اخبار وتقارير

الخميس - 26 نوفمبر 2020 - الساعة 10:29 م بتوقيت عدن ،،،

"4 مايو" تحقيق / نوال سالم:


أسست جامعة عدن نظامًا جديدًا للراغبين من خريجي الثانوية العامة بالالتحاق بالتعليم الجامعي من خلال نظام السنة التحضيرية، وهو توجه إجباري على جميع الطلاب الراغبين بالدراسة الجامعية في مختلف التخصصات.

كما فرضت جامعة عدن نظام رسوم على كل طالب يتقدم للسنة التحضيرية وحددت الجامعة مبلغ (30,000) ريال على كل طالب كرسوم نفقات لدراسة المساق التحضيري.

ومن خلال التعاملات في إجراءات السنة التحضيرية واجه الطلاب العديد من المشاكل والعراقيل وتحطمت طموحاتهم وأحلامهم على أعتاب السنة التحضيرية التي استحدثتها جامعة عدن منذ 4 سنوات فقط، لتصبح مشروعًا للربح وحجر عثرة أمام الطلاب الفقراء.

صحيفة "4 مايو" تسلط الضوء على معاناة طلاب السنة التحضيرية في سياق التقرير التالي:

نظم العشرات من طلاب السنة التحضيرية بكلية الطب والعلوم الصحية في العاصمة عدن وقفات احتجاجية لرفع سقف القبول في كليات الطب بجامعة عدن، وذلك بعد تقدمهم بشكاوى إلى عمادة كلية الطب وإلى رئيس السنة التحضيرية ونائب رئيس الجامعة وإلى وزارة التعليم العالي بشأن رفع سقف القبول لطلاب السنة التحضيرية الذين لم يتم استيعابهم في كشف الناجحين لدراسة الطب البشري وتجاوز السنة التحضيرية.
*إشهار السلاح بوجه الطلاب
وواجه الطلاب المتقدمون للسنة التحضيرية في مساق الطب تعسفات من إدارة الجامعة سببت بحرمان الكثير منهم من الدراسة، الأمر الذي تطور إلى وقفات احتجاجية وتنديد بهذه الإجراءات الظالمة - حسب قولهم.

وعندما بلغ التجاهل ذروة الظلم توجه الطلاب إلى أمام منزل رئيس الجامعة لتنفيذ وقفة احتجاجية سلمية، وخلال الوقفات الاحتجاجية حدثت حالة صدام بين حرس منزل رئيس جامعة عدن الدكتور الخضر لصور وبين الطلاب المحتجين، وقام الحراس بإشهار أسلحتهم في وجوه الطلاب، الأمر الذي سبب لهم الرعب والخوف كونهم طلبة علم ولم يأتوا لافتعال قتال أو شجار وإنما جاءوا مسالمين.

وتجاوبت وزارة التعليم العالي مع هذه الشكاوى على أن يتم قبول 300 طالب ناجح لدراسة قسم الطب البشري، وتم رفع مذكرة معمدة من الوزارة موجهة إلى رئيس الجامعة بعمل حلول مباشرة لشكاوى الطلاب، إلا أن الطلاب تفاجؤوا بتجاهل رئيس جامعة عدن الدكتور الخضر لصور لشكاواهم وإصراره على استيعاب 200 طالب في المساق العام المجاني فقط في كلية الطب البشري وترحيل باقي الطلاب إلى مصير النفقة الخاصة وتحمل تكاليف نفقتها بالعملة الصعبة، والتي تعد هي الأكبر أمام مختلف الجامعات، وسببت عزوف الكثير من الطلاب الذين كانوا يطمحون بالدراسة في كلية الطب والتوجه إلى كليات أخرى، علما بأن من بين 300 طالب يتم قبول 200 طالب فقط ويتوجه 50 طالبًا إلى النفقة الخاصة و100 طالب يكون مصيرهم إلى المجهول.

وفي قسم الصيدلة يتم قبول 80 طالبًا فقط من أصل 150 طالبًا متقدمًا إلى جانب قسم الأسنان والمختبرات.

*80% معدل غير مقبول
إحدى الطالبات - رفضت ذكر اسمها - تحدثت إلينا قائلة: "حصلتُ على معدل 80% في السنة التحضيرية إلا أن إدارة الجامعة لم تقبلني في كلية الطب، وذلك لعدم مطابقة درجاتي بالعلامة الموضوعة من قبل إدارة جامعة عدن، ولم تُضف لي أي علامات أخرى كوني من محافظة خارج العاصمة عدن، وها أنا أتابع لعلي أحصل على قبول في كلية الطب، علما أن الأغلبية من أوائل الطلاب وصلت معدلاتهم إلى 100% وهذه الدرجة تؤخذ من العلامة النهائية من الثانوية العامة والنصف الآخر تؤخذ من درجات الامتحان، فكيف تحصّلوا على هذه العلامة؟!".

*سبعة أشهر من المتابعة
يروي أحد الطلاب من محافظة الضالع معاناته مع المتابعات في جامعة عدن قائلا: "تقدمت للامتحان لدخول كلية الطب والتحقت بالسنة التحضيرية، لكني رسبت في ثلاث مواد لصعوبة أسئلة الامتحان وما زلت أتابع هنا على الرغم من ظروفي المعيشية في الضالع وتحملي أعباء السكن والعيش في عدن".

*ضياع ومتاهات في المتابعة
أحد أولياء الأمور لإحدى الطالبات الناجحات في امتحانات الطب البشري (قسم التمريض) تحدث عن معاناته مع المتابعات قائلا: "تم قبول ابنتي في كلية الطب (قسم التمريض) وهي الرغبة الوحيدة التي تم قبولها بها من باقي الرغبات الأخرى، وأنا اليوم حضرت لإتمام إجراءات الالتحاق بالكلية، إلا أنني أعاني من عدم معرفتي بالإجراءات، وهناك أصابوني بالتوهان ووجدت صعوبة كبيرة في المتابعة بسبب غياب التعامل الإنساني وتسهيل إجراءات المتابعين".

*مشروع للربح
يرى مهتمون ومراقبون أن السنة التحضيرية أصبحت مشروعا للتربح تلقي مزيدا من الأعباء فوق كاهل الطلاب وذويهم، ويرى المراقبون أن فكرة السنة التحضيرية تحتاج إلى إعادة النظر فيما يتعلق بسياسات القبول المتخذة بالجامعة على أقل تقدير لتفادي حالات التذمر والشكوى بين أوساط الطلاب، مما يخلق حالة من الفرز الطبقي، مما يخلق العديد من الأمراض النفسية جراء التعسفات التي تحرم الطلاب الفقراء من الالتحاق بالتعليم الجامعي برمته بعد أن كان التعليم الجامعي تعليمًا مجانيًا متاحًا لكل فئات المجتمع ليصبح التعليم اليوم باهظ التكاليف لمن استطاع إليه سبيلا".

*حالة انتحار
وفي حادثة مؤلمة أقدم الطالب وليد عبد الكريم في عام 2018م على الانتحار بعد شعوره بالظلم من نظام السنة التحضيرية والذي كان يعاني من حالة اكتئاب أدت إلى وفاته منتحرا.

* تجاهل رئيس الجامعة
الدكتور خالد حسين - منسق الهيئة التعليمية في كلية الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات – قال: "كنت أحد المتابعين لهؤلاء الطلاب الذين بذلوا جهودًا كبيرة لمقابلة رئيس الجامعة، لكن للأسف رئيس الجامعة لم يتواجد ولم ينصت لهم ولم يكلف أي مسئول للتواصل معهم وحل مشكلاتهم أو معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك".

وتابع قائلا: "للأسف المحاصصة للمحافظات هي عمل خارج إطار القانون العام للجامعة وهو صعب تطبيقه لوقوعها بشرك المناطقية في حال تطبيقه، وإن كان لا بد من تطبيق نظام المحاصصة يجب تطبيقه على المنطقة أو المحافظة نفسها أولا، وعملية التصحيح تتم بمعايير أخلاقية ممتازة وفق أرقام سرية".

*التعليم الموازي مفتوح
وأكد الدكتور خالد حسين أنه "لا توجد لوائح وأنظمة تدعم ما تمارسه جامعة عدن في السنة التحضيرية، ولكن باب التعليم الموازي مفتوح لمن لديه القدرة على الدفع، وهو عبء كبير ملقى على عاتق الطالب، على سبيل المثال يتم قبول 25 طالبًا فقط في المساق العام المجاني بينما الكلية تستطيع قبول 300 طالب، وتتم كلية اختيار 30 طالبًا فقط بعد عملية المفاضلة لينخرط باقي الطلاب في التعليم الموازي وهذه عملية مهلكة لأولياء الأمور والطلاب مما ينتج عن ذلك فرز مجتمعي لمن لديه القدرة على الدفع، ونتيجة لظروف الحرب الحكومة لم تعد تستطيع دعم قطاع التعليم، وقد جاءت هذه الممارسات بعد الوحدة المشؤومة، وقد أدت إلى تقسيم طبقي مقيت من يملك يحصل على التعليم ومن لا يملك يبقى بالقاع، وكأننا نعيش في غابة".