الجمعة - 14 أغسطس 2020 - الساعة 12:00 م
خلال إجازة كورنا وخاصة في الفترة قبيل عيد الأضحى المبارك سنحت لي الفرصة ذات يوم لزيارة ساحل العشاق لغرض التعرف عليه لاسيما وانا لم أزوره قط. كانت الرحلة في العصر مررنا بطريق وعره وما زادها وعوره كارثة السيول الأخيرة.
كنت أتوقع إن هذا الساحل مثله مثل الساحل الذهبي او العروسة او كود النمر أو غيره من السواحل الحية لكن خاب توقعي عندما وجدت القليل جداً من المرتادين لا يتجاوزوا عدد الأصابع في ضل غياب تام لخفر السواحل وفرق الحماية والإنقاذ وغياب الخدمات كبقالات او بوفيات واختفاء القوارب وحتى الطيور، وهو ما جعل الساحل موحشاً نهاراً اما ليلاً الله يستر فيمكن لن تجد سوى الجن والشياطين وبقية الاشباح الأخرى.
البحر هائج وبارد برودة غير طبيعية، الأمواج قوية جداً لا يستطيع الشخص مقاومتها ورغم كل ذلك حاولت اسبح على الشاطئ بحذر ووسط خوف شديد من الغرق ليس على روحي فحسب بل على ارواح القليل من المرتادين الذين حاولوا السباحة على بعد مني. وما اود قوله ان حالات الغرق المتكررة في الغالب هي لم تحدث بسبب دخول السباحين الى المياه العميقة في البحر بل يتم سحبهم من المياه الضحلة القريبة من اليابسة بسبب تيارات بحرية تجعل من البحر ماء متحرك كالسيل يجرف كل من فيه لا يجيد الغوص.
نعم هناك تحذيرات لخفر السواحل من هيجان البحر خلال فترات معينة في السنة عبر وسائل الاعلام ولكنها غير كافية وليس مجدية لاسيما والكثير من الشباب لا يتابعون هذه الوسائل وغير ابهين بالخطورة لجهلهم بأسرار البحر والدوامات العمودية والافقية التي تحدث في تلك السواحل بسبب تصادم الأمواج المتعامدة على بعضها وتقاطع التيارات البحرية الباردة والساخنة.
إذا سئلنا أنفسنا كم عدد الضحايا الغرقى في هذه السواحل خلال هذا العام والاعوام الماضية؟ ستكون الإجابة صادمة مع ما تشكله من خسائر كبيرة على أسر الضحايا وعلى المجتمع ككل، وكل ذلك بسبب إهمال الدولة وتقاعسها عن تنفيذ واجباتها. نعم نحن في حالة شبه غياب للدولة وحروب مستمرة ونؤمن بالأولويات، ولكن الدولة بوضعها الحالي تستطيع بإمكانيات بسيطة وإجراءات صارمة مبنية على شعور بالمسئولية ان تؤمن السواحل وتحمي أرواح الشباب والأطفال الذين يموتون سنوياً، وفي نفس الوقت تستثمرها سياحياً بما يعزز دخلها المادي. فهي تحتاج إلى فرق انقاذ متخصصة في كل ساحل مزودة بكل الوسائل بما فيها القوارب إلى جانب فرق حماية امنية، تصرف لهم مرتبات او حوافز. ومثل هذا العمل ليس مكلفا ولا يحتاج الى ميزانية ضخمة فيمكن تغطيت نفقاته من دخل السواحل ذاتها أذا ما تم استغلالها وترتيبها وتنظيمها.
دعونا نرجع الى الماضي في أيام بريطانيا وايام دولة الجنوب وبحسب علمنا كانت السواحل مؤمنة بفرق انقاذ وغواصين واسيجة بحرية واقية. على سبيل المثال كانوا يشدوا حبال تمتد من طرف الساحل الى طرفه تدعى بوجات، تثبت في الصخور وتتزود بكبب طافيه تحمي الغريق فيما إذا سحبه التيار ليتشبث بها حتى يأتيه الإنقاذ، وهذه الحبال قابلة للتغيير بالابتعاد والاقتراب من الساحل بحسب حالة البحر. مثل هذه الإجراءات او بعضها كانت ربما باقية الى أيام محافظ عدن السابق الشعيبي الذي خصص غواصين لكل ساحل واعتمد لهم رواتب.
وعليه وانطلاقاً مما سبق نقترح الآتي:
بالنسبة لساحل العشاق الذي افتتحنا به المنشور فأننا نستغرب من تجاهل الجهات الأمنية في عدن وفي مقدمتها خفر السواحل وعدم مبالاتها في سلامة أرواح الشباب والأطفال من خلال فتح أبواب الساحل للمرتادين دون توفير إجراءات السلامة البحرية.
فإذا لم تستطيع تلك الجهات تامين الساحل فيتوجب عليها اغلاقه بالقوة امام الجميع لاسيما في المواسم الخطرة لهيجان البحر. وهذا ينطبق على السواحل الأخرى.
نناشد السلطة المحلية في عدن برئاسة المحافظ ومدير الامن وإدارة خفر السواحل بتوفير فرق الإنقاذ من الغواصين المتخصصين للحماية من الغرق والحماية الأمنية من البلطجة لكل سواحل عدن لكون الناس بحاجة الى ارتياد السواحل والسباحة فيها بحسب قول الرسول: علموا اولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل. ونذكر هنا أن مهمة خفر السواحل هي الحماية من الغرق وليس تقتصر مهمتها على انتشال جثث الغرقى فقط بحسب ما هو معمول به الآن.
نناشد السلطة المحلية في عدن مع المجلس الانتقالي الى الاهتمام بسواحل عدن وجلب الاستثمار اليها واستحداث منتجعات سياحية مزودة بمسابح مستقلة يمكن استخدامها كبدائل في المواسم الخطرة للبحر لاسيما ومدينة عدن مدينة بحرية ومن أجمل المدن على مستوى العالم، فينبغي استغلال موقعها وسواحلها الجميلة والنادرة لزيادة دخلها وتحسين معيشة سكانها. ومن من مواطني عدن القدماء لا يعرف منتجع حقات والمسبح الجميل الذي فيه بجوار سينما بلقيس والذي يسبح فيه الصغار والكبار بكل راحة وطمأنينة. مناشدتنا موصولة لمحافظ عدن الأستاذ لملس بفتح منتجع حقات بما فيه المسبح تكريما لأبناء عدن جراء ما لحقت بهم من اضرار بسبب الحروب المتكررة وانقطاع الخدمات.
نناشد السلطة المحلية محافظة عدن بتعبيد الطريق المؤدي من نفق القلوعة إلى ساحل العشاق مع توفير الحد الادنى لمتطلبات تشغيل الساحل من حماية وامن وخدمات.
والله من وراء القصد