4 مايو / تقرير: مريم بارحمة
في الرابع من مايو 2017، شهدت العاصمة عدن حدثًا مفصليًا في تاريخ الجنوب، حيث خرجت الجماهير الجنوبية في كل أرجاء محافظات الجنوب لتفويض الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بتأسيس كيان سياسي يُعبّر عن تطلعاتهم. لم يكن هذا التفويض مجرد قرار سياسي عابر، بل كان تتويجًا لنضالاتٍ طويلة ضد سياسات الإقصاء والتهميش التي عانى منها الجنوب منذ حرب صيف 1994. لقد كان هذا التاريخ لحظة فارقة في مسار قضية شعب الجنوب، حيث تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي ليكون حاملاً سياسيًا لقضية الجنوب، مستندًا إلى إرادة شعبية واسعة وطموحات عظيمة نحو استعادة دولة الجنوب المستقلة.
-المجلس الانتقالي امتداد للنضال الجنوبي
المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن كيانًا طارئًا نشأ بين عشية وضحاها، بل كان امتدادًا لحركة نضالية بدأت منذ أكثر من عقد من الزمن. فمنذ انطلاق الحراك الجنوبي السلمي في عام 2007، الذي رفع شعار استعادة دولة الجنوب، ظل أبناء الجنوب يناضلون بوسائل سلمية للمطالبة بحقوقهم في تقرير المصير واستعادة دولتهم كاملة السيادة. لقد مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الذراع السياسي لهذه الحركة النضالية، وجاء كإجابة واضحة على التحديات السياسية التي تعرض لها الجنوب منذ ما بعد حرب 1994م.
- 4 مايو من ذكرى إلى مشروع وطني متكامل
لقد أضاف المجلس الانتقالي الجنوبي بعدًا جديدًا لمفهوم قضية شعب الجنوب في ظل الانقلاب الحوثي في 2014م، والذي أدى إلى تجزئة الدولة اليمنية وتوسع هيمنة الحوثيين في الشمال. خاضت محافظات ومناطق الجنوب مقاومة شرسة ضد المليشيات الحوثية، بينما رفضت أي محاولة للهيمنة على الجنوب وفرض هيكل سياسي موحد مع الشمال. وهكذا، كان المجلس الانتقالي هو الحامل السياسي لهذه المقاومة الجنوبية التي تمثل إرادة شعب الجنوب في رفض الهيمنة والاحتلال.
-الحوار الوطني الجنوبي توحيد الصفوف وتعزيز التماسك
في إطار تعزيز الوحدة الجنوبية وتقوية جبهة الجنوب الداخلية، أطلق المجلس الانتقالي الجنوبي مبادرة الحوار الوطني الجنوبي. كانت هذه المبادرة بمثابة خطوة هامة في توحيد كافة المكونات الجنوبية، والتي تضم مختلف التيارات السياسية والاجتماعية في الجنوب، تحت مظلة واحدة. كان هدف هذا الحوار ليس فقط توحيد المواقف السياسية بل أيضًا تعزيز التماسك الوطني بين أبناء الجنوب، وجمعهم على طاولة واحدة لمناقشة كيفية الوصول إلى حل سياسي عادل يعيد للجنوب مكانته ويحقق له طموحات شعبه.
لقد تمحورت النقاشات في هذا الحوار حول قضايا مصيرية تهم الجميع مثل تحديد شكل الدولة الجنوبية المستقبلية، وطبيعة العلاقة مع الشمال، وآلية تحقيق الاستقلال السياسي الكامل. وفي هذا الإطار، نجح المجلس الانتقالي في فرض نفسه كأداة قيادية تمثل الوحدة السياسية والتمثيل الحقيقي لشعب الجنوب في محافل الوطن والعرَب.
-مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار
كان من أولويات المجلس الانتقالي الجنوبي تعزيز الأمن والاستقرار في محافظات الجنوب المحررة من خلال دعم قوات الأمن والجيش الجنوبي. تزامنًا مع تحرر الجنوب من المليشيات الحوثية، ظهرت تهديدات أمنية جديدة تمثلت في محاولات عناصر إرهابية مثل تنظيم "القاعدة" و"داعش" للتوسع في بعض مناطق الجنوب. وبفضل التدابير الأمنية التي تبنتها القوات المسلحة الجنوبية المدعومة من المجلس الانتقالي الجنوبي، تمكنت هذه القوات من تنفيذ عمليات نوعية ضد التنظيمات الإرهابية، مما أسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الداخلي وحماية المواطنين.
وفي هذا الصدد، كانت القوات المسلحة الجنوبية شريكًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب وفرض الأمن، حيث أظهرت قدرة عالية على معالجة التهديدات الأمنية والتصدي لها بكفاءة واحترافية. كما أن المجلس الانتقالي كان له دور حاسم في تأهيل ودعم المؤسسات الأمنية، مما ساعد على تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، بما في ذلك العاصمة عدن.
-الحفاظ على الهوية الجنوبية
يُعد الحفاظ على الهوية الجنوبية من أبرز أولويات المجلس الانتقالي، الذي عمل على تعزيز الهوية الثقافية والتاريخية للجنوب. وفي ظل التحديات التي تواجه قضية الجنوب على الساحة السياسية والإعلامية، بذل المجلس جهدًا كبيرًا في تعزيز الوعي الوطني وتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ الجنوب وتراثه الثقافي.
وذلك من خلال فعاليات ثقافية وفنية وأيام وطنية، كان المجلس الانتقالي يسعى للحفاظ على هذه الهوية وتعزيزها في نفوس الشباب الجنوبي. كما تم التركيز على الجانب التعليمي، حيث أُنشئت برامج تعليمية تركز على غرس القيم الوطنية الجنوبية وتعريف الطلاب بتاريخهم وتضحياتهم. هذا بالإضافة إلى تطوير البنية الثقافية من خلال دعم المشاريع الثقافية والفنية التي تروج للهوية الجنوبية في الداخل والخارج.
-الدور الدبلوماسي.. حضور فاعل في المحافل الدولية
منذ تأسيسه، عمل المجلس الانتقالي الجنوبي على تعزيز علاقاته مع المجتمع الدولي والإقليمي. فقد قام بتطوير آليات دبلوماسية فعّالة تضمن له مكانًا في المحافل الدولية. عمل المجلس على فتح مكاتب تمثيلية في بعض الدول وعقد لقاءات مع شخصيات دولية لشرح قضية الجنوب وتوضيح مطالب شعب الجنوب في استعادة استقلاله ودولته الجنوبية.
لقد أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي جزءًا أساسيًا في أي نقاش سياسي حول الأزمة اليمنية، حيث يؤكد دائمًا على ضرورة الاعتراف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة. وقد أسهمت الدبلوماسية السياسية التي تبناها المجلس في دعم قضية الجنوب وجلب التأييد العربي والدولي لحق الجنوب في الحرية والاستقلال.
-الدفاع عن حقوق المواطن وتوفير الخدمات الأساسية
على الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها الجنوب، بما في ذلك الحرب الدائرة والخدمات المنهارة، كان المجلس الانتقالي الجنوبي حريصًا على تحسين حياة المواطنين. فقد عمد إلى توفير الخدمات الأساسية من خلال العمل على تحسين قطاع الكهرباء والمياه والتعليم والصحة. وقد تبنى المجلس مشاريع تهدف إلى توفير الكهرباء للمناطق المحررة، كما قام بتطوير قطاع التعليم من خلال دعم المدارس وتوفير الكتاب المدرسي، فضلاً عن تحسين خدمات الرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، قام المجلس بالعمل على تأهيل شبكات الطرق والبنية التحتية لضمان تسهيل حركة المواطنين والبضائع، مما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي ورفع مستوى الحياة في الجنوب.
بعد ثماني سنوات من تأسيسه، أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي أنه كيان سياسي قوي، يُعبر عن تطلعات شعب الجنوب، ويسعى لتحقيق الاستقلال والتنمية. ورغم كل التحديات التي يواجهها، يظل المجلس ملتزمًا بمساره النضالي، مدعومًا بإرادة شعبية قوية، حتى تحقيق أهدافه الوطنية في استعادة دولة الجنوب المستقلة. ومع حلول الذكرى الثامنة لإعلان عدن التاريخي، تظل قضية الجنوب حية في قلوب جميع أبناء الجنوب، حيث لا يزال المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، يواصل المسيرة نحو بناء دولة جنوبية حرة ومستقلة.