث يسعى القائمون على الفعالية إلى إبراز الجنوب كطرف فاعل ومستقل في معادلة السلام الإقليمي،والمطالبة بدعم أمريكي لحق شعب الجنوب في تقرير مصيره وتأسيس دولته الفيدرالية المستقلة.

واستعداداً للحدث أعدت الوفود المشاركة، التي تضم شخصيات سياسية وحقوقية بارزة من الجنوب، تقارير وملفات موثقة حول الأوضاع الإنسانية في الجنوب، إلى جانب شرح معمّق لرؤية المجلس الانتقالي الجنوبي للحل السياسي العادل والدائم.

كما أن الفعالية تمثل استمرارً لتحركات سابقة تهدف لإنشاء بعثة تمثيلية جنوبية في واشنطن تعمل على تأمين حضور دائم للقضية الجنوبية في أروقة السياسة الأمريكية، وبناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة. ويُتوقع أن تفتح هذه الخطوة الباب لتوسيع قاعدة الدعم الدولي، خصوصاً مع تزايد الاهتمام الأمريكي بالاستقرار في البحر الأحمر وخليج عدن، وهي مناطق يشكّل فيها الجنوب موقعاً استراتيجياً محورياً.

ويؤكد القائمون على الفعالية أن هذا الحراك ليس مجرد حدث عابر، بل بداية لمسار دبلوماسي طويل يهدف إلى بناء نفوذ جنوبي فعّال في الغرب، والتأثير على السياسات الخارجية تجاه اليمن، بحيث تكون أكثر توازناً وعدلاً في التعاطي مع الجنوب كقضية شعب يسعى للاستقلال، وليس كملف هامشي ضمن الأزمة اليمنية العامة.

*واشنطن تسمع نبض عدن*

بهدف الدفع بالقضية الجنوبية وإيصالها إلى اروقة صناعة السياسة العالمية تستعد الجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية لإطلاق برنامج مناصرة سياسي وحقوقي رفيع المستوى في العاصمة واشنطن، يهدف إلى عقد لقاءات مباشرة داخل مبنى الكونغرس الأميركي ومع ممثلين من الإدارة الأمريكية، وذلك ضمن جهود مستمرة لإيصال صوت شعب الجنوب إلى صناع القرار في الغرب، وتسليط الضوء على قضيته العادلة.

يتضمن البرنامج سلسلة لقاءات مرتقبة مع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، إضافة إلى ممثلين من وزارة الخارجية الأميركية، ولجان مختصة في الشؤون الخارجية، وحقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب. ويأتي هذا الحراك بالتزامن مع حالة من الجمود السياسي الذي تعانيه العملية السياسية اليمنية، وتفاقم الأزمة الإنسانية في العاصمة عدن وباقي محافظات الجنوب.

سيقوم الوفد الجنوبي خلال هذه اللقاءات بعرض مفصّل للمعاناة الإنسانية التي يواجهها شعب الجنوب، بما في ذلك التدهور في الخدمات الأساسية، وانهيار البنية التحتية، والانفلات الأمني، نتيجة استمرار الحرب، والتدخلات التي تعرقل مسار الاستقرار والتنمية. وستُعرض وثائق وتقارير حقوقية وإحصاءات حديثة تُظهِر حجم الأزمة، ومحدودية الاستجابة الإنسانية، والتمييز القائم في توزيع الدعم الدولي.

كما سيتناول البرنامج قضايا رئيسية على رأسها الدعوة إلى إنهاء الحرب الشاملة، ودعم جهود مكافحة الإرهاب والتطرف، الذي بات يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
وسيؤكد الوفد على أهمية دور الجنوب في تحقيق الأمن البحري في باب المندب وخليج عدن، باعتباره شريكًا جيوسياسيًا لا غنى عنه للولايات المتحدة والتحالفات الدولية.

واحدة من أهم الرسائل السياسية التي يحملها الوفد هي التأكيد على أن السلام العادل لا يمكن أن يتحقق دون الاعتراف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره، واستعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة، على حدود ما قبل عام 1990. ويُتوقع أن يُطرح هذا الموقف ضمن رؤية سياسية واضحة توازن بين الثوابت الجنوبية ومتطلبات الحلول الواقعية، بما يضمن أمن واستقرار المنطقة.

يمثّل هذا البرنامج منعطفًا استراتيجيًا في مسار الحراك الجنوبي في الخارج، حيث ينتقل من الحضور الرمزي والاحتجاجي، إلى ممارسة الضغط السياسي المنظّم عبر أدوات المناصرة الحديثة، ضمن فضاء التأثير في السياسة الخارجية الأميركية.
ويأمل منظمو الفعالية أن تُحدث هذه اللقاءات أثرًا حقيقيًا على مستوى تبنّي مواقف أكثر عدالة تجاه الجنوب، وتعزيز حضوره في أي مفاوضات سلام قادمة.

*الجاليات الجنوبية:جسور بين الداخل والخارج*

تمثل الفعالية الوطنية الأولى التي تنظمها الجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية محطة مفصلية في مسيرة العمل الجنوبي في المهجر، إذ تشكّل بداية لمرحلة جديدة تنتقل فيها الجهود من النشاط المجتمعي التقليدي إلى عمل مؤسسي منظم له أهداف واضحة وتأثير مباشر في السياسات الأميركية تجاه الجنوب.

فعلى مدى السنوات الماضية، لعبت الجاليات الجنوبية دورًا مهمًا في إيصال الصوت الجنوبي من خلال التظاهرات، واللقاءات العامة، والمناسبات الوطنية. غير أن هذه الفعالية المرتقبة في واشنطن تعكس نقلة نوعية في الشكل والمضمون؛ فهي تأتي ببرنامج دبلوماسي محترف يشمل لقاءات مع مسؤولين في الكونغرس والإدارة الأميركية، وعرض ملفات سياسية وحقوقية متكاملة حول تطلعات شعب الجنوب، ومعاناته، ورؤيته لمستقبل السلام في اليمن والمنطقة.

هذا التحوّل لا يعكس فقط تطورًا في أدوات العمل السياسي، بل أيضًا بناء نواة مؤسسية جنوبية في الخارج تتعامل مع مراكز صنع القرار الأميركي بلغتها وأدواتها، وتعمل على خلق شبكات نفوذ دائم تخدم القضية الجنوبية على المدى الطويل.

إن الفعالية المرتقبة هي أكثر من مجرد نشاط موسمي؛ إنها إعادة تموضع للجالية الجنوبية كمكون فاعل في الدبلوماسية الشعبية، وكقوة ضغط مؤهلة لإحداث تغيير حقيقي في مواقف الدول الكبرى تجاه الجنوب، انطلاقًا من واشنطن بوصفها العاصمة الأكثر تأثيرًا في المشهد الدولي.
تقرير صحفي: من الشراكة إلى الصراع – مسار العلاقة بين الشمال والجنوب في اليمن

*الجنوب: ذاكرة دولة كاملة السيادة*

يمتد تاريخ العلاقة بين الشمال والجنوب في اليمن إلى ما قبل وحدة عام 1990، حين كان الجنوب دولة مستقلة ذات سيادة تُعرف باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة عدم الانحياز، وكانت تتمتع بمؤسسات دولة مستقلة وحدود دولية معترف بها.

في 22 مايو 1990، توحد الجنوب مع الشمال تحت اسم "الجمهورية اليمنية"، في مشروع كان يُفترض أن يقوم على الشراكة السياسية والوحدة الطوعية. وقد نصّت اتفاقيات الوحدة حينها على تشكيل دولة مدنية تقوم على التعددية السياسية، والديمقراطية، وتكافؤ الفرص بين الشريكين. إلا أن ما جرى بعد الوحدة كشف سريعًا عن عدم التزام النظام في صنعاء ببنود الاتفاق، حيث بدأت ملامح الإقصاء والتهميش تتصاعد بحق الجنوبيين في مؤسسات الدولة.

بلغت الأزمة ذروتها في حرب صيف عام 1994، حين قام النظام الحاكم في الشمال بشن حرب شاملة على الجنوب، استخدم فيها القوة العسكرية لإسقاط المؤسسات الجنوبية والسيطرة الكاملة على الأراضي الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت الشراكة التي قامت عليها الوحدة إلى واقع من الإخضاع والهيمنة السياسية والاقتصادية، ما اعتبره الجنوبيون احتلالًا فعليًا لمؤسساتهم ومواردهم، وانتهاكًا صارخًا لمبدأ الوحدة الطوعية.

وعلى مدى العقود التالية، تصاعدت المطالب الجنوبية بالانفصال واستعادة الدولة، مدفوعة بتجارب طويلة من التهميش ونهب الثروات والانتهاكات الحقوقية. واليوم، يُعد الجنوب من أكثر المناطق التي تطالب بتقرير مصيرها بشكل سلمي وقانوني، استنادًا إلى تاريخها كدولة مستقلة، وتجربتها المريرة مع مشروع الوحدة الذي خرج عن مساره الأصلي.

في ضوء كل ذلك، يرى الكثير من المراقبين أن معالجة القضية الجنوبية في أي تسوية قادمة تتطلب الاعتراف الصريح بهذه المظلومية التاريخية، والتعامل معها من منطلق حق الشعوب في تقرير مصيرها، وليس كأزمة داخلية يمكن تجاهلها أو تجاوزها سياسيًا.

*مصالح أمريكا ليست بعيدة*

يمثّل الجنوب أهمية استراتيجية كبرى للولايات المتحدة الأمريكية وللمجتمع الدولي ككل، لا سيما بسبب موقعه الجغرافي الحاسم على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية العالمية التي تربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، وتشكّل شريانًا حيويًا للتجارة الدولية والطاقة العالمية.

يُعد مضيق باب المندب نقطة عبور أساسية لسفن النفط والتجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث يمر عبره ما يقارب 4 ملايين برميل من النفط يوميًا، إلى جانب حمولات ضخمة من السلع والبضائع. وبالتالي فإن أي اضطراب أمني أو سياسي في الجنوب يهدد بعرقلة هذه الممرات الحيوية، ويؤثر مباشرة على الأسواق العالمية واستقرار الطاقة.

تكتسب هذه الأهمية بعدًا أمنيًا إضافيًا مع تصاعد التحديات التي تواجه المنطقة، بما في ذلك خطر الجماعات الإرهابية التي تحاول استغلال ضعف الأمن لتعزيز وجودها، وعمليات القرصنة والتهريب التي تستهدف الممرات البحرية. ولهذا، فإن الجنوب، من خلال تعزيز استقراره، يوفر بيئة آمنة تساعد في حماية مصالح الولايات المتحدة والشركاء الدوليين.

إلى جانب البعد الأمني، يحمل الجنوب فرصًا اقتصادية وتنموية واعدة، تجعل منه بوابة استراتيجية لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين الشرق والغرب. كما أن استقرار الجنوب ينعكس إيجابًا على استقرار المنطقة بأكملها، ويخفف من أعباء الأزمات الإنسانية والسياسية المتفاقمة.

لذلك، يجب أن تنظر الولايات المتحدة إلى الجنوب كشريك استراتيجي لا يمكن تجاوزه، مع أهمية دعم تطلعات شعبه في تقرير مصيره، وإقامة نظام حكم قادر على ضمان الاستقرار والتنمية المستدامة. إن دعم الجنوب اليوم هو استثمار في أمن الممرات البحرية العالمية، وفي بناء شراكات طويلة الأمد تعود بالنفع على المنطقة والعالم.

*عقدة الجغرافيا ومفتاح الأمن الدولي*

في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يبرز الجنوب اليوم كعامل استقرار حيوي وشريك موثوق للمجتمع الدولي في تعزيز الأمن الإقليمي، خصوصًا في مناطق ذات أهمية استراتيجية مثل البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن. وبفضل الجهود المتصاعدة في تأمين السواحل الجنوبية ومكافحة الإرهاب والتهريب، أصبحت المحافظات الجنوبية تمثل نموذجًا أوليًا لمنطقة قادرة على المساهمة الفاعلة في الأمن الجماعي، بدلاً من أن تكون بؤرة للفوضى.

يعتمد هذا الدور على ما تم تحقيقه من تقدم أمني في العاصمة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، حيث تمكّنت القوات الجنوبية، بدعم شعبي ومجتمعي، من تقليص نفوذ الجماعات الإرهابية، وضبط الكثير من محاولات التهريب، الأمر الذي عزز من ثقة الشركاء الإقليميين والدوليين بقدرة الجنوب على حماية المصالح الحيوية في المنطقة.

في هذا السياق، تؤكد القوى السياسية الجنوبية أن السلام والاستقرار في الجنوب لن يكونا مستدامين ما لم يُمنح الشعب الجنوبي حقه الكامل في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة، بما يعزز من قدرته على تقديم نموذج حكم رشيد، يُسهم في خلق بيئة آمنة وجاذبة للتنمية والاستثمار والشراكات الدولية.

إن الجنوب لا يطرح نفسه كطرف منازع فحسب، بل كمكوّن سياسي مستعد لتحمّل مسؤولياته على مستوى الأمن الإقليمي والدولي. وتُعد هذه المقاربة الواقعية جزءًا من الرسائل الرئيسية التي يعتزم وفد الجاليات الجنوبية نقلها إلى صانعي القرار في واشنطن، خلال برنامج المناصرة المزمع عقده منتصف يونيو الجاري. ومن المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الحضور الجنوبي كقوة استقرار لا يمكن تجاهلها في أية معادلة سياسية مستقبلية لليمن والمنطقة.