ذكرى إعلان عدن التاريخي منهج لبذل مزيدا من التقدم لاستعادة دولتنا الجنوبية

كلمة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بمناسبة الذكرى السابعة لإعلان عدن التاريخي وتأسيس المجلس الانتقالي

الكثيري يطلع على خطة اللجنة العليا للمناسبات بذكرى إعلان عدن.. انفوجرافيك



كتابات وآراء


السبت - 14 أبريل 2018 - الساعة 06:18 م

كُتب بواسطة : محمود المداوي - ارشيف الكاتب


عندما نقول ان لحجا مستودع فنون فأني أقر واقعا لا يختلف معي فيه الا جاهل . . وأنا هنا اعني ما أقول بل و أعيه جيدا أنه قول مقرون بالدلائل و القرائن و هذه كما لا يخفى على احد لا تعد و لا تحصى، فمن الشعر و الغناء الى الرقص و مأثور القول في الأمثال و الحكم و الرسم على جدران بيوت الطين و الصناعات اليدوية بأنواعها الى الملبس و المأكولات ومنها الى مأثور القول في الأمثال الشعبية وإحكام الاجداد في شئون الحياة الدنيوية على اختلافها وتعدد اشتغالات الناس بها الى مأثور الحكايات الشعبية ايضا و منها و فيها ايضا النوادر و الشخصيات الفكهة و الضاحكة أكانت هذه الشخصيات من نسج الخيال او شخصيات موجودة في الواقع بحسب المكان و الزمان الذي تتواجد فيه.وفي نسق ومسار تيمة من الحكي والسرد الممتع والجميل .. بمعنى انه ضحك ليس للضحك بل هو ضحك للدرس والعبرة والإفادة وحتى تتضح الصورة امامنا وحتى لايذهب خيال القارئ بعيدا لابد من اطلالة يسيرة نحاول فيها تعريف الضحك علميا ان استطعت الى ذلك سبيلا.

معلوم بل من المؤكد انه لا يوجد تعريف علمي واحد محدد للضحك و على الرغم من تباين تلك التعريفات عن الضحك استنادا الى نظريات و مدارس متعددة ينطلق منها اصحابها للتعريف بالضحك الا اننا نجد ما يشبه الاجماع من قبل أولئك ممن تتوزع اختصاصاتهم على علوم الاجتماع و النفس و التربية على ان ما نحن بصدده هنا وهو الضحك ما هو الا احتياج و ضرورة لا غنى للانسان عنهما في حياته قديما وحديثا والى ان يرث الله الارض وما عليها.

ينقل لنا الباحث الاستاذ نصر الدين البحرة في كتابه " الضحك تأريخ وفن وجهة نظر الفيلسوف الفرنسي هنري بيرغسون** و التي يقول فيها : (( ان الانسان لا يستطيع ان يضحك الا في وجود غيره من الناس ، بل أنه لا يستسيغ أصلا فكرة الضحك حين يستبد به الشعور ب ألوحدة اذ يبدوأن الضحك يحتاج دائما الى أن يكون له صدى ، و أن يجد له تجاوبا مع الاخرين ، فضحكنا هو دائما ضحك جماعه ، و ليس ضحك أفراد من حيث هم افراد.

اما المفكر و الكاتب المجري أرثر كوستلر و بحسب المصدر نفسه فانه يقدم لنا تعريفه للضحك فيقول :(( أن الضحك مجرد فعل انعكاسي لا إرادي.

أي انه استجابة فيزيو لوحية بسيطة لمثير أو منبه شديد التعقيد "الفكاهة" وتتمثل هذه الاستجابة في انقباض خمس عشرة عضلة من عضلات الوجه بطريقة منسقة و مترابطة ولكن الضحك يختلف عن الأفعال الانعكاسية اللا إرادية الأخرى مثل العطاس أو اختلاج العين في حال الاحساس بالخوف في أنه لا يهدف الى تحقيق أية غاية نفعية و ليس له أي هدف بيولوجي واضح.

اعترف هنا ان موضوعا كهذا قد شغلني كثيرا و لفترات متفاوتة و متباعدة اذ كنت كلما اهرب منه اجده ملازما لي كالخل الوفي و كأنه يرجوني ان افيه حقه من الكتابة وهكذا وجدت نفسي مع هذه المادة والتي لم يتطرق لها احد من قبل بحسب ظني كمادة تستحق العرض لها وذلك في اطار عهد قطعته على نفسي مبكرا كي اخوض فيه بما هو موثق ومدون في ذاكرتي و ذاكرة الاخرين.

حري بي هنا و بعد هذه الاطلالة أن اقف على حقيقة مؤكدة وهي ان الضحك سلوك انساني اجتماعي عام و مشترك ولا يخص به شعب من شعوب الارض عن سواه وكما يذهب البعض من تسييس لغة الضحك و تسخيرها لغايات عنصرية و صراعات عرقية متوارثة الا ان ما يميز هذا المجتمع عن غيره هو في طريقة تعامله مع الضحك ! بمعن اخر ما يضحكه ومما يضحك وكيف ؟ وهذا له تفسير واحد وهو ان البيئة هي التي تتحكم بالضحك ولا سواها وهذه نتيجة متى امعنا فيها سنجدها مستوفية لشرطها في مخزون لحج من الحكايات الشعبية الفكاهية على اختلافها و تعدد مواضيعها ولا ابالغ، اذا قلت ان لحج كانت ومازالت باهلها الطيبين تمتلك خفة الروح والظل معا وروح الدعابة والمرح وإشاعة اجواء البهجة و الفرح وهي واحدة من الخصال الطيبة الكريمة التي لا يعدمها الانسان اللحجي في حله و ترحاله حتى غدت ديدنه في أوقات الشدة و اوقات الرخاء سواء بسواء كمكرمة ربانية حباها الله هذا الانسان و لان عجب انها تنتقل كالعدوى الى باقي المناطق وتتعدى ايضا حدودها الجغرافية الى ابعد مايمكن لنا ان نتصور.

استطيع ان اقول ان الانسان في لحج قد احترف الفكاهة منذ زمن بعيد ، وخلق فيها عوالمة التي يركن لها في التسلية والترفيه وسخرها في شتى الامور بل ان هناك شخصيات نجح في رسمها كفنان رسومات كاريكاتورية قبل ان يفقه ماهية هذا الفن الحديث وقبل معرفته بالصحف والجرائد وغيرها بوقت طويل ولعل حكاية البطل احمد شوربان واحدة من هذه الحكايات العديدة وهي حكاية غير غائبة عن بال الكبار منا وملخصها المفيد يرتكز على محور ادعاء البطولات وهي في كثير من تفاصيلها الداخلية تزيد او تنقص بحسب الظروف الموضوعية المحيطة بالراوي او بالراوي ذاته ومن يهمه امرهم.

ففي حكاية احمد شوربان نتعرف على شخصية من صنع المخيلة الشعبية تزعم البطولة والفروسية من خلال تقمصه لدور فارس من عصر غابر بهندامه من الكوفية العربية التي تغطي رأسه كلقنسوة الى مايغطي به جسده النحيف الى خفي قدميه وأيضا سلاحة وحماره المريض.

كل ذلك يصوره لك الراوي ليضعك امام المفارقة الصادمة لهذه الحكاية الضاحكة ويالها من مفارقة عندما نعرف ان هذا الفارس البهلوان يحارب حشرة الذبابة نى وقعت عيناه عليها ووجه لها ضربات حسامه البتار الذي من كثرة قتلاه تجده يقطر بالدم كلما رفعه ليري الناس ما قام به من عمل جبار دون رحمة اوشفقه.

وعلى هذا النسق تمضي حكاية احمد شوربان لحكاية فكاهية الا ان رسالتها التربوية ذات ابعاد ومضامين عميقة جدا ونقدها الاجتماعي واضح جدا لا لبس عليه.

ومن زاوية اخرى يتلبسني ادراك بأن ثمة وجه شبه كبير بين حكاية احمد شوربان لحجية المقومات وبين رائعة الاديب الاسباني ميغيل دي ثيرابانتس دون كيخوت الذي كان يحارب طواحين الهواء ترى من نقلها عن الأخر؟!!! سؤال كهذا اهمله الان مؤقتا حتى اجد له الاجابة الشافية .

هامش:كتاب الضحك تاريخ

وفن الجزء الثاني لمؤلفه نصر الدين البحرة.

**نفس المصدر