رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



اخبار وتقارير

السبت - 22 فبراير 2020 - الساعة 12:34 ص بتوقيت عدن ،،،

"4 مايو" قراءة / د.يحيى مولى الدويلة:

عندما انسحب العثمانيون من اليمن عقب هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى 1918م زحفت جيوش قبائل حاشد وبكيل تحت راية الإمام يحيى حميد الدين نحو اليمن الأسفل (إب - تعز - الحديدة) ودمرت منازلهم فوق رؤوسهم ونشرت بينهم الرعب والخوف واقتلعت مشايخ ووجهاء هذه المناطق وجعلت أعزة أهلها أذلاء، والمحزن في الأمر أن مشايخ وأعيان تلك البلاد جميعهم قد أعلنوا ولاءهم للإمام ولم يظهروا أي شكل من أشكال التمرد والعصيان، بل على العكس أظهروا الخنوع والطاعة للإمام الجديد منذ الوهلة الأولى لتأسيس الدولة المتوكلية، وقد استخدم الدين غطاءً لهذه الغزوات والقداسة فأطلقوا على أنفسهم المجاهدين، فيما أطلقوا على المدافعين عن أرضهم وشرفهم بالفئة الباغية المارقة، وتم فتح هذه المناطق والهيمنة عليها ونهب ثرواتهم الزراعية والحيوانية والمنافذ البحرية والاستيلاء على الأراضي الخصبة وأخضعوا أهلها للقيام بأعمال مسخّرة لصالحهم واستولوا على مفاصل هذه البلاد الإدارية والحكم والقرار المحلي. ومن يومها وهذه المناطق تخضع خضوعاً كاملاً للنفوذ السياسي والاقتصادي والإداري للحكم الطائفي، وقد حاولت هذه الطائفة السيطرة على الجنوب العربي في السابق الذي اعتبرته جزءاً من أملاكها لا بد من استرداده والاستحواذ على ما يزخر به من ثروات ولكنها أقرت واعترفت باستقلاله عقب جلاء البريطانيين في 1967م مضطرة بسبب ظروف الحرب بين الملكيين والجمهوريين، لذلك فإن الحرب التي شنها الشمال ضد الجنوب 1994 كان في حقيقة الأمر التجسيد العملي لتلك الرؤية العدوانية التوسعية المستحكمة في عقول هذه الطائفة.

#تأخر تحرير تعز وعلاقة الإخوان بذلك
وجاءت الفرصة التاريخية الحاسمة لاسترداد الأرض والكرامة والاستقلال عن المركز الاستبدادي مع حرب 2015، فتمكن الجنوب من تحرير أرضه، غير أن مناطق اليمن الأسفل أخفقت في تحرير مناطقها من الهيمنة الطائفية. وهنا تبرز عدة أسئلة تفرض نفسها، منها: ما الأسباب الحقيقية التي تعيق الحسم في معركة تحرير تعز؟ وما دور الشرعية والتحالف في تحرير تعز؟ وما العوائق والعراقيل التي تقف وراء تنفيذ أي خطة للتحرير؟

تبرر النخب الإخوانية عدم الحسم في تحرير تعز تارة بافتقار القيادات العسكرية التي تتصدر المعركة في تعز للخبرة العسكرية اللازمة، وتارة تقول إن تأخر الحسم يعود إلى نقص الأسلحة والعتاد العسكري وكاسحات الألغام وعدم توفير الدعم الكافي للحسم، وأخيراً جاءتنا بعذر أقبح من ذنب، فقد نسبت كل هذا التقاعس إلى أن دول التحالف ليست جادة في حسم معركة التحرير وأنها مستفيدة من استمرار الحرب فيها لتحقيق مصالحها، وعندما يشارك التحالف في أي عملية عسكرية تأتينا بتعليلات مضحكة وهو أن هذه المشاركات للتغطية عن أحداث معينة مثل أحداث عدن أو لتمكين المحافظ الجديد، فدائماً ما تكون الأعذار جاهزة، وتستمر الأعذار لنتفاجأ بتصريح مسؤول عسكري رفيع المستوى ليقول لنا: إن تحرير تعز ليس من مسؤولية الجيش بل هو من مسؤولية التحالف فقط ليخلي مسؤولية الجيش عن هذه المهمة.

#عرقلة الإخوان لأي خطة لتحرير تعز
انقسمت ساحة الصراع في محافظة تعز بين تحالف التنظيم الوحدوي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني والمنشقين عن المؤتمر الشعبي العام من جهة والإخوان ومليشيات القاعدة وداعش من جهة أخرى، وكانت المجموعة الأولى تضغط بقوة نحو تحرير المدينة، والثانية كانت تعرقل أي جهود للتحرير، وكان التحالف يدعم الفريق الأول، بينما كانت قطر تدعم الفريق الثاني حتى أصبح كبح نفوذ الإخوان في المحافظة وبأي ثمن هو من أهم شروط التحرير لإفساح المجال أمام قوى التحرر للمواجهة مع الحوثيين وتحرير المحافظة. لكن السؤال المنطقي هنا: لماذا يحاول الإخوان تعطيل أي عملية عسكرية لتحرير تعز؟ لعل أول هذه الأسباب أن تحرير تعز يعني في الأساس التحرك نحو الشرق والشمال وإسقاط إب والتحرك غرباً وإسقاط الحديدة، وهذا سيمثل حصاراً حقيقياً لصنعاء وبالتالي إسقاط الانقلاب الحوثي، وهذا ما لا تريده جماعة الإخوان.

والسبب الثاني هو أن الإخوان لم يسعَ منذ البداية في بناء قوة مكافئة للحوثيين، فقد اعتمدت على الجماعات الإرهابية التي لم نرها في أي جبهة من الجبهات تدخل في مواجهة مع الحوثيين، إضافة إلى أن الإخوان تخلصوا من القيادات العسكرية المحترفة وحلت محلهم بعض الأئمة ودعاة الدين والمتطرفين لقيادة الألوية العسكرية، وهم لا يفقهون في العسكرة وعلومها.
أما السبب الثالث فهو أن الإخوان ظلوا يعارضون تعيينات المحافظين غير المناصرين لهم، بل يحاربونهم ويسببون لهم الفوضى الأمنية في المدينة.

كل هذه الأسباب تؤكد فيما لا يدع مجالاً للشك أن الإخوان لم يكن في نيتهم تحرير تعز في يومٍ من الأيام، حتى تبقى تعز في حالة اقتتال دائم بين مكوناتها فتحريرها يعني في المقام الأول تحررها من الهيمنة الطائفية وفك أسرها واستعادة كبريائها.

#هل كانت هناك خطط للشرعية والتحالف لتحرير تعز؟
أراد الإخوان من معركة تعز الاستنزاف والابتزاز المالي من دول التحالف، ولذلك كان من الصعب إحراز أي تقدم في معركة التحرير؛ لأن نهاية الحرب معناه أن هذا الدعم المالي سيتوقف، لذلك فقد أجهض الإخوان أي خطة للتحرير، وقد كانت البداية من دولة الرئيس بحاح الذي كانت لديه خطة جاهزة لإطلاق عمليات عسكرية واسعة بهدف تحرير تعز، وكانت الخطة جاهزة للتنفيذ وبانتظار القرار السياسي، لكن هذا القرار لم يصدر بسبب عرقلة الإخوان لتنفيذها، بل أعلنت صراحة عدم رغبتها في تحرير تعز تحت راية بحاح، فهي لم تكن ترغب في إعطاء بحاح نصراً في المعركة، في حين هي عجزت عن تحقيقه.

وقد أعلن أيضاً محافظ تعز السابق أمين محمود عن عملية عسكرية واسعة لاستكمال تحرير المدينة وكسر الحصار المفروض عليها منذ سنوات، وبالرغم من العمليات العسكرية والغارات الجوية للتحالف التي استهدفت عددًا من مواقع الحوثيين شمال وشرق المدينة، إلا أنه لم يسفر عن أي تقدم عسكري مهم لقوات الشرعية، وذلك لتقاعس الإخوان لتغطية المعركة البرية وأيضاً عدم السماح للآخرين بالمشاركة في التحرير.

وتوالت الإعلانات لمعارك وهمية غير جادة يستفيد منها الإخوان مادياً ولا ينفذها، لكن أغرب شيء في هذا الأمر هو إعلان الرئيس هادي إشرافه المباشر عن معركة تحرير تعز والتي وصفها ببوابة اليمن الكبرى ولكن الإخوان منعوه من ذلك وجاء أيضاً بعده بن دغر الذي اكتفى بإطلاق وصف مفتاح النصر على معركة تعز. لكن الإخوان في كل مرة لم يكونوا يرغبون أو يسمحون بأي مشاركة لأي فصيل حتى ولوكان رأس الدولة فهم يعتبرون تعز معقلهم لا يشاركهم فيها أحد وهم في واقع الأمر لا يريدون لها أن تتحرر.

#دور إماراتي عظيم في تحرير أجزاء استراتيجية من تعز
عندما رأى التحالف، وتحديداً الإمارات، احتدام صراع الإرادات في ساحة الصراع في تعز، سارعت في تحرير المديريات الغربية لمحافظة تعز، وهي منطقة ذات طبيعة استراتيجية مهمة، وكانت منطقة نفوذ لأمراء الحروب، وقد ارتبطت بالتهريب طيلة العقود الماضية من حكم صالح وكبار قادة الجيش من ذوي القرابة الأسرية لصالح أو المنتمين إلى بيت الأحمر في سنحان، لذلك كان فصل الساحل الغربي عن نفوذ الحوثيين هو أول خطوة قامت بها الإمارات بمساعدة قوات المقاومة الجنوبية، وذلك حتى تنهي مخاوف الدول الغربية على الملاحة الدولية وبقاءها بعيدة عن النفوذ الإيراني، فلو اعتمدت الإمارات على مساعدة الإخوان في تحرير الساحل لوقعت في فخ الإخوان ودوامة المماطلة والتبريرات الساذجة. ومع ذلك كل هذه الإنجازات لا يرى فيها الإخوان سوى اتهام للإمارات بالأطماع لاحتلال الجزر والموانئ والمنافذ البحرية. لذلك عندما قدمت الإمارات خطة لتحرير ما تبقى من تعز واقترحت تشكيل حزام أمني لتعز أسوة ببقية المناطق المحررة لم يرق الأمر للإخوان تحت مبرر التشكيك بنوايا الإمارات في تحرير تعز، وللأسف هذه الأفكار الساذجة استطاع الإخوان زرعها في وعي ووجدان بعض النخب من أبناء تعز والتي تقوم بالترويج لها في وسائل الإعلام، ولم يكن الهدف من ذلك سوى منع أي تحرير لهذه المدينة.

وأغرب تصريح في هذا الأمر هو ما صرح به الرئيس هادي مرة في مقابلة مع صحيفة القدس العربي، وهو أن ما يعوق تقدم المعارك في تعز هو رغبة بعض الأطراف في أن يحسب إحراز أي تقدم عسكري على مكونات سياسية وعسكرية؛ أي أن أي نصر للإمارات سيكون على حسابها، وهي في الوقت نفسه تتهم الإمارات بالخذلان، وهذا تناقض لا تفسير له سوى البحث عن مبررات لتعطيل عملية تحرير تعز، فلو كان في نيتها تحرير المحافظة لما كان همهما على يد من تتحرر المدينة، فالمهم هو الإنجاز وليس من يحققه.

#لماذا لا يعتمد الإخوان على قطر في تحرير تعز؟
وهنا يبرز سؤال منطقي: لماذا لا يعتمد الإخوان على قطر في التحرير طالما أنها تتشكك في أي جهة تحاول المساعدة في التحرير؟ الحقيقة إن قطر تدعم الإخوان ولكن في اتجاه آخر، لقد قامت بتجهيز جيش جرار قوامه 40 ألف مقاتل بقيادة الإخواني حمود المخلافي، ولكن ليس لتحرير تعز بل لتحرير عدن - المحررة - من أهلها، وهذا يكشف كذب وزيف ادعاءات الإخوان لتحرير تعز. إن استهداف تعز لا ينفصل من حيث دوافعه عن بقية الجبهات الرئيسية في مأرب والبيضاء والجوف، فكلها عينها على الجنوب وليس لديها أي نوايا جادة لإسقاط الانقلاب الحوثي.

لقد بات الأمر واضحاً فهناك مخطط إخواني لجعل تعز مسرح عمليات صراع طويل يتم من خلاله عدم سقوطها بيد الشرعية، فكلما صادفت أي قوى جادة تحاول تحرير تعز سواء كان محافظاً أو قادة عسكريين أو مكونات سياسية فنجدها تسارع في عرقلتها، ولعل آخرها ما أعلن عنه الشهيد عدنان الحمادي الذي كانت لديه خطة متكاملة لتحرير تعز يسانده طيران التحالف ولكن جماعة الإخوان سارعت في اغتياله والتخلص منه وكان ذلك دليل دامغ على رفض الإخوان لأي عملية تحرير لتعز.

إن تحرير تعز بات مرتبطاً بالتغييرات الجيوسياسية على مستوى اليمن، بحيث يتم تسليم تعز للحوثيين وبالتالي الحفاظ على مناطق اليمن الأسفل تحت النفوذ الزيدي وعودة دولة الشمال المتوكلية (السلالية) وإسقاط الجمهورية، وستعود السيطرة على اليمن الأسفل من جديد وإلى الأبد.