اخبار وتقارير

الجمعة - 29 أغسطس 2025 - الساعة 09:05 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ حافظ الشجيفي


في اطراف محافظة لحج شمالا، حيث تتناغم حكايا الأرض والإنسان، يتربع وادي شعب كجوهرة خضراء منسية في شرق مركز مديرية طور الباحة حاضرة قبائل الصبيحة رغم ما يكتنفه من خصوبة وجمال، يظل هذا الوادي بعيدًا عن دائرة الضوء، شاهداً على صمود أهالٍ بسطاء يعيشون في كنف الطبيعة، يتحدون قسوة المناخ وندرة الموارد. لكنّ الصمود وحده لا يكفي اليوم، إذ يواجهون نكبة طبيعية كبرى، تفوق قدرتهم على المواجهة والتجاوز.

ليست أراضي وادي شعب كغيرها، فهي أرضٌ بكرٌ، لا يرويها سوى فيض السماء. لا تُزرع إلا في مواسم الصيف، حين تهطل الأمطار، التي باتت شحيحة وغير مضمونة في السنوات الأخيرة. مرت مواسم عديدة دون أن تتساقط قطرة ماء واحدة، ما ضاعف من معاناة السكان الذين يعتمدون على ما تجود به الأرض من حبوب، مثل "الغرب" و"الدخن"، التي تشكل قوام غذائهم الأساسي. وما تبقى من نباتاتٍ يابسة يُستخدم علفًا لمواشيهم، التي تمثل مصدر رزقهم الآخر. هكذا، ظلّ الأمل معلقًا على السماء، ينتظرون رحمة الغيث.
لكن هذا العام، لم تأتِ الأمطار رحمةً، بل جاءت عاصفةً، وحوّلتها السيول الجارفة إلى نقمةٍ ودمار. فما إن استبشر الأهالي بقدومها حتى تحولت إلى كارثة شاملة. حيث جرفت السيول الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، واقتلعت الأشجار العتيقة، وأزالت المصدات والحواجز الترابية البدائية التي شيّدوها بأيديهم لحماية ما يملكون. فتحوّلت الأرض، التي كانت مصدر رزقهم وأملهم الوحيد، إلى بقعٍ جرداء متضررة، يصعب إصلاحها دون تدخّل حكومي عاجل ومؤازرةٍ جادة من جميع الجهات المعنية والمنظمات الانسانية...

يعيش أهالي الوادي في ظروفٍ قاسية، فبين الفقر وقلة الإمكانيات، يقف الأهالي عاجزين عن إصلاح ما دمرته السيول. اذ لا يملكون إلا أيديهم البسيطة وقلوبهم الصابرة، لكنها لا تكفي وحدها لمواجهة حجم الكارثة. حتى آبار المياه، التي يعتمدون عليها للشرب، أصبحت مهددة بالطمر والتلوث بسبب وقوعها على جانبي مجرى السيل. وطريقهم الوحيد الذي يربط قراهم بمركز المديرية، لم ينجوا هو الاخر من غضب الطبيعة حيث لم يعد صالحا للمرور، ما زاد من عزلتهم وعمّق معاناتهم.

ومن قلب هذه المأساة، يطلق أهالي وادي شعب نداءً عاجلاً إلى مدير مديرية طور الباحة، الأستاذ عفيف الجعفري، ومحافظ محافظة لحج، اللواء أحمد التركي، والمنظمات الدولية.بإنهم بحاجة ماسّة إلى المساعدة، ففي هذا الوادي تتزايد الحاجة الى جرافات وشيولات لإصلاح الأراضي المتضررة، وتأهيل الطرق المخربة، وتوفير مصدات وشبوك لحماية ما تبقى من أراضٍ من الانجراف. كما أنهم في أمسّ الحاجة إلى دعم لتأمين مياه شرب نظيفة وإعادة تأهيل الآبار المتضررة.
إن وادي شعب ليس مجرد بقعةٍ جغرافية، بل هو رمزٌ للصمود والإرادة الإنسانية في مواجهة التحديات وإنقاذه ليس مجرد واجبٍ إنساني، بل هو استثمارٌ في مستقبل أهاليه الذين ظلوا أوفياء لأرضهم، متمسكين بها رغم كل الصعاب. فهل يجد نداءهم صدىً في القلوب قبل الأذلن؟