الرئيس الزُبيدي يلتقي نائب رئيس الوزراء الروسي لبحث تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجنوب وروسيا.. انفوجرافيك

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يصل موسكو ويلتقي وزير خارجية روسيا الاتحادية

الكثيري يبحث مع وفد المبعوث الأممي مستجدات العملية السياسية وجهود إحلال السلام في بلادنا.. انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الثلاثاء - 28 أكتوبر 2025 - الساعة 08:01 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو/ تقرير/ محمد الزبيري




لعقود طويلة، ومنذ أن وطأت جحافل الشمال أرض الجنوب في صيف عام 1994، ظل وادي وصحراء حضرموت، القلب النابض للجنوب وعمقه الاستراتيجي والجغرافي، يرزح تحت وطأة احتلال ممنهج وسياسات إفقار وتهميش منظمة. هذه السياسات لم تكن عشوائية، بل كانت استراتيجية مدروسة تهدف إلى تجريد حضرموت من هويتها الجنوبية، ونهب ثرواتها الهائلة، وإخضاع أهلها بقوة السلاح.
تتجلى هذه المأساة اليوم في وجود المنطقة العسكرية الأولى، وهي قوة عسكرية ضخمة ينتمي معظم قادتها وجنودها إلى الشمال، تحولت إلى أداة قمع وسلطة احتلال فعلية.
هذه القوات، التي حوّلت الوادي الشاسع إلى ثكنة عسكرية مغلقة، لم تفشل فقط في توفير الحد الأدنى من الأمن للمواطنين، بل أصبحت هي نفسها المصدر الأكبر للتهديد، وحامية لشبكات الفساد والجريمة، ومظلة آمنة للجماعات الإرهابية التي اغتالت المئات من خيرة كوادر حضرموت والجنوب. وفي قلب هذا المشهد القاتم، يبرز منفذ الوديعة الحدودي، الشريان الاقتصادي الذي يُفترض أن يغذي حضرموت والجنوب بالحياة والتنمية، لكنه تحوّل بفعل فاعل إلى بقرة حلوب لمتنفذين فاسدين، في مقدمتهم اللواء هاشم الأحمر، الذين لا همّ لهم سوى ملء جيوبهم على حساب معاناة الملايين. اليوم، وبعد سنوات من الصبر والصمود، ترتفع أصوات أبناء حضرموت، موحّدة وقوية، في حراك شعبي وسياسي واسع، مدعومة بموقف صلب لا يتزعزع من المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي. هذا الصوت المدوّي يعلن بوضوح أن زمن الوصاية قد ولّى، وأن صبر حضرموت قد نفد. إن تحرير وادي وصحراء حضرموت، وتسليم أمنه واقتصاده لأبنائه المخلصين، لم يعد مجرد مطلب قابل للتفاوض، بل هو قدر ومصير لا رجعة عنه، وخطوة حاسمة على طريق استعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة.


*احتلال عسكري بغطاء الشرعية


إن وصف وجود المنطقة العسكرية الأولى في وادي وصحراء حضرموت بـ"الاحتلال" ليس شعاراً سياسياً أجوف، بل هو توصيف دقيق لواقع مرير يعيشه أبناء الوادي يومياً. هذه القوات، التي ورثت تركة نظام علي عبد الله صالح وتغلغلت في مفاصل الدولة والمجتمع بحضرموت، لا تمتلك أي شرعية شعبية أو دستورية للبقاء على أرض الجنوب. فمن المفترض أن مهام الجيوش هي حماية الحدود وصد الأعداء الخارجيين، لكن المنطقة الأولى، وبدلاً من التوجه إلى جبهات القتال ضد المليشيات الحوثية التي تبعد عنها مئات الكيلومترات، بقيت جاثمة على صدر الوادي، موجهة فوهات بنادقها إلى صدور أبناء حضرموت العزل. إن مهامها الحقيقية تتلخص في حماية مصالح شبكات النفوذ الشمالية، وتأمين عمليات نهب النفط والثروات، وقمع أي صوت حضرمي يطالب بالحرية والكرامة.

لقد تحول وادي حضرموت إلى ساحة خلفية لهذه القوات، تمارس فيها أبشع أنواع الانتهاكات. النقاط العسكرية المنتشرة على طول الطرقات لم تمنع تسلل الإرهابيين، بل تحولت إلى بوابات للجبايات غير القانونية وإذلال المواطنين، حيث يتم التعامل مع أبناء حضرموت وكأنهم غرباء في أرضهم. الفشل الأمني لهذه المنطقة أصبح فاضحاً؛ فخلال سنوات وجودها، شهد الوادي مئات عمليات الاغتيال التي استهدفت ضباطاً وأمنيين وسياسيين وإعلاميين ونشطاء مجتمع مدني، دون أن يتم الكشف عن الجناة أو محاسبتهم. هذا العجز الأمني ليس صدفة، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى إبقاء الوادي في حالة من الفوضى الدائمة لتبرير استمرار وجود هذه القوات. إن المطالب الشعبية والقبلية والسياسية المتكررة، والتي توجت في "لقاء حضرموت العام (حرو)"، برحيل هذه القوات ليست مجرد رد فعل غاضب، بل هي نتيجة طبيعية ومنطقية لعقود من القمع والفساد والخذلان، وتأكيد مطلق على أن أبناء حضرموت، ممثلين في قوات النخبة الحضرمية، هم الأحق والأقدر على حماية أرضهم وتأمين مستقبلهم.


*منفذ الوديعة يُستنزف لصالح قوى النفوذ


يعتبر منفذ الوديعة الحدودي مع المملكة العربية السعودية شرياناً اقتصادياً استراتيجياً ليس لحضرموت فحسب، بل للجنوب بأكمله. في ظل انهيار مؤسسات الدولة وتوقف تصدير النفط والغاز، كان من المفترض أن تمثل إيرادات هذا المنفذ السيادي طوق نجاة للاقتصاد، ومورداً حيوياً لتمويل الخدمات الأساسية ودفع رواتب الموظفين. لكن الواقع المرير يكشف عن عملية نهب منظمة وسطو مسلح على هذه الإيرادات، تتم تحت حماية السلاح وبغطاء من "الشرعية" المختطفة. إن الأرقام، وإن كانت غير معلنة رسمياً بسبب التعتيم المتعمد، تشير إلى أن ما يتم نهبه يومياً من إيرادات جمركية وضريبية وغيرها يقدر بمليارات الريالات. هذه الأموال الطائلة، بدلاً من أن تورد إلى حساب البنك المركزي في العاصمة عدن كما تقضي القوانين، تذهب مباشرة إلى جيوب شبكة فساد متجذرة، تسيطر على كل صغيرة وكبيرة في المنفذ.

هذه الشبكة، التي يديرها ويحميها متنفذون عسكريون شماليون، حولت المنفذ إلى إقطاعية خاصة، تفرض رسوماً وجبايات غير قانونية على التجار والمغتربين والمسافرين، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف السلع وأثقل كاهل المواطن. إن حرمان حضرموت والجنوب من هذه الموارد الهائلة هو جريمة اقتصادية متكاملة الأركان. هذه المليارات المنهوبة كانت كفيلة بإنهاء أزمة الكهرباء الخانقة التي تعيشها مدن الوادي والساحل، وكانت قادرة على ضمان انتظام دفع مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين، وتمويل مشاريع حيوية في قطاعات الصحة والتعليم والمياه. إن استمرار هذا الوضع الكارثي لا يعني فقط استمرار معاناة الناس، بل هو تقويض متعمد لأسس الدولة ومحاولة لإبقاء الجنوب في حالة دائمة من العوز والتبعية. لذلك، فإن مطلب تحرير المنفذ من قبضة هذه العصابات وتسليمه لإدارة جنوبية نزيهة من أبناء حضرموت هو مطلب اقتصادي وإنساني وسيادي لا يمكن التنازل عنه.



*هاشم الأحمر اداة الفساد المنظم


عند الحديث عن الفساد والنهب في منفذ الوديعة، يبرز اسم اللواء هاشم الأحمر، قائد اللواء 141 مشاة، كرمز لهذه الهيمنة غير الشرعية.


سيطرة الأحمر ورجاله على المنفذ لا تستند إلى أي قرار جمهوري أو تكليف قانوني، بل هي نتاج منطق القوة والنفوذ الذي أرسته منظومة صنعاء منذ احتلال الجنوب. لقد استغل الأحمر الفوضى التي خلفتها الحرب لينشئ سلطة موازية داخل المنفذ، تأتمر بأمره وتخدم مصالحه الشخصية ومصالح شبكته الواسعة. هذه السيطرة ليست مجرد تجاوز إداري، بل هي تجسيد حي لمنطق "الغنائم" الذي تعاملت به قوى الشمال مع الجنوب، حيث يُنظر إلى مؤسسات الدولة ومواردها كملكيات خاصة للمتنفذين.

إن وجود قوات تابعة لهاشم الأحمر تسيطر على أهم مرفق اقتصادي في حضرموت هو إهانة مباشرة للدولة ولأبناء حضرموت. هذه القوات لا تتبع التسلسل القيادي الرسمي لوزارة الدفاع أو الداخلية، بل تعمل كمليشيا خاصة تحمي مصالح شيخ قبلي وقائد عسكري متنفذ. لقد كشفت العديد من التقارير عن إنشاء "مكاتب" خاصة في المنفذ تابعة لهذه الشبكة، تقوم بفرض رسوم موازية على كل شاحنة وبضاعة تمر عبر المنفذ، وتتحكم في حركة التجارة بما يخدم مصالح تجار معينين مرتبطين بها. هذا الوضع لم يؤد فقط إلى نهب الإيرادات العامة، بل خلق أيضاً بيئة طاردة للاستثمار والتجارة النزيهة.

يظل مطلب إنهاء سيطرة هاشم الأحمر على المنفذ ليس مطلباً شخصياً، بل هو مطلب لتفكيك منظومة الفساد العميق التي يمثلها، وهو خطوة لا غنى عنها لاستعادة سيادة الدولة والقانون، وتأكيد على أن حضرموت والجنوب لن يقبلا بأن تكون مقدراتهما أداة لإثراء أمراء الحرب والفاسدين.



*محاولة اغتيال بن حبيش


لم تكن محاولة الاغتيال الآثمة والجبانة التي استهدفت مدير عام جمرك منفذ الوديعة، الشيخ عامر بن حبيش الصيعري، في أكتوبر 2025، مجرد حادثة أمنية عابرة أو جنائية.
بل كانت رسالة دموية واضحة من قوى الفساد والنهب، مفادها أنها مستعدة لاستخدام العنف والإرهاب لحماية مكتسباتها غير الشرعية وسلطتها الغاشمة.
جاء هذا الهجوم الإجرامي، الذي نفذه مسلحون مرتبطون بشكل مباشر بشبكة هاشم الأحمر، كرد فعل مباشر على الخطوات الإصلاحية التي بدأها الشيخ بن حبيش، والتي كانت تهدف إلى ضبط الإيرادات ومكافحة التهريب والفساد، والأهم من ذلك، الاستجابة للتوجيهات الحكومية بتوريد كافة إيرادات المنفذ إلى البنك المركزي في العاصمة عدن.
هذه المحاولة كشفت عن الوجه الحقيقي الإجرامي للقوى التي تسيطر على المنفذ؛ فهي ليست مجرد شبكات فساد مالي، بل هي عصابات مسلحة لا تتورع عن سفك الدماء لإبقاء "البقرة الحلوب" تحت سيطرتها. إن استهداف رجل دولة معروف بنزاهته وحرصه على المال العام هو استهداف لمشروع الدولة نفسه، ومحاولة لإرهاب كل صوت شريف يسعى للإصلاح. هذه الجريمة النكراء لا يمكن أن تمر دون حساب.


والضرورة تستدعي وبشكل عاجل فتح تحقيق شفاف ومستقل، ليس فقط للقبض على المنفذين المباشرين، بل لكشف ومحاسبة من خطط وأمر وموّل هذه العملية، وعلى رأسهم الجهات المتضررة من إجراءات ضبط الإيرادات. كما تؤكد هذه الحادثة بشكل قاطع على حتمية وضرورة طرد هذه المليشيات الإجرامية من المنفذ بشكل كامل، وتسليم أمنه لقوات النخبة الحضرمية، لضمان حماية رجال الدولة الشرفاء وتمكينهم من أداء واجبهم دون خوف أو تهديد.



*موقف جنوبي


في خضم معركة حضرموت العادلة لاستعادة حقوقها، لم تكن وحيدة.


فقد وجد أبناء حضرموت في المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، سنداً قوياً وحليفاً استراتيجياً. فمنذ اللحظة الأولى لتأسيسه، وضع المجلس الانتقالي قضية تحرير وادي وصحراء حضرموت على رأس أولوياته الوطنية، إيماناً منه بأن حضرموت هي العمق الاستراتيجي للجنوب، وأن أمنها واستقرارها وسيادتها على أرضها وثرواتها هي جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار وسيادة الجنوب بأكمله. هذا الموقف لم يكن مجرد تصريحات إعلامية، بل ترجم إلى دعم سياسي ودبلوماسي وشعبي متواصل.

لقد شدد الرئيس الزُبيدي في كل المحافل الإقليمية والدولية، وفي لقاءاته المستمرة مع قيادات حضرموت السياسية والقبلية والمجتمعية، على ضرورة تنفيذ "اتفاق الرياض" بشقه العسكري، والذي ينص بوضوح على نقل القوات العسكرية من المدن الرئيسية، وفي مقدمتها قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، وإحلال قوات الأمن المحلية المتمثلة في النخبة الحضرمية.

هذا الموقف الثابت من قيادة المجلس الانتقالي أعطى زخماً كبيراً للحراك الشعبي في حضرموت، وعزز من صمود أبنائها في وجه آلة القمع والترهيب. إن الدعم الجنوبي لمطالب حضرموت يعكس وحدة الهدف والمصير، ويؤكد على حقيقة تاريخية وجغرافية راسخة: حضرموت كانت وستبقى قلب الجنوب النابض، وخيارها الأوحد هو استعادة دولة الجنوب الفيدرالية التي تضمن لكل أبنائها إدارة شؤونهم بأنفسهم في ظل نظام عادل وشفاف.

هذا التلاحم بين حضرموت وقيادة المشروع الوطني الجنوبي هو الضمانة الحقيقية لتحقيق النصر وإنهاء الاحتلال.



*خيار النخبة الحضرمية


في مقابل الصورة القاتمة للفشل الأمني والفساد التي تمثلها المنطقة العسكرية الأولى، تبرز قصة نجاح باهرة ومصدر فخر لكل أبناء حضرموت والجنوب: قوات النخبة الحضرمية.
هذه القوات، التي تشكلت من خيرة شباب حضرموت، وبدعم سخي وتدريب عالي المستوى من الأشقاء في التحالف العربي، وتحديداً دولة الإمارات العربية المتحدة، قدمت نموذجاً فريداً في بناء قوة أمنية وطنية فعالة وموثوقة. ففي 24 أبريل 2016، تمكنت هذه القوات في عملية خاطفة ومحكمة من تحرير مدينة المكلا وساحل حضرموت بأكمله من قبضة تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي كان قد حول المدينة إلى إحدى أكبر إماراته في شبه الجزيرة العربية.
لم تكتفِ النخبة الحضرمية بالتحرير، بل نجحت في تثبيت الأمن والاستقرار في منطقة شاسعة ومعقدة، وطاردت فلول الإرهاب في الجبال والأودية، وأعادت الحياة إلى طبيعتها في مدن الساحل. هذا النجاح لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة لعدة عوامل رئيسية:
أولاً، أن هذه القوات تنتمي إلى الأرض التي تحميها، مما يمنحها الحاضنة الشعبية والمعرفة الدقيقة بالجغرافيا والتفاصيل الاجتماعية.
ثانياً، العقيدة القتالية لهذه القوات مبنية على حماية أهلها وأرضها، وليس على الولاءات الشخصية أو الحزبية الضيقة. ثالثاً، الدعم والتدريب الحديث الذي تلقته جعلها قوة احترافية قادرة على التعامل مع أعقد التحديات الأمنية.
هذا السجل الحافل بالنجاحات يجعل من قوات النخبة الحضرمية الخيار الطبيعي والمنطقي والوحيد لتولي المسؤولية الأمنية في وادي وصحراء حضرموت. إن مطلب إحلالها بدلاً من قوات الاحتلال الشمالية ليس مجرد رغبة في التغيير، بل هو مطلب قائم على التجربة والبرهان، وهو الضمانة الوحيدة لإنهاء الفوضى، وتجفيف منابع الإرهاب، وبسط سيادة الدولة والقانون على كل شبر من تراب حضرموت.


*انتهاكات ممنهجة


إن مأساة وادي حضرموت تحت سيطرة المنطقة العسكرية الأولى لا تقتصر على نهب الثروات والفشل الأمني، بل تمتد لتشمل سجلاً أسوداً من الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان.
هذا البعد الحقوقي والإنساني يكشف عن الطبيعة القمعية والاحتلالية لهذه القوات، التي تتعامل مع المواطنين بمنطق السيد والعبد. لقد وثقت المنظمات الحقوقية والمحلية العديد من هذه الانتهاكات التي أصبحت جزءاً من الحياة اليومية لأبناء الوادي.

من أبرز هذه الانتهاكات، القمع الوحشي للاحتجاجات السلمية التي خرج فيها المواطنون للمطالبة بالخدمات ورحيل هذه القوات، حيث تم استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى.

كما تمثل الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري للنشطاء السياسيين والإعلاميين الذين يجرؤون على انتقاد فساد هذه القوات ممارسة شائعة، حيث يتم احتجازهم في سجون غير قانونية دون أي مسوغ قانوني. بالإضافة إلى ذلك، فإن التواطؤ والتقاعس في التحقيق بجرائم الاغتيالات التي طالت المئات من الكوادر الحضرمية والجنوبية يثير شكوكاً جدية حول تورط جهات داخل هذه المنطقة في تسهيل عمل الخلايا الإرهابية أو غض الطرف عنها لتحقيق أهداف سياسية.

ولا يمكن إغفال الإذلال اليومي الذي يتعرض له المواطنون في النقاط العسكرية المنتشرة في كل مكان، والتي تحولت إلى مصادر للابتزاز المالي والتحرش.

الحرمان الممنهج من أبسط الحقوق الإنسانية - الحق في الحياة، والحق في التعبير، والحق في التنقل بأمان، والحق في الكرامة - يؤكد أن المعركة ليست فقط معركة سياسية أو اقتصادية، بل هي معركة من أجل استعادة الإنسانية والكرامة المسلوبة لأبناء حضرموت.



* مستقبل حضرموت



اليوم المعركة الدائرة على أرض حضرموت، والتي تتجسد في المطالبة بتحرير واديها واستعادة منفذها، هي في جوهرها معركة من أجل رسم ملامح المستقبل. إنها معركة بين مشروعين: مشروع استمرار الهيمنة والنهب والتبعية الذي تمثله قوى الاحتلال الشمالية، ومشروع الدولة والسيادة والتنمية الذي يتبناه أبناء حضرموت والجنوب.

ويعتبر تحرير منفذ الوديعة من قبضة الفاسدين وتسليمه لإدارة حضرمية جنوبية نزيهة، وتوريد إيراداته للبنك المركزي بعدن، ليس مجرد إجراء مالي، بل هو خطوة استراتيجية ستطلق العنان لطاقات حضرموت الكامنة. هذه المليارات المنهوبة ستتحول إلى وقود لتشغيل محطات الكهرباء المتهالكة، وستضمن دفع رواتب المعلمين والأطباء والجنود، وستتحول إلى مشاريع طرق ومدارس ومستشفيات.

إدارة حضرمية للمنفذ تعني الشفافية والمساءلة، وتوزيعاً عادلاً للثروة، وتوجيه الموارد نحو ما يخدم المواطن لا ما يملأ جيوب المتنفذين.

كما ان الاصطفاف الحضرمي الواسع وغير المسبوق الذي نشهده اليوم، من خلال الفعاليات الشعبية ومواقف القوى القبلية والسياسية، والوعي الشعبي المتنامي بخطورة ما يجري، كل ذلك مدعوماً بالموقف السياسي الصلب للمجلس الانتقالي الجنوبي، يبشر بأن نهاية هذا الاحتلال باتت أقرب من أي وقت مضى. وخيار حضرموت، الذي عبر عنه أبناؤها في مناسبات عدة، واضح ولا لبس فيه: هويتها جنوبية، ومستقبلها في إطار دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة التي تضمن لها إدارة شؤونها بنفسها.

مطلب تحرير وادي وصحراء حضرموت اليوم هو مطلب لا رجعة عنه، وهو حجر الزاوية في بناء مستقبل آمن ومزدهر لكل الجنوب.