4 مايو / تقرير خاص
هناك مقولة سائدة في مجتمعنا فيما يتعلق بثقافة "غلاء الأسعار" عبر المراحل السابقة مفادها (ما ارتفع، لن ينخفض)، وقد تلامس تلك المقولة حياض الحقيقة ولو إلى مدى معين، لكن من المعروف أن ارتفاع الأسعار خلال المراحل السابقة كان يتم على مراحل زمنية متباعدة وبمستوى مقبول نسبيا.. لكن خلال هذه المرحلة الحالية وبسبب تدهور سعر الريال المفاجئ وارتفاع سعر النقد الأجنبي بشكل قياسي غير مسبوق، أدى إلى ارتفاع مستوى أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من الضعف في كل سلعة.
تراجع ملحوظ
فبعد أكثر من ثلاث سنوات على التحرير، تراجع في عدن المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطن، ناهيك عن غياب الخدمات الأساسية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانعدامها أحيانا كثيرة؛ كذلك ارتفاع أسعار صرف العملات مقابل الريال اليمني ساعد في ارتفاع مهول للمواد الغذائية.
وأصبحت عدن تشهد حربا من نوع آخر أشد ضراوة من أختها في (٢٠١٥م)؛ ولكن اللاعبين فيها مختلفون، فالوضع المعيشي وتدهور الخدمات هو من مهام الحكومة، لكن غياب الإدارة والتخطيط في مؤسسات الدولة التي تقدم خدمات للمواطن وانتشار الفساد فيها، وصمت الدولة عما يحدث في عدن مخزٍ جدا، قابله حالة غضب وامتعاض شديدين للمواطن البسيط الذي جل همه العيش بكرامة.
غياب وافتقار
فافتقار الدولة للتخطيط الإداري الذي ينتشل مؤسساتها من وضعها المزري، وغياب الخبرات والكفاءات الوطنية ساعد في تردي الأوضاع وتراجعها.
وحول هذه النقطة يقول أحد المواطنين: "إن الأوضاع المعيشية متعبة ومرهقة، أضرت أهالي عدن أكثر مما أفادتهم".. مؤكدا: "إن غياب الحكومة، هو جزء من هذا التدهور الذي تتحمل مسؤوليته بشكل كبير".
وأشار: "يوجد لدينا ثروات، ولدينا الأرض الزراعية والبحر، وكذا المناخات المتعددة التي لا توجد في كثير من الدول، لذا إذا توفرت الإرادة الحقيقية؛ ستكون عدن أفضل مما كانت عليه في خليجي عشرين (أنموذجا)؛ لأن في تلك الفترة تغلبت الإرادة التي هي عبارة عن مجموعة إيرادات يمثلها رجل في إرادة واحدة لتنفيذ مشروع معين".
انخفاض متذبذب
رغم أن مرحلة ارتفاع سعر الصرف تلاها انخفاض ولو متذبذباً، إلا أن التجار استغلوا غياب دور الرقابة وموقف المواطن المتخاذل، ولم يخفضوا سعر بضائعهم إلا بمستوى ضئيل لم يتجاوز بضع مئات من الريالات في كل سلعة من السلع الغذائية الهامة كـ(الدقيق والأرز)، أما بقية المواد الصغرى كـ(الألبان) لازالت كما كانت تقف عند مستوى الارتفاع الأول، إن لم تكن مرشحة للارتفاع إلى مستويات قياسية بحكم انعدامها من الأسواق حاليا.
وحول هذه الجزئية أوضح العم/ صالح: "يعيش المواطن منذ التحرير أسوأ فترة؛ فيها انحطاط ثقافي وأخلاقي، وبين واقع انخفضت فيه شروط البقاء الإنساني، وحكومة فاسدة تنهب وتأكل الأخضر واليابس دون حسيب ولا رقيب، ومرتزقة بلاطجة بأسماء مختلفة تقوم بحمايتها تموت يوميا من التخمة".
موقف متهاون
ومع الموقف المتهاون للمواطن رغم معاناته، والذي لم يكن من عادته، فقد تعودنا رفضه لأي إجراءات أو جرع سعرية أبان المراحل السابقة وتحديداً ما بين الفترة الممتدة من بعد حرب (صيف 94م إلى ما قبل عام2011م)، حيث كان لا يكف عن الاحتجاج وتنظيم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية برغم ما كان يتعرض له من قمع وتنكيل من قبل أذرع النظام السابق العسكرية والأمنية.
وهنا تقول الخالة/ زهرة: "إن البشر مختلفون في رؤيتهم للحياة وفي إدارة شئونهم الخاصة، وحتى في قضايا بلدانهم المصيرية ومصالحهم، وفي هذا السياق ينبغي إدراك أن الشعب اليمني – مثل غيره – ليس كتلة صماء شديدة التماسك، بل إن بداخله مسامات وشقوق ممتلئة بالهواء والفراغ، وبالهوى والأهواء المختلفة والمتقلبة نتيجة الصراعات السابقة والمناطقية المقيتة، واختلاف الثقافات، وعدم الوعي الكامل بالهوية وتفاوت المصالح".
الغلاء وشهر رمضان
إن غلاء الأسعار اليوم في مجتمعنا اليمني يشكل خطراً كبيراً على أبناء الشعب ويحبط كل آمالهم وأحلامهم وأفكارهم الواعية التي يسعون بها لإعادة الفكر والبناء وارتقاء الوطن بشكل عام.. ومع قدوم شهر رمضان المبارك فإننا نتفاجأ برفع الأسعار بصورة غير متوقعه وكل الذين هم يعانون من رفع الأسعار سابقاً فإنهم اليوم لا يستطيعون شراء ولو شيئاً بسيطاً من مواد ومتطلبات شهر رمضان المبارك القادم.
واقع اقتصادي مؤسف
عدن اليوم تعيش واقعا اقتصاديا مؤسفا جداً، بسبب رفع الأسعار وعدم وجود الحكومة ومعالجتها لهذه الإشكالية التي يعاني منها أبناء عدن بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.. فارتفاع الأسعار اليوم في عدن قد تجاوزت كل الأسعار المرتفعة في أنحاء بلدان العالم، حتى أضحى واقعنا مؤسف ويرثى إليه، ونتيجة ذلك أصبح جميع أبناء عدن يعانون من ارتفاع الأسعار ماعدا أهل الرفاهية فإنهم لا يدركون أهميتها سواء إنها ارتفعت أم انخفضت؛ لأنهم يعيشون على حساب غيرهم، أما المواطن ذو الدخل البسيط الذي يجد قوت يومه بصعوبة لابد أن يتجرع ويتذوق الصعاب والمشقة ليوفر لقمة العيش لأسرته في هذه الحياة غير العادلة مع البعض.
العديد من المساعدات
وفي خضم هذا الارتفاع المتواصل للدولار وكذا الريال السعودي، طفت على السطح العديد من المساعدات التي قدمتها دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية، حيث قامت برفد البنك المركزي اليمني بمليارات الدولارات؛ وذلك للحد من انهيار العملة. كما أبدت مؤخرا الكويت استعدادها لرفد البنك بـ(5 مليار دولار)، في حين رفدت "دولة قطر" للبنك المركزي اليمني (3 مليار) ليست كوديعة؛ وإنما كمنحة لمساعدة الشعب اليمني وقد أقرت اللجنة الاقتصادية بعد دخولها في حساب البنك، على إعادة النظر في سعر الدولار إلى (322) بعدما كان قد تجاوز الـ(595)، وفي هذا الصدد تقول الأخت/ لمياء: "رغم كل تلك المبالغ التي يتم رفدها للبنك؛ إلا إنه للأسف يتم بها دعم السرق الذين في الحكومة – حد وصفها، وواصلت بنبرة يملؤها الحزن - خلاص.. شكرا لهم، ما عاد نشتي دعم، كل ما قالوا دعم زاد ارتفع الدولار!".
غياب متعمد
سكوت متطاول وصمت مقهر وغياب متعمد من قبل الدولة على ظاهرة ارتفاع الأسعار، فهل لهذا الشعب من منقذ يتبنى هذه الظاهرة ويغيرها على حسب احتياجات المواطن، أم أن هذا الشعب سيموت قهراً من تلك العوائق المتعمدة على المواطن العادي؟