الجمعة - 12 أبريل 2019 - الساعة 04:53 م
ضمن نسَق ومنظومة أي دولة كانت ، تأتي مؤسسات المجتمع المدني كمِفصلٍ محوريٍ في التروسِ المُحرّك لٱليّة هذه المنظومة والدّولة ، وخصوصاً فيما إذا كانت حيّةً وفاعلةً ، كما وجنوبنا وقضيّتنا اليوم في مسيسِ الحاجة لهكذا مؤسسات ، ويأتي ذلك كحاجة مُلحةٍ لفعلها في سياق نضالنا لإستعادة دولتنا ، وبِإعتبارها تأتي ضمن التّهيئة لدولتنا المُنتظرة بإذنهِ تعالى ، والأهمّ أنّها كيانات جنوبيّة تأتي مُتَفرّدة وبعيدة عن صبغَة اليمننة التي طغت على دولتنا وإبتلعت كياناتنا ومؤسساتنا ، وهذه هي ضربة المعلّم ولاشك .
هذه الأيام ، نتابعُ وبشكلٍ مكثّف تواتر أخبار إنعقاد إجتماعات الكيانات المجتمعية الهادفة الى إستكمال تشكيل الإتحادات النوعية كالإتحاد العام لمزارعي الجنوب ، وهذا إجتمعت لجنتهُ التّأسيسية من ممثلي التّعاونيات الزراعية مؤخراً ، وذلك لتشكيل اللجنة التحضيرية لهذا الإتحاد ، وهي خطوةٌ جبّارة ولاشك ، كما وهناك الإتحاد العام لنقابات الجنوب ومجلسه التنسيقي ، وهو إتحادٍ نوعي ومحوري ، ويتألّف من نقابات المرافق الإقتصادية الحيويّة في جنوبنا ، ناهيك عن اللجنة التّحضيرية للإتحاد العام للمرأة الجنوبية ، ولانغفل نقابة الصحفيين الجنوبيين ، والإتحاد العام للأُدباء والكتاب الجنوبيين و .. و ..
مايجري بهذا الصّدد هو شيئٌ عظيم ومُذهل وبكل المقاييس ، ومع ذلك من المهم لتجربتنا الجنوبية ، ولفرضِ حضورنا وثِقلنا الجنوبي ، من المهم أن تعمل كلٌ هذه المكونات الحيوية لنضالنا بفعاليةٍ وكفاءة وإستمرارية ، وأن تكون حاضرة وبقوة على الأرض في نطاقها المهني ، وأن تنضبط تنظيمياً ، بالإضافة الى ضرورة خلق العلاقات الوطيدة فيما بينها وتشبيك أنشطتها وتوحيدها في القضايا الحيوية لجنوبنا ، وهي معروفةٌ ولاشك ..
في لحظات تَخلٌق كياناتنا المجتمعية الجنوبية ، وفي غَمرة الحماسة التي ترافق في العادة مثل هذه الأحداث ، يحدثُ كثيراً أن يتنطّط بعض المُتسلقين وهواة ومُحبّي الزعامة الى صفوف هذه الكيانات ، وهؤلاء يمثلون عوامل مُعرقلةً وكابحةً لأنشطة هذه المكونات وفعاليتها ، وهذا لأنّ أدائهم يجنحُ للإستعراضية ، وغالباً مايكونُ ٱنياً وإرتجالياً .. كما والمهم أخذُ كلٌ سُبُل الحيطة والحذرِ من تسلل أنصار الخصم من الجنوبيين ، فهذا الخصم ديدنهُ الدّسيسة وبخُبْثٍ كما خَبرناهُ ، وتجربة إختراق مكوناتنا الحراكية ماثلةٌ للعيان بمساوئها وخطورتها وإرباكها لمسارِ نضالاتنا لإستعادة دولتنا ، وهي ماأنفكّت وحتى اللحظة ، وهذا بالضّرورة التّحوط له جيداً ..
جرَت العادة ، أو بالأصح تفرضُ الضّرورة أن يُرافق مناشط مكوناتنا الجنوبية فِعلاً إعلامياً حِرفياً ومُنتظماً ومُكثّفاً ايضاً ، وهذا من المُحفزات الضّرورية لأي نشاط كان ، والأهمّ أنهُ يُظهِرُ نشاط هذه المكونات لدى القاعدة العريضة من جماهيرنا ويَشُدها للتفاعل معها ، أمّا الأكثر أهميّةً فإنه من المُفْتَرض بِحرفيّة هذا الإعلام ومهاراته أن يعكس الصورة لدى الخارج وفعالياته المؤثرة ، كما ويطلعهُ أن لدينا مؤسسات حية ومستقلة ، بل ويُعزّزُ حقيقة توقنا لإستعادة دولتنا ، وكذلك جاهزيتنا للتعاطي معها ، ناهيك عن التّعاطي مع العالم الخارجي كما كُنا قبل هذه الوحدة السوداء ..
إنّ خطوة تشكيلِ إتحاداتنا الجنوبية المُستقلّة هي خطوة جبّارة في سياق نضالاتنا لإستعادة دولتنا ، ومن المهم جداً السّعي بحنكةٍ ومُثابرة لإستكمال تشكيلها في المجالات الغائبة كالمجال الطلابي والرياضي والسمكي والفنّانين الجنوبيين وخلافه ، وكلٌ هذا يقطعُ باليقين أننا نقطع الشّوط المهم على طريق إستعادة دولتنا ، ثم أنّ مثل هذه الإتحادات والكيانات ستفعلُ فِعلها بين جماهيرنا وأرضنا ، وهذا المحوري في وجودها ، بل الذي بالضّرورة أن تضعه نصب أعينها وعلى رأس أجندتها وأهدافها ، ويقولون : مسافة الألف ميلٍ تبدأ بخطوةٍ ، ونحنُ خطونا كثيراً وطويلاً ايضاً .. أليس كذلك ؟!
علي ثابت القضيبي .