منفذ الوديعة .. تحرير شريان حضرموت من قبضة الاحتلال
الأربعاء - 29 أكتوبر 2025 - الساعة 12:22 ص
4 مايو/ تقرير / رامي الردفاني
على امتداد الرمال الممتدة بين وادي حضرموت والحدود البرية مع المملكة العربية السعودية، يقف منفذ الوديعة التجاري كأحد أهم الشرايين الاقتصادية للجنوب، لكنه منذ سنوات يعيش واقعًا شاذا ، إذ تحول من بوابة سيادية يفترض أن تعود عائداتها لأبناء حضرموت والجنوب إلى إقطاع خاصٍ خاضعاً لسيطرة قوى نفوذ الاحتلال اليمني، يتصدرها هاشم الأحمر الذي يفرض قبضته على المنفذ باعتباره ملكية شخصية لا تمس.
أن ذلك المنفذ، الذي تمرّ عبره يومياً مئات الشاحنات المحمّلة بالبضائع، كان يفترض أن يكون عنواناً للتنمية والشفافية، لكنه بات نموذجاً للفساد المالي والإداري والنهب المنظم، حيث تذهب الإيرادات إلى جيوب المتنفذين في مأرب وشبكات مصالح حزبية وسياسية يمنية ، بينما تظل حضرموت صاحبة الأرض والمنفعة محرومة من أبسط حقوقها في العائدات والخدمات.
مصادر محلية تؤكد أن سيطرة هاشم الأحمر على المنفذ جاءت عبر شبكة من القيادات العسكرية التابعة لما يسمى بـ"المنطقة العسكرية الأولى والتي تتخذ من وادي حضرموت قاعدة لتمركزها منذ سنوات، رغم مطالبات أبناء حضرموت والمجلس الانتقالي الجنوبي المتكررة بإنهاء وجودها باعتباره احتلالًا غير مشروع.
ذلك النفوذ لم يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل امتد إلى الإدارة المدنية والمالية، حيث يتم جباية الرسوم دون توريدها للبنك المركزي في العاصمة عدن، في مخالفة صريحة للنظام المالي والإداري، الأمر الذي جعل المنفذ أشبه بـ"دولة داخل الدولة"، محمية بالمصالح والولاءات أكثر من القوانين.
في المقابل، تتعالى الأصوات الحضرمية والجنوبية اليوم، مطالبة بتسليم إدارة منفذ الوديعة إلى أبناء حضرموت باعتبار ذلك حقا سياديا لا يقبل المساومة.
ويؤكد ناشطون ومسؤولون جنوبيون أن إدارة حضرمية خالصة للمنفذ ستضمن الشفافية في توريد الإيرادات، وتوجيهها نحو الخدمات العامة والبنى التحتية، بدل أن تبقى رهينة في يد فئة محدودة تمارس نفوذها خارج الشرعية والقانون.
ويرى مراقبون أن هذا المطلب يتناغم مع رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، الذي شدد مراراً على ضرورة تحرير وادي وصحراء حضرموت من النفوذ العسكري للاحتلال اليمني، وتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم الأمنية والاقتصادية ضمن إطار الدولة الجنوبية الفيدرالية المنشودة.
ويشير مراقبون إلى أن استمرار سيطرة قوى الاحتلال اليمني على المنفذ يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي والاقتصادي للجنوب، ويمنح تلك القوى قدرة على خنق أي مشروع اقتصادي جنوبي مستقل.
في هذا السياق، تأتي محاولة اغتيال القيادي الحضرمي عامر بن حبيش الصيعري لتكشف الوجه الخفي للصراع القائم على المصالح والنفوذ، ولتؤكد أن بقاء المنفذ تحت إدارة تلك القوى يعني استمرار الفوضى وغياب الأمن، وهو ما لم يعد أبناء حضرموت يقبلون به.
كما أن منفذ الوديعة يدرّ يومياً مليارات الريالات من الرسوم الجمركية والتجارية، إلا أن معظم تلك الأموال لا تُورد إلى الخزينة العامة، بل تذهب إلى حسابات وشبكات محسوبة على قوى النفوذ من أبناء الاحتلال اليمني .. وفي المقابل، تفتقر مديريات حضرموت إلى أبسط الخدمات: الكهرباء المتقطعة، الطرق المتهالكة، والمستشفيات الخالية من الأدوية وهو مشهد يختصر المأساة التي يعيشها السكان في ظل حرمانهم من مواردهم.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن تسليم إدارة المنفذ لأبناء حضرموت وتوريد عائداته للبنك المركزي بعدن كفيل بإحداث تحول اقتصادي ملموس، يمكن من خلاله تمويل مشاريع الطاقة، وسداد مرتبات القطاع العام، وتحريك عجلة التنمية المتوقفة منذ سنوات.
وفي سياق ذلك تعيش محافظة حضرموت حالة وعي شعبي متنامية تدرك أن معركة المنفذ ليست معركة حدودية أو خدمية، بل هي معركة سيادة وكرامة وهو ومن الواضح أن الاصطفاف الحضرمي حول هذا المطلب العادل يتسق مع الإرادة الجنوبية العامة في استعادة السيطرة على الأرض والموارد.
كما ان المجلس الانتقالي الجنوبي، من جانبه، جدد في أكثر من مناسبة دعمه الكامل لأبناء حضرموت في مطالبهم، مؤكدا أن تحرير وادي وصحراء حضرموت وتسليم إدارة المنافذ لأبنائها يمثل خطوة أساسية في طريق استعادة الدولة الجنوبية.
اهم الاخبار - صحيفة 4 مايو الالكترونية