اللجنة العليا للموارد السيادية والمحلية تبحث الوضع الاقتصادي والتدابير اللازمة لتفعيل المؤسسات الإيرادية

الرئيس الزُبيدي يطّلع على جاهزية قوات الأمن الخاصة .. انفوجراف

الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل التنظيمي بانتقالي لحج ويشدد على فاعلية الأداء..انفوجراف



كتابات وآراء


الثلاثاء - 29 يوليو 2025 - الساعة 12:34 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم أحمد سعيد - ارشيف الكاتب




مشروع استعادة الدولة الجنوبية لم يعد شعاراً أو خياراً سياسياً، بل استحقاقاً تاريخياً تمليه إرادة شعب الجنوب باعتباره الطريق الحتمي لاستعادة الهوية الوطنية وترسيخ دعائم الدولة الحديثة.

الميثاق الوطني الجنوبي، الذي وقع في الثامن من مايو 2023م بعدن، جاء ليكون الإطار الجامع للرؤية الوطنية، موحداً الصفوف وراسماً ملامح دولة فدرالية حديثة تقوم على هوية دستورية جامعة، تكفل العدالة والمواطنة المتساوية، وتؤسس لحوكمة رشيدة تعيد للجنوب موقعه الطبيعي في محيطه الإقليمي والدولي.

لقد دفع الجنوب ثمناً باهظاً لسياسات ممنهجة لنظام صنعاء استهدفت جوهر الإنسان، حين حوّل التعليم إلى أداة تجهيل، ورسخ الفساد كآلية حكم، ورعى قوى الإرهاب والتطرف، وأُذكى العصبيات لتمزيق النسيج الاجتماعي. وكان التعليم، مفتاح النهضة، الهدف الأول لتلك السياسات، إذ إن تجهيل الشعوب هو السبيل لإخضاعها وإحكام السيطرة عليها.

ومن هنا جعل الميثاق الوطني الجنوبي التعليم في صدارة أولوياته وخياراً استراتيجياً لإعداد إنسان واع قادر على قيادة التنمية، وصياغة اقتصاد المعرفة، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة.

إن مشروع الدولة القادمة يتطلب اجتثاث الفساد كشرط أساسي؛ فلا استقرار ولا تنمية بوجود منظومات تنهب الموارد وتعيق فاعلية مؤسسات الدولة. وترسيخ الشفافية والمساءلة واستقلال القضاء سيعيد ثقة المواطن بالدولة، ويضمن سيادة القانون، ويمهد لبناء مؤسسات راسخة مكرسة للصالح العام.

كما أن بناء منظومة أمنية وعسكرية وطنية مهنية وغير مسيسة يشكل الضمانة الحقيقية لصون السيادة واستقرار الوطن، ويمهد لتنمية مستدامة تستثمر الموارد الطبيعية والبشرية بعدالة بين المركز والأقاليم، في ظل دستور فدرالي يعزز اللامركزية والحكم الرشيد.

ولا يكتمل البناء دون مصالحة وطنية وعدالة انتقالية تجبر الضرر، وتطوي صفحات الماضي، لتعيد الثقة بين المكونات وتحمي النسيج الاجتماعي من الانقسام، كما جاء في الميثاق الوطني الجنوبي.

وعلى الصعيد الخارجي، يعتمد المشروع سياسة منفتحة تبني شراكات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، لترسيخ حضور الجنوب كدولة مستقرة وفاعلة، تستند إلى سيادة القانون وتعمل لصالح مواطنيها وشركائها.

الميثاق الوطني الجنوبي ليس وثيقة عابرة، بل إعلان لإرادة شعبية تتطلع إلى بناء دولة تضع الإنسان في قلب مشروعها، تحارب التجهيل والفساد والتطرف، وتفتح لأجيالها أبواب العدالة والكرامة والتنمية المستدامة، ليعود الجنوب فاعلاً ومؤثراً في محيطه، مستعيداً مكانته الطبيعية بين الأمم.