كتابات وآراء


الإثنين - 12 مارس 2018 - الساعة 09:44 م

كُتب بواسطة : م/ احمد جميل عبدالرحمن - ارشيف الكاتب


لقد انتشرت ظاهرة الاختلاف فى الرأى ووجهات النظر بشكل مخيف ومؤلم فى حق انفسنا وبحق الغير وبحق دولتنا القادمة ، واصبحنا لاندرى او لا نعرف كيف يمكننا ان ندير خلافاتنا السياسية والاجتماعية بشكل حضارى ومتزن بحيث لا نجرح ولا نهين احد من خصومنا بشكل فج ومخيف ، واذا عدنا الى سنوات مضت نجد اننا قد اضعنا العديد من الفرص واهدرنا طاقات، ومرارات تراكمت، ودماء نزفت وارتوت تربتنا النقية منذ الاستقلال بدماء الشهداء والابطال الشرفاء الذين يلعنوننا الى يومنا هذا بسبب تعنتنا فى حل خلافاتنا المصيرية واصرارنا بتنفيد ما نراه نحن بأنه صائب دون الرجوع الى حلقة الحوار المنطقى والعقلانى ، واذا عدنا الى الماضى سنجد اننا فعلا لا نعرف كيف نختلف لقد وصلت بنا الحالة الى اليأس والاحباط فى عدم قدرتنا الى حل خلافاتنا بشكل مرضى وعقلانى وحضارى حيث اصبحت الانا تشكل ظاهرة طبيعية لاندرك مدى خطورتها الا بعد فوات الاوان نعم ؟ فنجد تلك الظاهرة مسيطرة على افكارنا نتيجة تعنتنا وعنادنا الغير مبرر فى حل الخلاف .
اذن فالمشكلة ليس بالاختلاف فى حد ذاته ولكن المشكلة فى الاساس هو سوء ادارة هذا الاختلاف وتحليله وشخصنتة اليس كذلك؟ فاصبحت خلافاتنا لا تنصب على موضوع الخلاف بل تنصب على شخص معين بذاته اومصلحة خاصة من وراء ذلك ولذا فلم يعد حسم الخلاف يحتاج الى ادوات المنطق والعقلانية باكثر مما يتطلب فن ومهارات التجريح والاساة للخصم واصبح كل منا يتفنن ويتباهى بانه قد اعد ملف شخصي للخصم الذى يخالفه الراى ، و للاسف الشديد اصبح ايضا اسلوب التجسس والمراقبة على بعضنا البعض وهو اسلوب من وجهة نظرى رخيص وغير لائق ولا حضارى وحيث اصبحت تصفية الحسابات الجسدية هى الاساس فى علاقاتنا فكل واحدا منا يبحث عن السبل والطرق لتدمير الطرف الاخر بدون وعي ولا ادراك ولا ندم ، واصبحت تصرفاتنا تثير العديد من الاسئلة الهامة والتى يجب علينا القيام بدراسة ميدانية لمعرفة الخلل وايجاد الحلول للقضاء على تلك التصرفات الدخيلة على مجتمعنا الحنون العاطفي الذى يتميز بالحب والشهامة والكرم .
لماذا اصبح اختلافنا فى وجهات النظر تكتنفها الشجار والعنف والسب واللعن والاهانة الجارحة والتقليل للطرف الاخر بل قد تصل للاسف الشديد الى ارتكاب جريمة القتل وهى جريمة يعاقب عليها ومحرمة فى القران الكريم هل لاننا نمر فى مرحلة المتغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وهل المرحلة نفسها اى فى مرحلة التحول نصبح فيها اكثر توترا وعنف وابادة وتدمير ام اننا لازلنا نجهل كيف نساير المرحلة نفسها؟ وللاسف لقد كنت مع زميلة اجنبية فى مؤتمر دولى نتكلم عن الوضع الحالى فى العالم العربى ؟ قالت بصريح العبارة وبالرغم من الجرح الذى لا يندمل حتى يومنا هذا الذى غرسته فى أحشائى بما يلى (( انتم العرب لا تستفيدون من الماضى ولا تريدون ان تطوروا انفسكم وتميلون الى الانتقام بحق وبغير حق وأن عدد القتلة من العرب على أيدى العرب فى الحروب والنزاعات العربية العربية او الداخلية تفوق عدد الذين قتل من العرب من اعدائهم (( اى ايام الاستعمار الاجنبى ).)
اذن فنحن كرة تلهو بنا اللعبة السياسة الدولية التى تريد من العالم العربى فى صراع مستديم اى ان يكون الصراع ليس صراع عربى اسرائيلى بل صراع عربى عربى وصراع داخلى داخلى وذلك لنشر الكراهية والفتن الطائفية والمناطقية سوى على المستوى العربى او على المستوى الداخلى اى بين ابناء الشعب الواحد وذلك باسم الديمقراطية وحرية الرأى والشعارات الزائفة الذى انتشرت بعض الاقطار العربية والتى لا تنصاع الى تنفيد السياسية الامريكية الاسرائيلية ؟
وبما أن الاختلاف فى الاساس جزء من قواعد اللعبة الساسية الدولية يجب علينا ازالتها واخفائها لمصلحة الأجيال القادمة والأطفال الذين ذاقوا المرارة بما يحدث حيث أصبح لديهم صراع نفسي داخلي ويتسالوا لماذا نحن المسلمين نقتل بعضنا باسم الدين أليس الله أنزل كل الديانات السماوية وهل نحن سنظل ف أتون الصراع والاختلافات إلى سنوات قادمة وهنا أطالب كافة القوى السياسية و الشعبية والمعارضة بالالتفاف واحتواء الازمة لانتشالنا من الغيوم السوداء التى بدات تتوسع بشكل مخيف ومرعب و حتى لاتتوسع غيوم الاختلاف التى تعمى البصروتصلب العقل يجب علينا جميعا ان نقف ضد نزيف الاختلاف و ان ندير اختلافاتنا بعقل وصبر لنتفادى الويلات والمآسى والخسائر والبكاء على اضرحة الشهداء ؟
اذن هل فى امكاننا تجنب تلك ألاحداث والتداعيات ؟ ولا نصنع لانفسنا المأزق عن ادارة واختيار ؟ ونختار عن عمد مع سبق الاصرار والترصد الطرق المحفوفة بالمخاطر و بالأشواك الدامية اذن لابد لنا من أستخدام وسائل التصالح الصادق من القلب دون مصالح ذاتية ونمد ايادينا بصدق لفض المنازعات الداخلية والمناطقية وننسى الماضى ونلم الشمل وتكون المصالحة نابعة بقلب صافى كما ولدته امه. واكرر واقول الى اين المسير ياوطنى الحبيب نحن بحاجة اليك ويكفينا تشرد واذلال وقهر وظلم لقد هرمنا من الغربة القاتلة.
* دكتوراه فى القانون الدولي العام فرع البحار